توقعات قاتمة للجيل المقبل

بقلم كابي طبراني

كشفت المحادثات المناخية الأخيرة التي إستغرقت أسبوعين في مدينة بون الإلمانية عن حقيقةٍ مُخيِّبةٍ للآمال: من المتوقع أن تَسخُن الكرة الأرضية 3 درجات مئوية على الأقل في هذا القرن، وهو أعلى بكثير من هدف الدرجتين المئويتين، وأقل من ذلك لاحقاً، الذي دعا إليه وأمل به إتفاق باريس، الذي ضمّ 196 دولة، في 2015 إذا أرادت البشرية وقف تغيّر المناخ ومنع إستضافة التداعيات السلبية المصاحبة له.
أحد البلدان الذي إعترف بأنه لن يتمكن من تحقيق الأهداف التي وضعها لنفسه لخفض إنبعاثات غازات الدفيئة بحلول العام 2020 بسبب إستمرار إعتماده على طاقة الفحم كان إلمانيا. ولكن غالبية البلدان المشاركة في مؤتمر بون إعترفت بأن العالم ما زال عاجزاً عن منع الإحترار العالمي الخطير في العقود المقبلة.
إنها خيبة أمل حقيقية!
يتفق العلماء في جميع أنحاء العالم على أن إنبعاثات ثاني أوكسيد الكربون العالمية من الأنشطة البشرية، التي تُقدَّر ب41 مليار طن لعام 2017، لا تزال ترتفع بعد توقف دام ثلاث سنوات، وهذا يشكل “قفزة عملاقة إلى الوراء للبشرية”.
يلعب حرق النفط والغاز، وخصوصاً الفحم، لتشغيل وتفعيل الإقتصاد العالمي، بالإضافة إلى إزالة الغابات، دوراً حاسماً في إرتفاع درجة حرارة الأرض – وإذابة الصفائح الجليدية في غرينلاند والقارة المتجمدة في القطب الجنوبي “أنتاركتيكا”، التي ترفع مياه البحار إلى مستويات خطيرة – الأمر الذي يؤدي إلى موجات حرارية وموجات جفاف أكثر تطرفاً.
إن الدول المساهمة الرئيسية في هذه الحالة المثيرة للقلق هي الصين، التي تمثّل وحدها نحو 30 في المئة من التلوث الكربوني العالمي، والولايات المتحدة، والإتحاد الأوروبي، والهند.
ومع خروج أميركا من إتفاق باريس ورفع رئيسها دونالد ترامب القيود عن إستخدام الفحم لتوليد الطاقة – لأول مرة منذ خمس سنوات، فمن المتوقع أن يرتفع إستخدام الفحم الأميركي بشكل كبير – ومع ترك إتفاق باريس التعهدات بتخفيض إنبعاثات الكربون طوعية في العالم حيث يقرّ ويعترف في كثير من الحالات بأن التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة يتطلب مناقشات جادة وإرادة قوية من جانب واضعي السياسات، فإن المستقبل لا يبدو مشجعاً.
يقول الخبراء إن الاقتصاد العالمي لا يتحوّل بالسرعة الكافية من الوقود الأحفوري إلى طاقة منخفضة الكربون أو من دون كربون. ففي حين زادت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بنسبة 14 في المئة سنوياً منذ العام 2012، فإنها لا تزال تمثل أقل من 4 في المئة فقط من الاستهلاك العالمي للطاقة.
الآن تقول الوكالة الدولية للطاقة إن التحوّل من الطاقة القذرة إلى الطاقة النظيفة قد تباطأ بسبب دعم النفط والغاز والفحم الذي تجاوز 320 مليون دولار في العام 2015. وإذا تم تحويل كل هذه الأموال لدعم الطاقة النظيفة، بعيداً من السياسات الشعبوية التي ستثبت في النهاية فشلها، فسوف نترك إرثاً أفضل للأجيال المقبلة.
يقول علماء المناخ أنه من أجل الحفاظ على الإحترار أقل من 2 درجتين مئويتين، فإن الإنبعاثات العالمية، التي من المتوقع أن تصل إلى ذروتها في السنوات القليلة المقبلة، يجب أن تُخفَّض بمقدار النصف كل عقد لتصل إلى الصفر بحلول منتصف القرن. وهذا هو الهدف الذي قد يصعب الوصول إليه، من التطلع إلى الأشياء وما يحصل حتى الآن.
إذا لم تلتزم البشرية بإتخاذ تدابير جدية للحد من إستخدام الوقود الأحفوري، وربما بالتخلي عنه تماماً، فقد نترك وراءنا كوكباً محروقاً لا يُمكن العيش عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى