غرائب وعجائب مواقع التواصل الاجتماعي

على الرغم من أن مواقع التواصل الإجتماعي تحوّلت إلى إعلام جماهيري يُعبّر من خلاله الجمهور عن آرائه بحرية من دون رادع أخلاقي أو إجتماعي في بعض الأحيان، فهناك مفارقات وفكاهات تنشر عليها تافهة في أكثر الأحيان تثير السخرية وتطرح الف سؤال..

تويتر: التواصل عليه سياسي أكثر منه إجتماعي

لندن – نهاد بدر*

من أهم ثمرات النهضة العلمية والتكنولوجية المعاصرة هي إستخدام مواقع التواصل الإجتماعي التي استحوذت على إهتمام الناس صغيرهم وكبيرهم، فقيرهم قبل غنيّهم، وقد أصبحت للجميع تقريباً إطلالة على هذه المواقع حيث أنها باتت تشكّل السمة الشخصية للفرد عند تحليل شخصيته.
أتساءل كثيراً وأندهش عندما إدخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي وأرى الناس يكتبون ويُعبّرون عمّا في داخلهم من أفراح وأحزان والبعض منها يستدعي وقفة تامل. من تلك الاشياء التي أتوقف عندها هي أن مواقع التواصل الإجتماعي وبالأخص موقع “فايسبوك” أصبح وسيلة أو مرسالاً بين الإنسان وربه، فترى الناس يدعون الله ليلاً ونهاراً عبر كتابة “بوستات” يطلبون فيها ان يُخفّف الله عليهم أوجاعهم أو مرضهم، أو أن يزيل همّهم أو يُنجِحهم في حياتهم، كما يطلبون من الأعضاء المُضافين على حسابهم (الأصدقاء) أن يدعون لهم او لهن بالخير. أتخيل أن الإنسان بمجرد إنتهائه من الصلاة، وبدلاً من رفع يداه للدعاء، يقوم يفتح حساب موقع التواصل الخاص به وكتابة الأدعية الي الله.
بغض النظر عن حكم هذا الدعاء من خلال التواصل الاجتماعي فإني أرى جزءاً غير كامل منه وشخصياً غير مقتنع به بما يحمل من أفكار ويكشف ضعف الانسان في أشياء تعود إلى الانسان وربه.
في جهة مختلفة من فكاهات إستخدام التواصل الإجتماعي هي من يقوم بتصوير مائدة الطعام بما تحتوي من أصناف متعددة بكل ما تشتهي الانفس، ويقوم بالتعليق على الصورة ب “تفضّلوا”، ولا أدري كيف نتفضّل، هل من خلال لعق الصور؟ هل هذا نوع من الكرم؟ وهل هذا هو المُراد من الصور أم أن هناك اشياء اخرى؟ نسينا أن هناك أشخاصاً غير قادرين على شراء أو أكل ما تم تصويره وإعلانه، وللأسف تزداد هذه الظاهرة في شهر رمضان من دون مراعاة للفقراء ولحرمة الشهر الذي يُنادي بالتعفف.
يستمر إستخدام مواقع التواصل بما يحلو لكل شخص ليعبّر عن نفسية كل مستخدم، فنلاحظ ان بعض الأشخاص يقوم بالتحديث التدريجي لبوستاته التي تتحدث عن ظروفه. فمثلاً في حال السفر يقوم الشخص بالإعلان أنه في طريقه للسفر، وبمجرد وصوله إلى المطار يقوم بتحديث البوست أنه وصل إلى المطار وينتظر حالياً إقلاع الطائرة وهو جالس في قاعة رجال الاعمال، وبمجرد وصوله الي الجهة المقصودة يُحدّثنا بوصوله، ومن ثم ينشر بعض الصور وهو في الفندق وربما خلال العشاء كأننا نتابع مسلسل يريد بطله إظهار كم هو مهم ومشغول.
لم تعد هناك خصوصيات او حرمة للبيوت حيث أن كل شي يُنشر. ومن أغرب الأشياء التى قرأتها على موقع التواصل الاجتماعي وهي عن صديق دكتور في جامعة يضع صورة “عطور” لي على ال”فايسبوك” ويعلق كاتباً: “هذه هدية زوجتي في عيد ميلادها وسافاجئها بها الليلة”.
أما من أطرف المواقف التي حصلت فكانت في عيد الأم عندما قام أحد أصدقائي بكتابة “بوست” على “فايسبوك” الي أمه يقدم لها التهاني بعيد الأم، ولما سالته إن كانت أمه لديها حساب على “فايسبوك” حتى تتمكن من قراءة هذه التهنئة، فاجاب: لا!
قد يكون هذا الشخص هنأ والته من طريق “فايسبوك” مع علمه أنها لن تقرأها، ونسي ان يُهنّئها شخصياً بالطريقة المعتادة.
ظاهرة أخرى نلاحظها في إستخدام الأسماء المستعارة وفتح حساب على مواقع التواصل منها “الوردة الحمراء” و “جرح الزمن” و “العنكبوت” إنما تُعبّر عن خلل في شخصية هؤلاء الناس وبل تحتاج الى تحليل، فاذا كان الشخص الغامض لا يريد التعريف بنفسه لاسباب خاصة به فما الفائدة من عمل حساب والتواصل مع الاخرين وهو مجهول الهوية.
هذه بعض ما لاحظته من مفارقات وفكاهات في إستخدام المواقع الاجتماعية وما خفي كان اعظم. يبقى السؤال هل وجدت هذه المواقع للتضحية بالقيم والاخلاق والثوابت على حساب نزعات الهوى والعبث بمشاعر الناس.
اذاً هو فضاء مفتوح على مصراعية، الكل يُدلي بدلوه من دون رقيب او حسيب وتبقى القيم هي من تحدد لنا الطريق الامثل للاستفادة من هذا التطور وهذه النهضة.

• خبير إنترنت ومواقع إلكترونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى