متى نحمي أهل الصحافة؟

بقلم كابي طبراني

في العام 2013 لم تتبنَّ الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار الذي يُعلِن يوم 2 تشرين الثاني (نوفمبر) يوماً دولياً لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المُرتَكَبة ضد الصحافيين من دون سبب.
ويبدو أن إستهداف الصحافيين قد إنتشر في أجزاء كثيرة من العالم؛ وهو يأخذ شكل قتلٍ أو سجنٍ أو إسكاتٍ أو خطفٍ لمنعهم من أداء واجبهم، وهو معرفة الحقيقة، والإبلاغ عن الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان أو كشف القضايا ذات المصلحة العامة، بما فيها الفساد والتقصير في القيام بالواجبات، من بين أمور أخرى.
إن الصحافيين هم جزء من خط الدفاع الأول ضد إنتهاكات حقوق الإنسان. فليس من المستغرب أن يُصبحوا هدفاً للقمع في البلدان التي لا يزال يتعيَّن أن تأخذ الديموقراطية وسيادة القانون فيها جذوراً عميقة.
ووفقاً لليونسكو، فقد قُتل 930 صحافياً على مدى السنوات ال11 الماضية لبحثهم عن المعلومات وتقديمهم الأخبار إلى الجمهور. وفي العام 2016، “أدانت اليونسكو مقتل 102 صحافياً وعاملاً في وسائط الإعلام ومن منتجي وسائل الإعلام الإجتماعية”. وفي العام 2012، “العام الأكثر دموية بالنسبة إلى الصحافيين، فقد تمّ إدانة 124 قضية”.
مما يُبعِث على القلق أيضاً هو أن أقل من واحدة من بين كل عشر حالات إعتداء على العاملين في وسائط الإعلام خلال العقد الماضي أُدين وعُوقب أصحابها؛ هذا الإفلات من العقاب، كما تقول اليونسكو، “يُشجع مرتكبي الجرائم، وفي الوقت نفسه له تأثير مدمر في المجتمع بما في ذلك في الصحافيين أنفسهم. وعدم المعاقبة تولّد الإفلات من العقاب وتُغذي حلقة شريرة”.
وأعرب المقررون الخاصون المعنيون بحالات الإعدام التعسفي والإعدام بإجراءات موجزة والإعدام خارج نطاق القضاء وعن حرية التعبير، عن أسفهم للإعتداءات الواسعة النطاق التي يتعرّض لها الصحافيون، وحثّوا الدول على إتخاذ إجراءات، ليس أقلها إنهاء إفلات مرتكبي الاعتداءات على الصحافيين من العقاب.
وقالوا أنه “حتى الآن فَقَدَ العالم هذا العام أكثر من 30 صحافياً فى هجمات مُستهدَفة. وبالإضافة إلى أخذ حياة الأشخاص وحرمان أفراد أسرهم من أحبائهم، فإن هذه الهجمات تهدف إلى تدمير دور الصحافة العامة التي تُعد ضرورية للمجتمع الديموقراطي”.
الواقع أن الصحافيين الذين يُشار إليهم، في كثير من الأحيان، إلى أنهم “المدافعون” عن حقوق الإنسان، يحتاجون أكثر من غيرهم حالياً إلى مزيد من الحماية. ومن دون عملهم، لن يتم الكشف عن العديد من الإنتهاكات الجسيمة.
يجب على الدول أن تسعى إلى ضمان سلامة الصحافيين من طريق تعزيز التشريعات المتعلقة بهم، وأن تجعل من أولئك الذين يستهدفونهم عبرة رادعة.
وعلى العاملين في مجال الإعلام، من ناحية أخرى، أن يسعوا إلى العمل بإستقامة ونزاهة، ومضاعفة التحقق من الوقائع قبل الإبلاغ، وإكتساب ثقة الجمهور، وليس خزيه.
من الناحية المثالية، تحتاج المجتمعات الوصول إلى حالةٍ حيث يكون هذا القرار الأممي ليس له معنى، ولكن هذا ليس من المرجح أن يحدث في أي وقت قريب وخصوصاً في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى