وأخيراً… المرأة السعودية ستقود السيارة في العام المقبل

بقلم كابي طبراني

ستتمكّن النساء في المملكة العربية السعودية قريباً من قيادة السيارة بعدما أصدر أخيراً الملك سلمان بن عبد العزيز مرسوماً يرفَع بموجبه الحظر عن ذلك والذي كان موضوع نقاش وجدال منذ عقود. إن خبر هذا القرار، الذي يُتوقّع أن يبدأ تنفيذه بحلول منتصف العام المقبل، قد ولّد، بشكل غير مفاجئ، عناوين رئيسية في جميع أنحاء العالم. ولكن رغم أهميته، فإنه ليس سوى جانب واحد من عملية إصلاح واسعة أشاد بها الإقتصاديون والمُعلّقون كنقطة تحوّل في مستقبل المملكة. وفي الآونة الأخيرة، عيّنت الرياض للمرة الأولى إمرأة كناطقة بإسمها في السفارة السعودية في واشنطن.
الواقع أن القرار الملكي السعودي بمنح المرأة في المملكة حق قيادة السيارة يُعتبر قفزة كبيرة ونوعية في الإتجاه الصحيح. وقد نُظِر إلى هذا المرسوم على أنه علامة إيجابية في المسيرة نحو تحقيق المساواة بين الجنسين، وسيُساعد المرأة على القيام بدور أكثر نشاطاً في بناء الدولة. كما أنه سيُمكّنها من تولي الوظائف والقيام بالمبادرات التي تتطلب حركة من دون إعاقة، الأمر الذي سيتيح للنساء فرصة المشاركة الكاملة في إقتصاد البلد وإزدهاره.
ليس من المستغرب أن الخبر، الذي أعلن عنه التلفزيون الحكومي السعودي مع الإعلام الغربي في وقت واحد، قد لقي الكثير من الترحيب والفرح والسعادة في داخل وخارج المملكة، ذلك أنه كان موضع نقاش حاد منذ فترة. وقد أشاد الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالقرار السعودي الذي إعتبره “خطوة ايجابية”.
في حين أن المملكة العربية السعودية لم تفرض حظراً رسمياً على قيادة المرأة للسيارة، فإن عدم إصدار إجازات وتراخيص القيادة كانت تعني أنه لا يمكن لأي امرأة أن تقود السيارة في المملكة. كل هذا من المقرر الآن أن يتغير بعد أشهر عندما يصبح المرسوم الملكي نافذاً.
وقد أثنى العديد من الناشطين بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (32 عاماً) الذي وعد في وقت سابق بإدخال التغيير الذي تشتد الحاجة اليه في قوانين قيادة السيارة في البلاد. وبناء على ذلك، تم تشكيل هيئة وزارية ستُقدِّم مشورتها إلى الحكومة خلال شهر، ثم يُنَفّذ الأمر الملكي بحلول حزيران (يونيو) المقبل.
تابعت السعودية على مدى عقود مسيرتها التدريجية نحو التحديث التي بدأها الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود في أواخر ستينات القرن الفائت. وقد شمل إصلاح الملك فيصل آنذاك التعليم وإتخاذ خطوات جريئة لتوسيع التمثيل السياسي التي أكملها الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بعد سنوات بإدخال المرأة إلى مجلس الشورى، وهو أعلى هيئة إستشارية في المملكة. وبعدها سُمِح للنساء بالترشح في إنتخابات المجالس البلدية في المملكة، مما بشّر ببداية جديدة.
وعندما تبوّأ الملك سلمان تابع مشروع التحديث. فمع إصدار أوامره إلى الوكالات الحكومية في العام الفائت بنشر قوائم الخدمات الرسمية التي يُمكن للمرأة الوصول إليها من دون الحاجة إلى موافقة ولي أمرها، فقد إتخذ الملك سلمان سلسلة من المبادرات الرامية إلى تحرير المرأة في المجتمع من حالة التبعية الإجتماعية والإقتصادية. وقد سُمح للنساء أخيراً بدخول الملعب الوطني في الرياض للإحتفال بالذكرى 87 السنوية لتأسيس المملكة. وتتماشى المبادرة الأخيرة التي تُمكِّن المرأة من قيادة السيارة مع الرؤية السعودية التي تهدف إلى جذب القوة الشبابية والتنظيم الإجتماعي وتمكين المرأة.
إن التغييرات التي تجري في المجتمع السعودي، والتي تحدث بسرعة وفي فترة قصيرة من الزمن، ما زالت في بدايتها وعليها أن تقطع شوطاً طويلاً لجعله مُجتمعاً أكثر مساواة.
ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى