البحرين تستنجد بإصدار السندات لتحسين وضعها المالي

أطلقت مملكة البحرين جولة أخرى من إصدارات السندات والصكوك (السندات الإسلامية) التقليدية في تموز (يوليو) الماضي، حيث تتطلع الحكومة إلى سد العجز المالي المتوقع لهذا العام واالعام المقبل.

وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة: ركز على إحتواء الدين العام

المنامة – هاشم مرعي

في أواخر تموز (يوليو) الفائت، أصدر مصرف البحرين المركزي سندات تنمية حكومية بقيمة 200 مليون دينار بحريني (530.5 مليون دولار) بمعدل فائدة قدره 5.35٪. وقد فاق الإكتتاب في هذا الإصدار الرقم المطلوب، حيث بلغ إجمالي الإشتراكات 220 مليون دينار بحريني (594.2 مليون دولار).
وأعقب ذلك إصدار صكوك (سندات إسلامية) بقيمة 125 مليون دينار بحريني مع هيكل إجارة، بمعدل سنوي ثابت قدره 4.2٪ ولمدة ثلاث سنوات.
ويجعل هذان الإصداران معاً القيمة الإجمالية للسندات ال14 المُعلَّقة والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية المُدرَجة في بورصة البحرين 6.41 مليارات دولار، مع أسعار فائدة تتراوح بين 3٪ و 8.25٪.

سندات جديدة على خلفية مراجعات التصنيف

إن إستمرار الشهية للدَين هو تطورٌ مُرَحَّبٌ به بالنسبة إلى البحرين، التي شهدت وضعها المالي والخارجي يتعرّض إلى ضغوط متزايدة بسبب عائدات الطاقة المنخفضة، مما أدى إلى تنقيحات هبوطية في تصنيفها الإئتماني من قبل وكالات التصنيف الدولية الرئيسية.
في الأيام التي تلت هذين الإصدارين الأخيرين، خفّضت وكالة موديز التصنيف الإئتماني للبحرين من “Ba2” إلى “B1″، مع توقعات سلبية، مستشهدة بالعجز المستمر في الموازنة والحاجة إلى مزيد من ضبط أوضاع المالية العامة للتعويض عن الإيرادات المنخفضة.
قبل أكثر من شهر بقليل، قامت شركة “ستاندرد آند بورز” بمراجعة توقعات تصنيف الدولة من مستقر إلى سلبي، على الرغم من أنها حافظت على تصنيف إئتماني طويل الأجل “BB-” وتصنيف قصير الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية “B” للبحرين ومصرف البحرين المركزي.
كما أن وكالة “فيتش” غيرت توقعاتها بالنسبة إلى الإئتمان في البحرين من مستقر إلى سلبي في حزيران (يونيو)، مؤكدة تصنيف “BB+” للإتمان السيادي والتخلف عن الدفع بالعملات الأجنبية والمحلية في المدى الطويل، والسندات طويلة الأجل الأجنبية والمحلية غير المضمونة، وشهادات ضمان الصكوك .
وكانت وكالات التصنيف قد خفّضت بالفعل توقعاتها بشأن الإقتصاد في العام الماضي. فقد خفضت ستاندرد أند بورز البحرين إلى “BBB- / A-3” في العام 2015، مع توقعات سلبية، قبل مزيد من خفضه في العام 2016 إلى “BB-” مع نظرة مستقرة.

تأثير إنخفاض الإيرادات وإستمرار الإنفاق في التوازن المالي

الواقع أن إجراءات التصنيف الأخيرة تعكس الوضع المالي المُتغيّر في البحرين منذ إنخفاض أسعار النفط في منتصف العام 2014.
فقد إنخفضت عائدات النفط بما يعادل 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015، وفقاً للبنك الدولي، مع زيادة العجز المالي العام من 3.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2014 إلى 12.8٪ في العام 2015، وإرتفع الدين العام إلى 62٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى الرغم من أن تدابير ضبط أوضاع المالية العامة التي أُدخلت في العامين الماضيين قد ساعدت على إبطاء وتيرة تراكم الديون، إلّا أن إستمرار هبوط أسعار النفط رفع العجز في المالية العامة ليصل إلى ما يقدر بنحو 18٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي، في حين إرتفع الدين العام إلى 82٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
ومع ذلك، يتوقع معظم المراقبين أن ينخفض العجز المالي تدريجاً. وفي نيسان (إبريل) الفائت، توقّع صندوق النقد الدولي أن ينخفض إلى 12.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام ويبقى قريباً من هذا المستوى في المدى المتوسط، وذلك بفضل إنخفاض الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية.

التقدم المُحرَز في الإصلاح المالي

من جهتها توقّعت فاتورة الموازنة للفترة 2017-2018 — التي تفترض متوسط سعر النفط 55 دولاراً للبرميل، كان أعلى قليلاً من سعر البرميل في آب (أغسطس) البالغ 52.61 دولاراً – عجزاً بقيمة 1.3 مليار دينار بحريني (3.4 مليارات دولار) هذا العام و1.2 مليار دينار بحريني (3.2 مليارات دولار) لعام 2018، من 1.5 مليار دينار بحريني (4 مليارات دولار) في العام 2016.
وعند مناقشة مشروع قانون الموازنة الجديد في تموز (يوليو) الماضي، أكد وزير المالية، الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، مجدداً على تركيز الحكومة على زيادة الدخل وإحتواء الدين العام. وقال لوسائل الاعلام المحلية “إننا نطمح الى خفض العجز العام من دون التأثير في النمو الإقتصادي سلباً”.
ومع ذلك، وبالنظر إلى أن الإنفاق الحكومي، فضلاً عن مشاريع البنية التحتية المُمَوّلة من دول مجلس التعاون الخليجي، لا يزالان يشكلان مُساهمين مهمّين في نمو الناتج المحلي الإجمالي، فإن معظم تركيز التوحيد والدمج والتدعيم كان على جانب الإيرادات في المعادلة.
ومن بين التدابير الأخرى، فرضت البلاد ضريبة بنسبة 5٪ على السياحة، وضريبة مبيعات بنسبة 12٪ على البنزين ورسوم الدمغة على العقارات لتعزيز الإيرادات الضريبية غير النفطية، التي بلغت 0.6٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2014.
وتعمل الحكومة أيضاً على إدخال ضريبة القيمة المضافة، وهي جزء من مبادرة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي التي ستطلق الرسوم في أوائل العام 2018. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، يمكن لضريبة القيمة المضافة أن تعطي البحرين دفعة مالية تبلغ حوالي 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي – أي ما يعادل نحو عام واحد من الناتج الإقتصادي الحالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى