متى يشكّل النظام الغذائي المُنخفِض الدسم خطراً على حياة الإنسان؟

مع تركيز الأبحاث العلمية على الأنظمة الغذائية من أجل رفاهية الإنسان، فإن الدراسات تكتشف أشياء جديدة في كل فترة، كتلك الدراسة التي كشفت أخيراً بأن النظام الغذائي المنخفض الدهون ليس دائماً جيداً وبأن النظام الغذائي المنخفض الكربوهيدرات قد يكون أفضل في بعض الأحيان كما يوضح التقرير التالي:

أكل الدهون: خطر على الصحة ولكن….

بيروت – كريستل بدروسيان*

إذا كانت هناك رسالة واحدة يعرفها معظم الناس بالنسبة إلى نظامهم الغذائي، فهي أنه ينبغي خفض أكل الدهون. الكثير من الدهون، وخصوصاً الدهون المُشبَعة وتلك المحتوية على الكوليسترول الموجودتان في اللحوم الحيوانية ومنتجات الألبان والجبن، يمكن أن تسدّ الشرايين وتؤدي بالتالي إلى أمراض القلب والسكتة الدماغية والسمنة.
ولكن الدهون قد لا تكون الجانية الوحيدة في تلك الظروف غير الصحية. في السنوات الأخيرة، أظهرت الدراسات أن خفض الدهون لا يساهم دائماً في إنخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب أو التقليل من فرصة الموت في وقت مبكر. في الواقع، بعض الدراسات أظهر عكس ذلك، وأن الناس الذين يتناولون كميات منخفضة للغاية من الدهون يميلون إلى أن يموتوا في وقت أبكر.
قد يكون ذلك بسبب إقدامهم على أكل شيء آخر بدلاً من ذلك. في واحدة من أكثر الدراسات شمولاً حتى الآن تبحث في كيفية تأثير النظام الغذائي في الصحة والوفيات، يقول الباحثون بقيادة فريق في جامعة ماكماستر أنه بدلاً من خفض الدهون، قد يستفيد المزيد من الناس من خفض كمية الكربوهيدرات التي يأكلونها. وفي هذه الدراسة التي نُشرت في مجلة “لانسيت” الطبية، فقد وجد مؤلفوها بأن الناس الذين يأكلون كميات عالية من الكربوهيدرات، التي توجد في الخبز والأرز، كانوا عرضة لخطر الموت بنسبة 30٪ تقريباً في أثناء الدراسة أعلى من الناس الذين تناولوا نظاماً غذائياً منخفض الكربوهيدرات. والأشخاص الذين تناولوا وجبات غذائية عالية الدهون كانت لديهم فرصة أقل بنسبة 23٪ للوفاة خلال الدراسة، التي إستغرقت سبع سنوات من المتابعة، مقارنة مع الناس الذين تناولوا كميات أقل من الدهون.
وتشير النتائج، على حد قول المؤلفين، إلى أنه بدلاً من التركيز على الدهون، ينبغي أن ينصح خبراء الصحة الناس بتخفيض كمية الكربوهيدرات التي يتناولونها. في الدراسة، التي شملت 135,000 شخص من 18 دولة مختلفة، كان متوسط النظام الغذائي يتكوَّن من 61٪ من الكربوهيدرات، 23٪ من الدهون و 15٪ من البروتين. مع ذلك، في بعض البلدان، مثل الصين وجنوب آسيا وإفريقيا، كانت كمية الكربوهيدرات في النظام الغذائي أعلى بكثير، 63٪ إلى 67٪. وقد إستهلك أكثر من نصف الناس في الدراسة وجبات غذائية عالية الكربوهيدرات.
وتضيف النتائج المزيد من البيانات إلى النقاش المستمر حول أفضل نصيحة لتناول الطعام الصحي. وعندما ظهر التركيز على الكوليسترول في سبعينيات القرن الفائت، رابطاً الأطعمة الدهنية بأمراض القلب، فقد حثّ الأطباء الناس آنذاك على التقليل من الدهون في غذائهم من طريق التقليل من أكل اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان والبيض والأطعمة المقلية. وأخذ صناع الأغذية بالتعويذة، وضخّوا منتجات منخفضة الدهن. ولكنهم أحلّوا محل الدهون الكربوهيدرات، التي يعتقد العلماء الآن أنها قد تكون أيضاً غير صحية مثل، إن لم تكن أكثر، من الدهون.
وذلك لأن الكربوهيدرات تتخزّن بسهولة كغلوكوز في الجسم، ويمكنها أن ترفع مستويات السكر في الدم، والمساهمة في السمنة والسكري – وكلاهما أيضاً من العوامل الخطرة لأمراض القلب.
والسؤال هنا: لماذا كان هناك الكثير من التركيز على الدهون؟ يقول الباحثون أن الدراسات الأولى لربط الدهون بأمراض القلب جرت أساساً في أميركا الشمالية وأوروبا، واللتين تتمتعان بأعلى إستهلاك للدهون في جميع أنحاء العالم. لذا من الممكن أن تكون هناك حاجة إلى مشورة ونصائح غذائية مختلفة بإختلاف السكان. في الثقافات الغربية، حيث هناك فائض من الدهون، فإن الحد من الدهون قد يلعب دوراً في خفض أمراض القلب، طالما لا يستخدم الناس محل الدهون الكربوهيدرات.
في أجزاء أخرى من العالم، حيث تشكل الكربوهيدرات جزءاً كبيراً من النظام الغذائي، قد يكون خفض الكربوهيدرات أكثر منطقية من التركيز على الدهون. ويقول الباحثون إن “الأفراد ذوي الكربوهيدرات العالية قد يستفيدون من إنخفاض كمية الكربوهيدرات وزيادة إستهلاك الدهون”.
الواقع أنه سوف تكون هناك حاجة أيضاً إلى مزيد من الدراسة للمعرفة بالضبط كم من الدهون وكم من الكربوهيدرات ينبغي أن يُوصى للصحة المُثلى. لم تقارن الدراسة، على سبيل المثال، الناس الذين يأكلون وجبات غذائية قليلة الدسم بأولئك الذين يأكلون الوجبات الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات لمعرفة كيف أن نظام غذائهم قد يؤثر في وفاتهم.

• خبيرة صحة وتغذية. للإتصال بها: : info@christellebedrossian.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى