من يَرِث أراضي “الخلافة”؟

بقلم كابي طبراني

في مقال نشره أخيراً على الموقع الإخباري البريطاني “كاب إكس” (CapX) الذي أسسه مركز دراسة السياسات في المملكة المتحدة، حذّر وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر من أن هزيمة تنظيم “داعش” يُمكن أن تؤدي إلى “إمبراطورية راديكالية إيرانية”.
في حين أن غالبية القوى غير الداعشية، بما في ذلك الجمهورية الإسلامية الشيعية والدول السنية الرائدة، تُعبّر عن الرغبة في تدمير تنظيم “الدولة الإسلامية”، فإن السؤال الذي طرحه كيسنجر هو: من الذي “سوف يرث” الأراضي التي إحتلها التنظيم الإرهابي؟ عارضاً توقّعين: إئتلافٌ من السنّة أو محيطُ نفوذٍ تُهيمن عليه إيران. وقال “في هذه الظروف فإن القول المأثور التقليدي الذي يقول بأنه يُمكن إعتبار عدوّ عدوّك صديقك لم يعد ينطبق”.
الواقع أن كيسنجر ليس من المبتدئين عندما يتعلق الأمر بالتحليلات الجيوسياسية والتنبؤات، وينبغي أن يُنظَر إلى كلامه بحكمة ويُؤخَذ على محمل الجد.
إن الخوف الكبير لوزير الخارجية الأميركي السابق هو أن طهران وحلفاءها في المنطقة سيضطلعان بدور أكبر على نحو متزايد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
إذا إحتلّ الحرس الثوري الإيراني أو القوات الشيعية التي درّبها ويوجّهها أراضي “الخلافة”، كما يَفتَرِض كيسنجر، فإن النتيجة يُمكن أن تكون “حزاماً إقليمياً يبدأ في طهران ويصل إلى بيروت، الأمر الذي يُمكِن أن يُمثّل ظهور إمبراطورية راديكالية إيرانية”.
وهذا التنبيه المُثير للقلق كان منذ سنوات أطلقه كلٌّ من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري السابق حسني مبارك، اللذان حذّرا من أنه ما لم تُتَخذ الإحتياطات، يُمكن أن يظهر قوسٌ شيعي في المنطقة الذي يربط إيران مع لبنان من خلال سوريا والعراق.
وبغض النظر عن رأي ونظرة المسؤولين العرب إلى تحذيرات كيسنجر، فإنه سيكون من الحكمة درسها والنظر فيها عند صياغة وإعتماد سياسات لحقبة ما بعد “داعش”.
من ناحية أخرى، هناك علامات واضحة فعلية تشير إلى أن هذا التحذير بدأ يتشكّل ويُصبح حقيقة على أرض الواقع. لذا يتعيّن على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وغيرها إتخاذ تدابير جماعية لمنع حدوث هذا المخطط الخطير من جانب إيران الذي سيؤدي إلى معاناة دائمة للمنطقة من التنافس الديني الذي يُمكِن أن يولّد صراعات لسنوات عديدة مُقبلة.
يجب على موسكو وواشنطن، على وجه الخصوص، بإعتبارهما أكثر عاصمتين تتمتعان بالنفوذ، التصرّف بجدية، والعمل في أقرب فرصة ممكنة على وضع خطة تساعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أن تُصبح منطقة سلام وليست مصدراً مستمراً للصراع والعداء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى