مهمة إيمانويل ماكرون الصعبة

بقلم كابي طبراني

لم يستغرق الأمر أكثر من حوالي ثلاثة أشهر ليبدو كما لو أن الفرنسيين خُذِلوا من الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون وفقدوا حبهم له. وفقاً لإستطلاعات الرأي الأخيرة فان الرئيس الفرنسي الشاب، الذي إنتُخِب بغالبية ساحقة وحصل على نسبة 64 فى المئة من الأصوات مقابل زعيمة الجبهة الوطنية الخاسرة مارين لوبان، يتجه مؤشر تأييده الآن الى مستويات شعبية متدنية يحوم حول 36 في المئة. وكما لاحظت إحدى المطبوعات الفرنسية، فإن مستويات شعبية ماكرون الحالية باتت أقل من تلك التي يتمتع بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
والسؤال هنا: لماذا كان هذا الهبوط السريع لنجم ماكرون الساطع والذي حقق في السياسة الفرنسية ما لم يستطع أحدٌ تحقيقه من قبل؟ خلال الحملة الإنتخابية، فاز بتأييد كبير لأنه قدّم نفسه كرجل ذي نهج وسطي، واحدٌ لديه حلولٌ عملية لبطالة فرنسا وإقتصادها الراكد. لكن الحملة الإنتخابية شيءٌ، وحكم فرنسا شيءٌ آخر – وهذا الوضع الأخير ينطوي على قرارات صعبة تؤثّر في الناس وحياتهم وتُحدِث تغييراً في آفاقهم الإقتصادية.
بالنسبة إلى المبتدئين غير المتابعين، لقد أمر ماكرون بإجراء مراجعة كاملة لقانون العمل الفرنسي، وهو قانونٌ واسعٌ وضخمٌ يربط الشركات وأرباب العمل في البلاد برقابة تنظيمية ويمنح العمال الفرنسيين حقوقاً غير مسبوقة ولا مثيل لها في جميع أنحاء أوروبا. إنه في الواقع مستنقعٌ لم يتجرّأ أحدُ من شاغلي قصر الإليزيه السابقين من التطرق له أو معالجته لكي لا يغرق في وحوله.
وبإعتباره أوروبياً مُلتزماً، فإن ماكرون عازمٌ، على ما يبدو، على تخفيض العجز الفرنسي إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي – وهذا يعني شدّ الأحزمة وضبط الإنفاق بالنسبة إلى برامج الرعاية الإجتماعية والصحية. وقد إستهدف ماكرون أيضاً العمال الغائبين وجمّد الرواتب المرتبطة بمؤشر الخدمات المدنية الفرنسية المُتضخِّمة. لذا، ينبغي على ماكرون هنا ألّا يتراجع ويتردّد في إتخاذ الخطوات الضرورية لإصلاح الإقتصاد الفرنسي والنظام الإجتماعي والصحي مهما تقول الإستطلاعات حالياً. لا تزال لديه غالبية برلمانية ضخمة في الجمعية الوطنية. الى جانب ذلك، لا توجد إنتخابات حتى العام 2022.
في كل الأحوال لقد تمّ إنتخابه للرئاسة الفرنسية لإحداث التغيير – وهذا يعني إتخاذ خيارات وقرارات صعبة وضرورية للبلاد مهما كانت نتائج الإستطلاعات التي أثبتت على أنها ليست دائماً صحيحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى