سيدتي… لماذا إلتهابٌ في فمكِ قد يرفع من خطر الإصابة بالسرطان

في دراسة أخيرة أصدرها مركز أبحاث للأمراض السرطانية في أميركا تبيّن أن أمراض اللثّة وإلتهاباتها لها علاقة في التسبب بأمراض السرطان وخصوصاً سرطان المريء. كيف ربطت هذه الدراسة هذه العلاقة؟

مرض اللثة: يؤدي إلى فقدان الأسنان ويرفع خطر الإصابة بسرطان المريء

واشنطن – سمير صفير

النساء اللواتي يعانين من أمراض اللثّة هنّ عرضةً للإصابة بالسرطان بنسبة 14٪ أكثر من اللواتي يتمتعن بأسنان ولثّة صحّيتين، وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة “السرطان: الوباء، المؤشرات الحيوية، والوقاية” (Cancer Epidemiology, Biomarkers & Prevention). ويبدو أن الإرتباط هو أقوى بالنسبة إلى سرطان المريء، ولكن تم العثور أيضاً على صلات بين ضعف صحة الفم وسرطانات الرئة والمرارة والثدي والجلد.
وشملت الدراسة بيانات لحوالي 66,000 إمرأة بعد سن اليأس، تتراوح أعمارهن بين 54 و86 عاماً، حيث تمّت متابعتهن لمدة ثماني سنوات تقريباً. في بداية الدراسة، أكملن دراسة إستقصائية صحية وأفدن عمّا إذا كنّ قد شُخِّصن سابقاً بإصابتهن بمرض اللثة، وهو إلتهابٌ يُمكن أن يؤدي إلى فقدان الأسنان.
ويتسبب مرض اللثة من طريق ترسّبات (بلاك) لزجة مُثقلة بالبكتيريا التي تتشكّل على الأسنان. في المراحل المبكرة، والمعروفة باسم إلتهاب اللثة، يمكن أن تتورم اللثة وتنزف بسهولة. وعادة، بُمكن لإستخدام الخيط أو المسواك وتنظيف الأسنان بالفرشاة يومياً أن يعكس إلتهاب اللثة ويقضي عليه. ولكن إذا تُركت الترسّبات على الأسنان، فييمكنها أن تتطور إلى مرض اللثة، وهو إلتهاب حول الأسنان يتسبب بسحب اللثة بعيداً وتشكيل جيوب، والتي يمكنها أن تُخزّن المزيد من الطعام والبكتيريا. مع مرور الوقت، يمكن للبكتيريا والالتهابات ورد فعل الجسم المناعي أن تضر بالأسنان وبدعم هياكل العظام، والتي يمكن أن تؤدي إلى فقدان الأسنان.
خلال فترة متابعة الدراسة، تبيّن أن هناك حوالي 7,100 من هؤلاء النساء أُصبن بالسرطان. وعموماً، فإن أولئك اللواتي لديهن تاريخ من أمراض اللثة هنّ ثلاثة أضعاف عرضة للإصابة بسرطان المريء – وما يقرب من الضعف من المرجح أن يُصَبن بسرطان المرارة – أكثر من النساء اللواتي ليس لديهن تاريخ من أمراض اللثة. كما إزداد خطر الإصابة بسرطان الرئة وسرطان الجلد (ميلانوما) وسرطان الثدي بنسبة 31٪ و 23٪ و 13٪ على التوالي.
إن مرض اللثة هو أكثر شيوعاً بين الناس الذين يمارسون عادات التدخين وشرب الكحول، والتي هي أيضاً عوامل خطر لأنواع أخرى من السرطان. وفي الدراسة الجديدة، كانت النساء اللواتي يعانين من أمراض اللثة هنّ اللواتي أفدن وأبلغن عن تاريخ من التدخين، والتعرض للتدخين السلبي، وإستهلاك الكحول.
ولكن حتى بين غير المدخنات، لا يزال مرض اللثة مرتبطاً بزيادة 12٪ في نسبة الخطر بالإصابة بالسرطان بشكل عام. وبالنسبة إلى بعض أنواع السرطان، فإن الارتباط بمرض اللثة قد إختفى عندما وضع الباحثون عادات التدخين في الإعتبار. أما بالنسبة إلى أنواع أخرى – مثل سرطان الجلد وسرطانات الجهاز الهضمي – فقد ظل الترابط أو الإرتباط موجوداً.
وفي الواقع إن هذه ليست أول دراسة تشير إلى أن مرض اللثة مرتبط بسرطانات معينة، ولكن عدداً قليلاً من الدراسات – ولا شيء عن النساء الأكبر سناً – قد إعتبر زيادة المخاطر بشكل عام. وركز الباحثون على هذه الفئة من السكان لأن مخاطر الإصابة بأمراض اللثة والسرطان تزداد مع التقدم في السن، ولأن الصلة قد أنشئت بالفعل لدى الرجال.
وقالت جين واكتوسكي- ويندي، عميدة كلية الصحة العامة والمهن الصحية في جامعة ولاية نيويورك في مدينة بوفالو، إن الباحثين لا يعرفون على وجه اليقين سبب إرتباط أمراض اللثة والسرطان. ولكن هي وغيرها من الباحثين يعتقدون أن مسببات الأمراض البكتيرية في تجويف الفم قد تلعب دوراً.
تقول واكتوسكي-ويندي: “يمكن لهذه المسببات الممرّضة أن تنتقل إلى أجزاء مختلفة من الجسم من خلال اللعاب الخاص بك، وإنها تتلامس مع المعدة والمريء عند ابتلاعك، أو تنتهي في الرئتين من خلال الشفط. وعندما تصبح اللثة ملتهبة أو مصابة، يمكن لمسببات الأمراض – أو السموم المسببة للأمراض – أن تتسلل أيضاً إلى الأنسجة وتدخل مجرى الدم، والسفر إلى أجزاء أخرى من الجسم كذلك.
وقد أظهرت الدراسات السابقة أن هذه المسببات الممرّضة قد تلعب دوراً مباشراً في تشكيل أورام السرطان وغيرها من القضايا الصحية الإلتهابية في جميع أنحاء الجسم. كما تم ربط أمراض اللثة بأمراض السمنة والسكري والقلب والأوعية الدموية، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان مرض اللثة يسهم في هذه الحالات أو العكس بالعكس.
ويشير واضعو الدراسة إلى أنهم كانوا فقط قادرين على إيجاد رابط، وليس علاقة سبب ونتيجة، بين أمراض اللثة ومخاطر السرطان. ومن الممكن أن الدراسة لم تتطرق بما فيه الكفاية إلى مرض اللثة، يضيفون، لأنهم إعتمدوا على أجوبة المسح بدلاً من إستجواب طبيب أو طبيب أسنان.
ولكن حجم الدراسة الكبير وقوة النتائج التي توصلت إليها تخلق حجة جيدة لمزيد من البحوث، كما يقولون. في الواقع، إنهم يدرسون حاليا الميكروبيوم من طريق الفم – أنواع البكتيريا المتنوعة في الفم – للنساء اللواتي يعانين من أمراض اللثة، وهم يخططون لمعرفة ما إذا كانت هناك أي أنماط أو صلات للسرطانات التي قد تُصاب بها النساء في المستقبل.
كما تقدم الدراسة حجة جيدة لرعاية هذه “الماسات البيضاء”، تقول واكتوسكي-ويندي واللثة التي تحافظ عليها وتبقيها في مكانها.
“بين هذه الدراسات وغيرها، رأينا وجود صلة بين أمراض اللثة وأمراض القلب والسكري، والآن السرطان، لذلك يبدو لي أنه من الحكمة أن نوصي بالحفاظ على صحة الفم الجيدة”، تقول واكتاوسكي-ويندي. مضيفة: “وهذا ينطوي على الفرشاة والخيط، ولكن أيضا رؤية طبيب الأسنان الذي يمكن رصد وتنظيف أسنانك، والذي يمكنه أن يمنع أمراض اللثة أو علاج أي حالة قد تنشأ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى