الكويت: خدمات الإتصالات تتطوّر وتتوسّع لتساهم في تحرير الإقتصاد من النفط

فيما تسعى الكويت إلى تنويع إقتصادها وتعزيز القطاعات غير النفطية في البلاد، فقد نجحت أخيراً نجاحاً كبيراً في مجال الإتصالات الذي يبدو أنه قد حقق تطوراً وتوسعاً كبيرين مما جعله قطاعاً أساسياً لنمو الإقتصاد غير النفطي في شكل خاص والإقتصاد الوطني في شكل عام.

مجموعة زين للإتصالات: التركيز على الجيل الخامس

الكويت – علي الشعلان

حافظ قطاع الإتصالات في الكويت على نمو مطرد في الأشهر الأخيرة، مع إرتفاع الأرباح على خلفية الطلب القوي على خدمات النطاق العريض (برودباند) وخدمات البيانات المتنقلة.
في حزيران (يونيو) الفائت، أعلن بنك الكويت الوطني أن أرباح قطاع الإتصالات بلغت 60.8 مليون دينار كويتي (200.4 مليون دولار) في الربع الأول من العام، وهو ما يمثل نمواً بنسبة 5.8٪ على أساس سنوي و13٪ من إجمالي أرباح الشركات المُدرَجة في السوق المالية، وفقاً لأرقام بورصة الكويت. بالإضافة إلى ذلك، إرتفعت الأرباح الصافية السنوية لشركات الإتصالات المُدرَجة بنسبة 9٪ في العام الماضي — أي ما يعادل 16٪ من إجمالي الأرباح — لتصل إلى 238 مليون دينار كويتي (784.5 مليون دولار).
في الواقع لقد شهد القطاع توسّعاً سريعاً في السنوات الأخيرة، حيث حقّق تغطية بواسطة الهواتف الثابتة بنسبة 100٪، ومعدل إنتشار للهواتف المحمولة بنسبة 240٪، وبلغت الإشتراكات 8.72 ملايين إشتراك، وفقاً لتقرير “المؤشرات الوطنية الكويتية لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات” لعام 2016 الذي أصدره الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات.

التبنّي التكنولوجي يرتفع بسرعة

إرتفع إعتماد الإنترنت، وخصوصاً عبر النطاق العريض (برودباند) المتنقّل، بشكل كبير منذ أن تم إختبار خدمات الجيل الثالث للمرة الأولى في العام 2005، حيث أفادت تقارير الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات في العام الماضي أن الكويت حققت تغطية بلغت نسبتها 100% بالنسبة إلى الشبكة المتنقلة، في حين بلغت تغطية خدمة الجيل الرابع (4G/LTE) نسبة 97٪.
وتشير الأرقام أيضاً إلى أن الكويتيين يفضّلون خدمات النطاق العريض (برودباند) المتنقلة أكثر من الإتصالات الثابتة. وكدليل على ذلك، كان هناك 840,000 مشترك في البيانات المتنقلة في العام الماضي، أي ضعف عدد إشتراكات الإنترنت الثابتة، في حين تم العثور على نسبة 99.7% من الهواتف الذكية لدى الأسر.
وعلى سبيل المقارنة، وجد الجهاز أن 60 في المئة فقط من الأسر لديها إمكانية الوصول إلى جهاز كومبيوتر أو جهاز لوحي (تابليت)، حيث أفاد 28 في المئة فقط من المنازل بأن كل مقيم فيها قد إستخدم حاسوباً (كومبيوتراً) خلال فترة ال 12 شهراً السابقة.

إستثمار الجيل المقبل لدعم نمو تكنولوجيا المعلومات والإتصالات

نظراً إلى أن غالبية الكويتيين يعتمدون على هواتفهم النقالة للوصول إلى الإنترنت، ومع إقتراب البلاد من تغطية الجيل الرابع بنسبة 100٪، فإن مشغلي الإتصالات يتحوّلون بشكل متزايد إلى التركيز على نشر خدمات الجيل الخامس المُقبل تجارياً.
وقد حققت شركة “فيفا الكويت” — إحدى الشركات التابعة لشركة الإتصاالت السعودية — نجاحاً كبيراً عندما أقدمت في نيسان (إبريل) الفائت على إجراء إختبار ناجح لتكنولوجيا شبكة الجيل الخامس في مختبرها، الذي حقق سرعات بيانات تصل إلى 35 جيغابايت في الثانية. وأبرزت الشركة أيضاً أن الجيل الخامس يمكنه أن يدعم قدرة أعلى ويُحسِّن فترة الإستجابة على النظم القائمة، حيث يسمح بكثافة أعلى من المستخدمين في المناطق الحضرية، وبالتالي المساعدة على توسيع تطبيقات إنترنت الأشياء.
وعلى الرغم من انخفاض صافي أرباح “فيفا الكويت” بنسبة 7٪ إلى 40 مليون دينار كويتي (131.8 مليون دولار) في العام الماضي، إلا أن صافي الأرباح قد إرتفع بنسبة 2٪ على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي ليصل إلى 10 ملايين دينار كويتي (32.9 مليون دولار).
في الوقت نفسه، تتجه مجموعة زين التي تتخذ من الكويت مقراً لها، نحو طرح الجيل الخامس، بعدما نجحت في إختبار أول تقنية متنقلة للنطاق العريض لجيل 4.5 في الشرق الأوسط بالشراكة مع شركة هواوي الصينية في كانون الأول (ديسمبر) 2015. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2016، أعلنت المجموعة أنها وقّعت عقد شراكة مع شركة “إريكسون” في السويد، التي توفر إدارة الشبكة للشركات والبنية التحتية للاتصالات، لتقييم أداء وتطبيق تكنولوجيا الجيل الخامس (5G).

إنترنت الأشياء

يمكن أن تستخدم مجموعة زين شبكة الجيل الخامس المُحتملة لدعم نمو الإيرادات من خلال تطبيقات إنترنت الأشياء – وهي منطقة بدأت الشركة إستكشافها في أيار (مايو) الفائت عندما وقعت إتفاقية تطوير وإدارة وتشغيل مع وزارة الكهرباء والمياه لإنشاء شبكة دعم مترابطة بنظام الوزارة المتري الذكي (Smart Meters System).
من جهته سيركز مشروع زين، الذي تبلغ كلفته 22 مليون دينار كويتي (72.5 مليون دولار)، على بناء وتركيب 880 ألف متر ذكي، وستكون البداية في عقارات القطاعين الصناعي والزراعي، مع إمكانية التوسع إلى ما مجموعه 1.2 مليون متر. وكجزء من الإتفاقية، ستقوم زين أيضاً بتشغيل وإدارة العدادات الذكية لمدة خمس سنوات، بعد تركيبها في العام 2019.
وقد سجلت مجموعة زين زيادة بنسبة 3٪ في الأرباح، قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والمال المخصص للتسديد، في العام الماضي بلغت 512 مليون دينار كويتي (1.6 مليار دولار)، في حين إرتفع صافي الدخل بنسبة 2٪ إلى 157.7 مليون دينار (517.6 مليون دولار). وإرتفعت إيرادات البيانات بنسبة 6٪ مقارنة بالفترة نفسها، وتشكل الآن 23٪ من إجمالي إيرادات الشركة. وعلى الرغم من تراجع الأرباح، قبل إقتطاع الفوائد والضرائب والإستهلاك والمال المخصص للتسديد، بنسبة 13٪ على أساس سنوي لتصل إلى 107 ملايين دينار كويتي (352.8 مليون دولار) في الربع الأول من العام 2017، فإن ذلك يُعزى إلى خسائر العملات الأجنبية التي تكبدتها الشركة في السودان، فضلاً عن إرتفاع التكاليف التشغيلية لتوسيع الشبكة وتحديثها.
وعلى خلفية هذا التقدم الذي أحرزه بعض الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال الإتصالات في الكويت، فإن الإستثمار المستمر في خدمات الجيل المقبل ينبغي أن يُمكّن الشركات من تعزيز وتنويع مصادر الدخل، مما سيساعد على تعزيز مكانة القطاع كسائق نمو غير نفطي مهم في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى