هل تستطيع “أرامكو السعودية” التحرّر والإنفِصال عن أهواء العائلة المالكة لكي تصبح شركة عامة؟

تأمل المملكة العربية السعودية في إطلاق ما سيكون أكبر إكتتاب عام في العالم، ولكن عليها أولاً أن تُقرّر ما إذا كانت شركتها النفطية العملاقة “أرامكو السعودية” ستستمر كذراع للنظام الملكي تموّله وتبني له البنى التحتية وتُشرف على مسابقة جمال الإبل، أم أنها ستتحرر من كل ذلك وتصبح شركة عامة تحكمها الشفافية.

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: المهمة صعبة

الرياض – راغب الشيباني

لفهم الروابط العميقة بين شركة النفط الوطنية “أرامكو” والعائلة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، ينبغي النظر في المشروع الذي أنجزته أخيراً الشركة النفطية العملاقة على مساحة فارغة في الصحراء شمال الرياض والذي بلغت تكاليفه أكثر من 55 مليون دولار.
يشمل هذا المشروع مسجداً، ومعسكراً للأطفال، ومتحفاً. وهناك شوارع واسعة مع مصابيح مُضاءة بالطاقة الشمسية التي تؤدي إلى مظاهر بيضاء لامعة في مركز المجمع — وهي مرحلة لأبرز مسابقات في السعودية وهي مسابقة جمال الإبل.
في دولة ذات قدرة صناعية محدودة، كانت “أرامكو السعودية”، كما تُعرَف شركة النفط، واحدة من الشركات القليلة التي يُمكن أن تبني هذا المشروع في الوقت المناسب لمسابقة الربيع التي تُعتبَر حدثاً يعتزّ به الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. وقال بداح السبيعي، مسؤول مجمع الإبل: “في غضون 50 يوماً، بنوا هذه المدينة”.
وترغب المملكة أن تبيع أقلية من أسهم أرامكو في ما يمكن أن يكون أكبر طرح عام في البورصة في العالم حتى اليوم، حيث تُخطّط لذلك في النصف الثاني من العام 2018. لكن لتحقيق ذلك تحتاج الشركة أولاً إلى التحرّر والإنفصال عن المملكة.
إن التدفق النقدي الكبير الذي تُغدفه الشركة النفطية العملاقة على المملكة كان بالفعل وراء تطور المملكة العربية السعودية الحديثة. بالإضافة إلى كونها محرّك الإقتصاد الوطني، فإن “أرامكو” هي جزء أساسي من الجهاز الحكومي، لدرجة أن بعض موظفي الشركة يُطلقون عليها “وزارة أرامكو”.
لكن مع ذلك يقول العديد من المُستثمرين المُحتَملين أنه، لكي يتم تقييمها على قدم المساواة مع أقرانها المتداوَلين بشكل عام مثل شركات “إكسون موبيل” و”رويال داتش شل” و”بريتيش بتروليوم”، فإن شركة أرامكو ستحتاج إلى تقديم بيانات مالية ومحاسبية تُبيّن أن الشركة مُستقلة، وأن أرباحها لا تدعم أجنحة لمنتجعات مسابقة جمال الإبل أو غيرها من بنود الموازنة السعودية.
ويقول بول مامفورد، مدير الصندوق الذي يستثمر في أسهم الطاقة لشركة “كافنديش أسيت مانجمنت”: “إني أفضل أن أستثمر في شركة بسيطة ومباشرة متخصصة في هذا المجال من السوق أكثر من تلك التي قد تضل سيرها وتتجه في إتجاهات أخرى”.
الواقع أن الشركة والمملكة متورطتان بشكل عميق إلى درجة أنه، رغم البدء بالتحضيرات لعملية الإكتتاب العام منذ عام تقريباً لا يزال المسؤولون في الشركة والدولة يتصارعون ويكافحون لإيجاد الطريقة والكيفية لفصل المصالح والتشابك بين الحكومة والشركة، وفقاً لمقابلات أجريت مع أكثر من عشرين من المديرين التنفيذيين الحاليين والسابقين لشركة “أرامكو” والمسؤولين الحكوميين والمستشارين الخارجيين، فضلاً عن وثائق الشركة والحكومة التي إستعرضناها.
ويُعتبَر الإكتتاب العام حاسماً بالنسبة إلى طموحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يريد إستثمار العائدات في صناعات أخرى لجعل الإقتصاد السعودي أقل إعتماداً على النفط.
وقالت أرامكو السعودية في بيان أنها “بدأت برنامجاً مُتعدّد المراحل لتحديد علاقتنا مع شركائنا في المستقبل”. وقالت الشركة أنها لا تستطيع الإجابة عن بعض الأسئلة المُحدّدة حول إعداد الإكتتاب العام بسبب المخاوف بشأن الإمتثال لقوانين تبادل الأسهم قبل الطرح. وقال وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية والرئيس التنفيذي السابق لشركة أرامكو السعودية، خالد بن عبد العزيز الفالح، في مقابلة مع مجلة “أرامكو السعودية” في شهر آذار (مارس) الفائت إن “أرامكو” هي “حلقة مُسَيَّجة مالياً” من الدولة، مع وجود حكم مماثل للشركات متعددة الجنسيات.
ومع ذلك، فإن الناس الذين لديهم دراية بمالية الشركة يقولون أنه من غير الواضح في كثير من الأحيان، حتى لبعض كبار المسؤولين في الشركة، ما إذا كانت أرامكو قد سددت بالكامل قيمة المشاريع التي أشرفت على بنائها، وعلى أي أساس تعمل عملية السداد.
ومُعلقاً على بناء المجمع في الصحراء حيث أُجريت مسابقة الربيع، أفاد متحدث بإسم شركة أرامكو السعودية في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني بأن الشركة “قد سددت بالكامل تكاليفها المتعلقة بهذا المشروع (مجمع الإبل)”.
وتتمتع أرامكو، التي تساهم بأكثر من 70٪ من الإيرادات الحكومية، بمجموعة من الأدوار تتجاوز بناء البنية التحتية، بما في ذلك التخطيط الإقتصادي. فهي توفر الوقود بأسعار مُخفَّضة بشكل كبير لدعم الشركات والطاقة غير المُكلِفة للمستهلكين. ويعتمد نصف أكبر 10 شركات غير مصرفية في المملكة العربية السعودية من حيث القيمة السوقية بشكل كبير على الأعمال التجارية مع شركة أرامكو، بما في ذلك تلقّي المنتجات بأسعار أقل من سعر السوق، وفقاً لتحليل الإفصاح عن الشركات السعودية. وقال متحدث بإسم أرامكو إن “مبيعاتها داخل المملكة يتم تنظيمها من قبل الحكومة”.
من جهتها ذكرت الشركة السعودية للكهرباء، ثالث أكبر شركة غير مالية في المملكة، أنها في العام 2015 كانت مديونة بحوالي 73.7 مليار ريال (19.7 مليار دولار) للحكومة وأرامكو ثمناً للوقود الذي تلقته من شركة أرامكو منذ العام 2000. وتمتلك أرامكو 6.9٪ من الشركة. ويسمح هذا الوقود للمواطنين والشركات السعودية بشراء الكهرباء بسعر مُخفّض. ويقول شخصان من ذوي المعرفة بمالية أرامكو أن الشركة السعودية للكهرباء لم تدفع حتى الآن لأرامكو ثمن الوقود.
وقد كشفت شركة التعدين العربية السعودية، وهي سادس أكبر شركة غير مالية، في العام 2016 بأن من أهم المزايا التنافسية التي تتمتع بها هي الوصول إلى “صخور الفوسفات العالية الجودة والكبريت المُنصهر من أرامكو السعودية”. وقال متحدث بإسم أرامكو إن الكبريت ” منتوجٌ من العمليات ويُباع على أساس تجاري”.

تاريخ طويل

بدأت الشركة التي أصبحت أرامكو في العام 1933 كمشروع مشترك بين الحكومة السعودية وشركة “ستاندرد أويل” الأميركية في كاليفورنيا، ولسنوات كانت تديرها إلى حد كبير الولايات المتحدة. وتحوّلت السيطرة والغالبية إلى السعوديين خلال ستينات وسبعينات القرن الفائت؛ وفي العام 1980، أصبحت الحكومة السعودية صاحبة أرامكو الوحيدة من خلال صفقة وقعتها مع شريكها الأميركي.
ومع نمو عطش العالم إلى النفط، حافظت أرامكو على خطاها الثابتة، وشكّلت أكثر من 10٪ من إنتاج النفط العالمي في السنوات الأخيرة. وقد وسّعت الشركة خبراتها من إستغلال وإدارة أكبر خزانات النفط في العالم إلى شحن وتكرير ومعالجة الخام وتحويله إلى منتجات أكثر قيمة. لدى أرامكو الآن مشاريع مشتركة مع شركات متعددة الجنسيات بما فيها شركة “إكسون موبيل” وشركة “داو” للكيماويات. وقد بنت أرباحها الدولة السعودية الحديثة تقريباً من الصفر.
في العام 1968، كان الناتج المحلي الإجمالي السعودي أقل من 4.2 مليارات دولار، وفقاً لبيانات البنك الدولي، والسعودي الذي وُلِد في تلك السنة كان يُمكنه أن يتوقّع العيش أقل من 51 عاماً. وفي العام 2015، بلغ الناتج المحلي الإجمالي السعودي 646 مليار دولار، وبلغ متوسط العمر المتوقَّع نحو 75 عاماً.
قامت أرامكو بتنفيذ مشاريع البنية التحتية بما في ذلك الطرق والمستشفيات والمدارس، وقدمت مجموعة من البرامج الإجتماعية والإقتصادية: قروضٌ للإسكان من دون فوائد، وتمويل الطلاب الراغبين في التخصص في الولايات المتحدة، والقضاء على الملاريا. وأفادت الشركة بأن مشاريعها الإنشائية هي جزء من “برنامج التوطين للشركات” الذي تضمّن “بناء القدرات الوطنية والتدريب والمدارس والتعليم”. بالإضافة إلى ذلك، أوضحت الشركة بأنها “قامت أيضاً بمشاريع البنية التحتية بناء على طلب الحكومة السعودية” التي قالت أنها تلقت “التعويض المناسب لقاء ذلك”.
وقال أشخاص آخرون لديهم معرفة مباشرة بالنزاعات المالية لأرامكو أن الشركة لم ُتسدّد فواتير بعض المشاريع التي تمّ إنشاؤها بناءً على طلب الحكومة. كما يقول شخص متورّط في هذه العملية، إن عملية إسترداد الديون تُعتَبر أمراً صعباً، لأن الحكومة وأرامكو تتعاملان أحياناً مع التعويض كجزء من التفاوض على مدفوعات أرامكو السنوية للحكومة.
في العام 2006، أمر الملك آنذاك عبد الله بن عيد العزيز ببناء أول جامعة مُختلطة في المملكة العربية السعودية تُقدَّر تكاليفها بين 2 ملياري إلى 3 مليارات دولار. ويقول متحدث بإسم أرامكو: “تحمّلت الحكومة الغالبية العظمى من التكاليف” للمشروع، وأن الحكومة سدّدت مليار دولار لأرامكو لبنائها “مدينة رياضية” تضم ملعباً لكرة القدم وما لا يقل عن خمسة مساجد.
وفي مشاريع مُحدَّدة أخرى، مثل مشروع تصريف مياه الأمطار في جدة الذي إمتدّ على مدى سنوات، رفضت الشركة التعليق. وهناك مشروع آخر يضم متحفاً مستقبلياً ومركزاً ثقافياً يرتفع في الصحراء الشرقية في المملكة العربية السعودية، ويكلف أرامكو أكثر من 800 مليون دولار، على حد قول بعض الأشخاص المطلعين على المشروع. ولا تزال الشركة تمتلك وتدير مركز الملك عبد العزيز للثقافة العالمية الذي من المقرر إفتتاحه في العام المقبل.
وشاركت أرامكو أيضاً في بناء مركز مكافحة الإرهاب في الرياض الذي زاره الرئيس دونالد ترامب والملك سلمان خلال زيارة الرئيس الأميركي الأخيرة للمملكة حيث لمسا فيه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مُجسّماً متوهّجاً للكرة الأرضية، على حد قول شخص مطلع على هذه المسألة.
في العام 2014، بدأ بعض المسؤولين في أرامكو مواجهة المشاكل الإقتصادية السعودية التي كانت تختمر. من خلال الدور غير الرسمي كرائد إقتصادي للبلاد، قامت شركة النفط العملاقة بإعداد تقرير خاص يُحذّر الحكومة من إنفجار ديموغرافي يلوح في الأفق، حيث ستحتاج البلاد إلى خلق ما يتراوح بين 300,000 و350,000 وظيفة سنوياً للحفاظ على معدل البطالة دون 20٪. لكن الحكومة لم تهتم بهذه الدراسة.
ثم غرقت أسعار النفط. وتوفي الملك عبد الله في العام 2015؛ وبدلاً من طلب بناء الملاعب، طلب الملك الجديد سلمان من إبنه الأمير محمد كسر إعتماد المملكة على النفط، ومَنَحَه السلطات للإشراف على إصلاح إقتصادي شامل.
في 7 كانون الثاني (يناير) 2016، علم موظفو أرامكو عما ينتظرهم مستقبلاً من مجلة “ذي إيكونوميست”: قال الأمير محمد لمراسل المجلة البريطانية أن الشركة سوف تُخصّص وتصبح مؤسسة عامة.
“كانت هناك رعشة من الصمت في الغرفة عندما تمّ الإعلان عن ذلك”، قال أحد الموظفين. “نحن الذين دفعوا إلى البحث عن حل قائلين بأن الاقتصاد بحاجة إلى أن يكون متنوّعاً، لكننا لم نعتبر الإكتتاب العام وسيلة للقيام بذلك”، مضيفاً.
هرع موظفو العلاقات العامة لإصدار بيان لجعل الخبر يبدو نتيجة لدراسة طويلة الأمد، يقول الناس الذين هم على دراية بهذا الحدث. وقال بعض المصرفيين أن الإعلان أطلق سباقاً لمعرفة كيفية إدراج شركة كبيرة جداً ومتشابكة مع الحكومة للإكتتاب العام والذي يُعتبر مساوٍ ل”إدراج البلد”.

إهتمام دولي بالإكتتاب

إجتمع رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير مع الأمير محمد بن سلمان في مخيم صحراوي؛ وإلتقى لاري سومرز، وزير المالية الأميركي الأسبق في فترة بيل كلينتون ورئيس المجلس الإقتصادي أيام باراك أوباما، بالقادة السعوديين، كما فعل زعيم الغالبية الجمهورية السابق أريك كانتور الأمر عينه، كما أفاد أشخاص على دراية بالإجتماعات.
سياسيون سابقون، وخبراء في السياسة والإقتصاد، ينتمون أيضاً إلى المصارف أخذوا يتنافسون على أعمال أرامكو للإكتتاب العام. بلير هو رئيس المجلس الدولي ل”جي بي مورغان تشيس وشركاه”، الذي يقدم المشورة إلى البنك (رئيس مجلس إدارة أرامكو السابق، فالح، كان أيضاً في ذلك المجلس). سومرز و كانتور تابعان لشركات “مصرفية بوتيك” تقدم المشورة لشركة أرامكو.
في لقائه مع الأمير محمد، بحث بلير “السياسة العامة في الشرق الأوسط”، ولكن لم يكن هناك بحث ب”الأعمال” أو بدور مصرف “جي.بي. مورغان”، وفقاً لشخص قريب من بلير.
وكخطوة أولى، أقدم فالح والرئيس التنفيذي لأرامكو أمين ناصر على تعيين معتصم المعشوق لقيادة مجموعة من شأنها أن تحدد كيفية فك إرتباط أعمال النفط والوقود والمواد الكيميائية من إلتزامات أرامكو الحكومية.
وفي كلمة ألقاها في قسم التخطيط المؤسسي، قال المعشوق، رئيس قسم أرامكو المشرف على بناء المشاريع غير النفطية، إن الإكتتاب العام سيكون “مَعلَماً” لأرامكو، وأن “الشفافية والكفاءة ستجعلان الأمور أفضل “، كما يتذكر أحد الحضور.
وقد إستقطب المعشوق أكثر من 20 موظفاً من أرامكو. تم تعيينهم في فرق تُدعى “المشروع x” و”المشروع y ” و “المشروع z”، يقول بعض الأشخاص المطلعين على هذه المسألة، وبدأوا إجتماعاتهم في المكاتب وراء أبواب مقفلة. وقد وضع “المشروع x” خطة لإكتتاب عام لكل الشركة؛ فيما قدّم كلٌّ من “Y” و”Z” عروضاً للطرح أكثر تواضعاً لشركات المعالجة في أرامكو، يقول أشخاص هم على إطلاع على هذه المسألة.
وقد قرر المدراء التنفيذيون المضي قدماً في “المشروع x”، كما يقولون، وشارك فريق آخر، “مشروع R”، للتركيز على إعداد وتحضير الشركة للإكتتاب العام.
وقد وَضَعت الفرق، جنباً إلى جنب مع مستشاريها الخارجيين، خططاً لتحويل الدعم من سجلات أرامكو المالية والوظائف غير المرتبطة بالطاقة – مثل بناء الملاعب ومجمعات الإبل – ووضعهما تحت مسؤولية الوزارات الحكومية.
وقد ساعدت عملية تحقيق الإصلاح الاقتصادي للأمير الشاب على إبراز الخطوط الواضحة حول دور أرامكو.
بدأت الحكومة تطلب من مجموعة أرامكو التي تتنبأ بأسعار النفط حوالي 10 تقارير أسبوعياً حول البلدان والشركات التي ينظر إليها الأمير على أنها فرص إستثمارية بديلة. وشملت تلك البلدان روسيا، سوفتبانك في اليابان، وجزر القمر، وشركة متنزهات “سيكس فلاغ” (Six Flags). وقد علق شخص يشارك في المهمة: “نحن نناقش مثلاً، ما هو دور متنزهات “سيكس فلاغ” في أسعار النفط؟”.
بدأ الفريق الداخلي الذي يعدّ عملية الإكتتاب العام للشركة إدراك أنه قد لا يحصل في نهاية المطاف على المبلغ المُرتفع الذي توقّعه الأمير محمد والمقدر ب2 تريليوني دولار. وفقاً لوثائق داخلية، فإن الفريق توصّل إلى تقييم الإكتتاب بأنه لن يتعدّى 1.5 تريليون دولار في ظل معدلات الضرائب والرسوم الحالية.
وفي داخل أرامكو، أدّت المخاوف بشأن التعطل المُحتمَل الناجم من جهود الإكتتاب العام إلى أن يعمل بعض الموظفين على ما يُسمّى جهود “تخريبية بناءة” – في محاولة لإقناع الرؤساء بأن أرامكو يجب أن تظل ذراعاً للحكومة. ولكن، من غير المرجح أن ينجح تمرّدهم الهادئ. الأمير محمد ملتزم بالإكتتاب العام، وفقاً لأشخاص في دائرته. ورفض المتحدث بإسم أرامكو التعليق على التقييم المحتمل أو على خطط الأمير.
كما أصبح قادة الأعمال السعوديون مترددين ومضطربين بالنسبة إلى جوانب خطة الإصلاح الإقتصادي. فبعدما فقدت دعم الحكومة، تواجه الشركات بالفعل ضغوطاً جديدة وتدابير أخرى تهدف إلى فطام البلاد عن عائدات النفط. بالنسبة إلى البعض، يبدو أن الحكومة تركّز على شيء واحد: تعظيم الإكتتاب العام لشركة أرامكو. في 4 آذار (مارس)، إجتمع العديد من قادة الأعمال السعوديين مع الأمير محمد بن سلمان للتعبير عن شكاواهم، وفقاً لمحضر الاجتماع الذي إستعرضناه.
إن التغييرات التي خطط لها الأمير كجزء من “رؤية 2030” – إسم خطة التحوّل الإقتصادي للحكومة – من شأنها أن تضيف إلى تكاليفهم، إشتكوا، بما في ذلك إعاقة قدرتهم على جلب عمال أجانب. وأشاروا إلى أن القطاع الوحيد المُستثنى من ذلك هو النفط، وفقاً لمحضر الاجتماع. ولم يُقدم الأمير الكثير من الإيجابية رداً على هذه الشكاوى. وبالنسبة إلى أحد المشاركين في الإجتماع فإنه فهم بأن “”رؤية 2030″ تعني بأننا نأخذ 30 ونعطيكم 20”.
وفي حين كان الإجتماع منعقداً، كانت أرامكو على وشك الإنتهاء من مرحلة مسابقة الإبل. فبعد ظهر ذلك اليوم، قامت مئات من الإبل بمضغ علفها في مراعيها المُغبّرة، في حين عُرضت إحدى إناثها البيضاء للمزاد بقيمة 10 ملايين دولار. لكن مالكها رفض العرض. وقال السبيعي، مسؤول مجمع الإبل، بأن مهندسي أرامكو كانوا في الموقع خلال المسابقة.
يؤطّر المسؤولون السعوديون مشاركة أرامكو كزواج بين التقاليد البدوية والثروة الحديثة التي تجسد المملكة العربية السعودية اليوم. وقد دعت الحكومة المسابقة، التي قدمت نحو 30 مليون دولار من الجوائز، “جزءاً من التحوّل في إقتصاد البلاد المُعتمِد على النفط”. ومُنحت الجوائز إلى إثنين من الأمراء السعوديين.
في الأسابيع التي تلت منذ الإنتهاء من منشأة الجمل، تحوّل التفكير الحكومي بالنسبة إلى فك إرتباط أرامكو، على حد قول أشخاص على دراية بهذه المسألة. ولأشهر، أشار مسؤولون في الشركة والمصرفيون الذين تتعامل معهم إلى أنهم سيوقفون ويفصلون وظائف أرامكو غير النفطية في الشركة قبل الإكتتاب العام.
عشية إنتهاء مسابقة الإبل في نيسان (إبريل)، قال مسؤولون كبار أنهم يعتزمون الآن الحفاظ على عملية البناء في الشركة، على أمل أن تتمكن من تحقيق الربح. إن العمل يسير بشكل ممتاز، يقول مسؤولون مشاركون في هذه العملية، والمستثمرون سيسعون من دون أدنى شك إلى الحصول على قطعة من هذه الحلوى الثمينة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى