الجزائر تتحوّل إلى مركز إقليمي لصناعة الأدوية

تعمل الجزائر منذ مدة على تطوير صناعة الأدوية السائلة والجافة لتحقيق الإكتفاء الذاتي المحلي والتصدير إلى الخارج، حيث بلغ عدد المشاريع الجديدة في هذا الحقل حوالي 246. ومن أجل حماية هذه الصناعة أصدرت وزارة الصحة قراراً بمنع إستيراد 358 دواء من الخارج والتي تُصنّع محلياً، كما بدأت تُصدّر بعض إنتاجها إلى كلٍّ من فرنسا واليابان وإلمانيا إضافة إلى 11 دولة إفريقية.

وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات الجزائرية: نشاط كبير لضمان نمو صناعة الأدوية

الجزائر – سلامة عبد الرحمن

بدأت السياسات الحكومية الداعمة وسنوات من زيادة الإنتاج تحوّل الجزائر لكي تُصبح مُصدِّراً رئيسياً للأدوية، مع قيام الشركة الفرنسية المُصنّعة “سانوفي” بفتح أكبر مصنع إقليمي لها في البلاد.
إن مركز إنتاج سيدي عبد الله الذي يقع على مساحة 6,6 هكتارات في منطقة زيرالدة شمال غرب الجزائر، قد إكتمل الآن بنسبة 90%، يفيد المسؤولون، الذين يتوقعون أن يكون المصنع جاهزاً للعمل بشكل كامل بحلول نهاية العام الحالي. وبمجرّد إكتماله، فإن المصنع ،الذي سيكلف في نهاية المطاف 85 مليون يورو، سيتمتع بقدرة إنتاجية تصل إلى 100,000 وحدة سنوياً ويوظّف أكثر من 300 شخص.
وسيمثّل المصنع، الذي يهدف إلى إنتاج الأدوية الطبية السائلة والجافة على حد سواء، حوالي 80٪ من حجم تجارة “سانوفي” في الجزائر، مما يجعله أكبر مركز إنتاج للشركة في إفريقيا والشرق الأوسط. وهو المصنع الثالث للشركة في الجزائر، جنباً إلى جنب مع واحد في وادي سمار المتخصص في المستحضرات الصيدلانية الجافة وآخر في عين البنيان الذي يركّز على الأدوية السائلة.
وفي إشارة إلى إحتمال زيادة التوسع، أعلن هيثم شريتح، رئيس ومدير عام شركة سانوفي الجزائر، في أيار (مايو) بأن الشركة مهتمة بالإنتقال إلى إنتاج الأنسولين وأقلام الحقن الآلي بالأنسولين في الجزائر.
ويتوافق إستثمار “سانوفي” في سيدي عبد الله مع الجهود الحكومية لتوسيع السوق للمنتجات المصنوعة في الجزائر وكبح الواردات.
وفي شباط (فبراير) الفائت، وقّع مختبر الأدوية الصيدلانية “هوب فارما” إتفاقاً مع مجموعة الصحة السعودية “جمجوم فارما” لفتح مصنع لإنتاج الأدوية العينية. وسيتم تقسيم الإستثمار في المصنع البالغة تكاليفه 130 مليون دولار – الذي سيتم بناؤه في قسنطينة، على بعد 400 كلم شرق العاصمة الجزائر — على أساس 51/49، مع إقتناء شركة “هوب فارما” حصة الغالبية بما يتماشى مع قانون ملكية الأجانب في الجزائر.
وبمجرد تشغيله، يقول المسؤولون في الشركتين أنه سيكون قادراً على إنتاج 250 مليون زجاجة لقطرات العين سنوياً، فضلاً عن 15 منتجاً مختلفاً للعيون تُنتَج حالياً في الخارج من قبل جمجوم ومُستورَدة.

الطريق إلى الإكتفاء الذاتي

توسّع الإنتاج المحلي للأدوية في الجزائر خمسة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية، في حين إنخفضت الواردات بنسبة 14.5٪، وفقاً لما ذكره حمو حافظ، المدير العام للصيدلة والتجهيزات الطبية في وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات.
الواقع أن الجزائر قادرة حالياً على إنتاج 60٪ من العقاقير الطبية التي تحتاجها محلياً، مُقتَرِبةً من هدف الحكومة المتمثّل في الإكتفاء الذاتي بنسبة 70٪ وتهيئة الظروف لتوسيع الصادرات. وبحسب “حافظ”، بحلول نهاية العام 2015، كان هناك 246 مشروعاً تقوم بها كيانات عامة وخاصة في قطاع المستحضرات الصيدلانية، منها 183 مشروعاً موجهاً لإنتاج المخدرات الطبية.
وتُعَدّ هذه الزيادة في النشاط جزءاً من النمو الأوسع الذي شهد إنتاج المخدرات المحلية يرتفع من تلبية 45٪ من الاستهلاك المحلي في العام 2015 إلى 60٪ اليوم. وفي حين زادت قيمة واردات المستحضرات الصيدلانية من 1.87 مليار دولار في العام 2015 إلى 2 ملياري دولار في العام الماضي، فقد إنخفض حجمها بنسبة 12.3٪ – وهو ما يمثل نمواً في الإنتاج المحلي وإنخفاض قيمة العملة المحلية.

فرصة إستثمارية

إن التوسّع في سوق الأدوية في الجزائر – الذي إرتفع بنسبة 22٪ ليصل إلى 3.3 مليارات يورو في العام 2016، وهو الآن الأكبر في القارة السمراء بعد جنوب إفريقيا – جذب إهتمام العديد من المستثمرين الذين يرون بأن البلاد تشكل وجهة إستثمار جذابة وقاعدة للتصدير إلى دول إفريقية أخرى.
وقد تأثر نمو القطاع جزئياً بالسياسات الحكومية، مثل حظر إستيراد الأدوية التي يمكن إنتاجها محلياً وإنشاء المختبر الوطني لمراقبة المنتجات الصيدلانية. كما أدّى تحسن الظروف المعيشية لكثير من الجزائريين في السنوات الأخيرة إلى تحويل تركيز الرعاية الصحية من الأمراض المُعدِية إلى أخرى تتعلق بظروف نمط الحياة التي تتطلب علاجات أكثر تكلفة وإستثمارات أخرى للقطاع.
مع سوق تزيد على 40 مليون إنسان، فقد شهدت الجزائر تزايد الطلب على العقاقير الطبية بأعداد مضاعفة في السنوات الأخيرة، بسبب إزدياد أعداد الأشخاص المُحتاجين إليها – بمن فيهم الأطفال وكبار السن – ونظام الرعاية الصحية الشاملة الذي يضمن سوقاً واسعة قائمة لهذه المنتجات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى