إتفاقات جديدة تعزّز علاقات المغرب التجارية مع دول غرب إفريقيا

بعدما عاد المغرب رسمياً إلى الإتحاد الإفريقي خلال قمة أديس أبابا الأخيرة، ها هو الآن ينضم مبدئياً إلى المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس). فما هي الدوافع التي جعلت المغرب يُقدم على هذه الخطوة المهمة وما هي الأهداف التي يتوخّاها من الإرتباط العضوي بهذه المجموعة؟

المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا: قبلت عضوية المغرب مبدئياً

الرباط – ميشال مظلوم

من شأن القرار الذي إتّخذته المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” فى وقت سابق من شهر حزيران (يونيو) الفائت بالموافقة مبدئياً على طلب المغرب الإنضمام الى إتحادها ان يسمح للمملكة زيادة توسيع علاقاتها التجارية مع دول غرب إفريقيا والإستفادة من علاقاتها القوية مع الإتحاد الاوروبي وقاعدة صناعية متنامية.
وتضم المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا، التي تأسست في العام 1978، 15 دولة هي: بنين وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وشاطىء العاج وغامبيا وغانا وغينيا و غينيا بيساو وليبيريا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال وسيراليون وتوغو. كما أن المجموعة تُعتبر من أهم المجموعات الإقليمية إفريقياً بعدد سكان إجمالي يُقدر بحوالي 320 مليون نسمة وناتج داخلي خام يقدر ب700 مليار دولار. وهي من بين التجمعات الإقليمية التي تصل نسبة إندماجها الإقتصادي على مستوى التجارة البينية إلى 10% وتعرف حرية في تنقل الأشخاص والبضائع ورؤوس الأموال وسبق وأن قررت في 2015 تفعيل منظومة التعرفة الخارجية المُوحَّدة التي حددت ب9% . كما تخطط المجموعة أيضاً إعتماد عملة موحدة في سنة 2020.
وبينما لا يشارك أي بلد من أعضاء الكتلة ال15 حدوداً مع المغرب، فإن إنضمامه سيسمح له بجني فوائد التجارة الحرة وحركة الأشخاص مع دول هذه المجموعة الإقتصادية.

تفاهمٌ مُشترَك

وجاء هذا الاعلان بعد توقيع مذكرتي تفاهم بين المغرب ونيجيريا في 18 أيار (مايو) الفائت، أكبر عضو في “إيكواس” بحسب عدد السكان والناتج المحلي الإجمالي.
وتُمهّد إحدى مذكرات التفاهم الطريق أمام شراكة بين المؤسسة الوطنية النيجيرية للبترول والمكتب الوطني المغربي للهيدروكربونات والمناجم، حيث ستعمل الشركتان معاً على حكم وإدارة وتمويل خط انابيب غاز بين البلدين. ومن المتوقع أن يستفيد أكثر من 300 مليون شخص من خط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا، وأن تعمل الشركتان على دراسة الجدوى الإقتصادية والهندسة والتصميم على مدى العامين المقبلين.
وقد وَضَعَت مذكرة التفاهم الثانية شروط المرحلة الثانية من إتفاقٍ ثنائي حول ما أُطلق عليه إسم مُبادرة الأسمدة. وشهدت المرحلة الأولى من المشروع إعادة فتح 11 محطة مزج للأسمدة في المغرب، في حين شملت المرحلة الثانية تطوير منصة لتبادل المنتجات الكيميائية الأساسية وتعزيز قنوات التوزيع المحلية.
وقال جان أبي نادر المدير التنفيذي لمركز التجارة والإستثمار الأميركي – المغربي إن الاندماج التدريجي للمغرب في أسواق إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يدل على الصعوبات التي واجهها إتحاد المغرب العربي في تحفيز تقدم ملموس نحو تحقيق أهدافه الإقتصادية.
وأضاف أبي نادر بأن التعاون المحدود بين الدول الأعضاء في إتحاد المغرب العربي منذ إنشائه في العام 1989 شهد تحوّلاّ في جهود المملكة إلى تطوير علاقات الأعمال مع شركاء في الجنوب والذين وقعت معهم حوالي 950 إتفاقية ثنائية منذ العام 2000.

عبر المياه

في حين أن المغرب يتطلع إلى تعزيز الروابط مع القارة الإفريقية، فإن الإتحاد الأوروبي لا يزال أكبر شريك تجاري له، والذي مثّل 55.7٪ من التجارة و 61.3٪ من الصادرات في العام 2015. وإرتفعت تجارة السلع بين السوقين بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، من 29.3 مليار يورو في العام 2014 إلى 30.6 مليار يورو في العام 2015، و 34.6 مليار يورو في العام الماضي، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.
ومن صادرات المغرب إلى الإتحاد الأوروبي التي بلغت قيمتها 13.8 مليار يورو في العام 2016، شكّلت الآلات ومعدات النقل 40.4٪، تليها المنتجات الزراعية (23٪)، والمنسوجات والملابس (20.3٪).

الإستثمار في الصناعة

إن التطورات الأخيرة في قطاع السيارات والملاحة والإلكترونيات في المغرب تبشر أيضاً بالخير بالنسبة إلى آفاق التجارة.
في نيسان (إبريل) 2016، أعلنت الشركة الفرنسية لصناعة السيارات “رينو” عن إستثمارات في المملكة بلغ مجموعها مليار دولار، وفي أيلول (سبتمبر) وقّعت الدولة مذكرة تفاهم مع شركة بوينغ الأميركية العملاقة للملاحة الجوية لتطوير منطقة صناعية لهذا القطاع.
وفي الآونة الأخيرة، ضمنت مدينة محمد السادس طنجة التقنية – وهي مدينة صناعية وتكنولوجية ستكلف 10 مليارات دولار وستقام على مساحة 2000 هكتار بالقرب من مدينة طنجة – تمويلاً من مجموعة الطيران الصينية “هايت” (Haite) في آذار (مارس) الفائت.
وعلى رأس هذه الخطوات الإيجابية، إفتتحت شركة “يو بي أس” (UPS) اللوجستية الأميركية مستودعاً مساحته 1300 متر مربع في الدار البيضاء في نيسان (إبريل) الفائت، في حين أعلنت “سوجيفي”، في آذار (مارس)، – وهي شركة تابعة لمجموعة “سير” (CIR) الإيطالية – بأنها ستفتح أول مصنع إفريقي لها في طنجة. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة المشروع 10 آلاف متر مربع، ومن المقرر الإنتهاء منه في العام المقبل، وتبلغ تكلفته حوالي 10 ملايين يورو، ويمكن أن يمتد على 25,000 متر مربع بحلول العام 2021.
إن نجاح المغرب في جذب إهتمام الشركاء الدوليين وكبار المصنّعين دفع بوكالة التصنيف الإئتماني “موديز” إلى ترقية توقعاتها بالنسبة إلى المملكة المغربية من مستقر إلى إيجابي في شباط (فبراير) الفائت، مشيرةً إلى “دينامية تصدير الصناعات الجديدة” كقوة دافعة وراء تحسّن “الموقف الخارجي المُنعَكِس في بناء إحتياطات كبيرة من النقد الأجنبي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى