البنوك الكويتية تُرَقمن خدمتها لتلبية إحتياجات عُملائها الشباب

في زمن هبوط أسعار النفط تتطلع الكويت إلى تعزيز قطاعاتها غير الهيدروكربونية لمواجهة إلتزاماتها المالية وتحسين الإقتصاد. وقد ركّزت أخيراً على تطوير قطاع المصارف الذي يُعتبر أقوى قطاع إقتصادي غير نفطي في البلاد من طريق رقمنته.

بنك الكويت الوطني: إرتفعت أرباحه

الكويت – علي الشعلان

يخضع قطاع المصارف في الكويت إلى تحوّل رقمي، حيث يتحرّك أقوى قطاع إقتصادي غير نفطي في الدولة بشكل متزايد لتلبية طلب السكان الشباب ذوي الخبرة في مجال التكنولوجيا.
وقد قادت المؤسسات الخاصة الطريق، وأطلقت العديد من المبادرات الجديدة بما في ذلك نُظُم الأمن البيومترية وأجهزة الصرّاف الذكي، في حين أن البعض الآخر يتحرك لتحسين قابلية التشغيل البيني، ونُظُم الدفع الإلكتروني وتقديم الخدمة الرقمية للعملاء.

أحدث الجهود

بعد إطلاق قسم الإبتكار والرقمنة لتحسين خدمة العملاء عبر الإنترنت، أعلن بنك الكويت الوطني في أيار (مايو) الفائت أنه إفتتح مركزاً كاملاً للرعاية الرقمية للعملاء في منطقة بيان، وذلك كجزء من إستراتيجية للإنتقال نحو فروع إفتراضية وخدمة توصيل مُخَصّصة عبر الإنترنت.
في الشهر عينه، كشف بيت التمويل الكويتي “بيتك” و بنك الإئتمان الكويتي عن توقيعهما على إتفاقية بروتوكول للمدفوعات الإلكترونية. وبموجب الخطط الحالية، سيتمكن عملاء بيت التمويل الكويتي “بيتك” من الدفع إلى بنك الإئتمان الكويتي من خلال موقع “بيتك” الإلكتروني، مما يشير إلى أن البنوك أصبحت تُدرك بشكل متزايد أهمية الطلب على التشغيل البيني وتبسيط تقديم الخدمات.
وكان بنك الخليج أيضاً في طليعة البنوك المُبتَكِرة في المجال الرقمي في الكويت، حيث أصبح في أيار (مايو) 2016 أول بنك في منطقة الخليج يُطلِق مَنصّةً لإستخدام القياسات الحيوية (البيومترية) للأمن المصرفي الرقمي.
وبالشراكة مع شركة “داون” (Daon) الأميركية للرقابة البيومترية، أنشأ بنك الخليج نظاماً يجمع بين لمس الهوية الشخصية وتقنية التعرف على الوجه. يُمكن للعملاء إستخدام الكاميرا على هواتفهم الذكية لمسح وجوههم في الوقت الذي يومضون عيونهم (يرفون جفونهم)، والذي يمنح الوصول إلى الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول من دون كتابة معلومات شخصية للمصادقة.
في الربع الثاني من العام الفائت، قام البنك أيضاً بإعادة إطلاق بوابة الخدمات المصرفية عبر الإنترنت لتحسين الأداء الوظيفي، وأنشأ شبكة صغيرة لخدمات إدارة المعلومات، التي تتيح للعملاء إجراء مكالمات فيديو في الوقت الحقيقي إلى المهنيين في القطاع المصرفي، مما يلغي الحاجة إلى زيارة الفرع المحلي.
المُقرض الإسلامي بنك بوبيان إستفاد هو الآخر من تبنّيه للتكنولوجيا الرقمية، حيث أفاد بأن الأصول والإيرادات التشغيلية وودائع العملاء إرتفعت بنسبة 18٪ و 17٪ و 15٪ على التوالي في العام 2015، وذلك على خلفية قاعدة عملاء متنامية. ويُعزى إرتفاع عدد العملاء إلى العروض المصرفية الجديدة عبر الإنترنت والمتنقلة، مما يُسلّط الضوء على إمكانات الابتكار الرقمي لزيادة إيرادات البنوك وأرباحها ونموها في المدى الطويل.

إرتفاع الطلب

إن الدفع من قبل المُقرضين لتعزيز التفاعل مع العملاء يأتي من خلال التكنولوجيا وتحسين عروضهم الرقمية كإستجابة للطلب القوي من المستهلكين.
وفي إستطلاع أُجري في أيار (مايو) 2016 وشمل 2000 عميل مصرفي كويتي، أفادت شركة “إي واي” (EY) الإستشارية بأن 27٪ فقط من تفاعلات العملاء المصرفية تم إجراؤها عبر الهواتف الذكية، على الرغم من أنها وجدت أيضاً أن 89٪ من عملاء البنوك في الكويت سيكونون مستعدين لتغيير بنوكهم للإستفادة من أفضل تجربة رقمية، في حين أن 80٪ سيكونون على إستعداد للإنتقال إلى مصرف يعتمد “الرقمية أولاً”.
وبشكل ملحوظ، أفاد 90٪ من العملاء المصرفيين أنهم سيفتحون حساباً لدى البنك الذي يعتمد “الرقمية أولاً”، ومزوّد بأساليب دفع إلكترونية سهلة وفروع محلية محدودة.
وفقاً ل”إي واي”، فإن لدى العملاء فَهماً جيداً لفوائد الخدمات المصرفية الرقمية، وسيكونون سعداء للدفع أكثر من أجل الراحة الرقمية. ومع ذلك، وجدت الدراسة أيضاً أن البنوك لديها عمل للقيام به لتعزيز التجربة على الإنترنت من أجل جذب عملاء أكثر. وأفاد 85٪ من المجيبين بأنهم سبق أن قاوموا إستخدام الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، مشيرين إلى عدم توفر قناة رقمية مفضلة، وصعوبة الوصول إلى منصة رقمية، وتجربة غير حدسية للمستخدم، وسرعة عمليات بطيئة، وعدم وجود خدمات مصممة خصيصاً.

الحالة الراهنة

على الرغم من إستمرار تراجع أسعار النفط العالمية، ظل القطاع المصرفي الكويتي مُربحاً ومُرَسّمَلاً جيداً، حيث أفاد بنك الكويت الوطني بأن أرباح البنوك إرتفعت بنسبة 6.6٪ لتصل إلى 190 مليون دينار كويتي (626.1 مليون دولار) في الربع الأول من هذا العام، مدفوعة بالدخل الأساسي.
كما سجل المعتمدون على الرقمية نتائج مالية إيجابية. أعلن بنك الخليج، على سبيل المثال، عن إرتفاع صافي أرباحه بنسبة 9٪ على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي لتصل إلى 9.4 ملايين دينار كويتي (31 مليون دولار)، في حين إرتفعت الأرباح التشغيلية بنسبة 5٪ على أساس سنوي، و 20٪ على أساس ربع سنوي لتصل إلى 29.9 مليون دينار كويتي (98.5 مليون دولار)، وهو أعلى ربح تشغيلي في الربع الأول منذ العام 2010.
وإرتفع صافي أرباح البنك بنسبة 10٪ ليصل إلى 43 مليون دينار كويتي (141.7 مليون دولار) في العام 2016، حيث أفاد المُقرض بأن قاعدة عملائه الرقمية إرتفعت بنسبة 156٪ بعد إطلاق تطبيقه للخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول في الربع الثاني.
في الوقت نفسه، أفاد بنك الكويت الوطني بأن أرباحه إرتفعت بنسبة 8.4٪ على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2017 إلى 89.7 مليون دينار كويتي (295.6 مليون دولار)، بعد أن سجّلت زيادة بنسبة 40٪ على أساس سنوي لتصل إلى 75.9 مليون دينار كويتي (250.1 مليون دولار) في الربع الرابع من العام 2016.
وعلى الرغم من الأداء الجيد للقطاع المصرفي التابع للدولة في السنوات الأخيرة، فإن الإبتكار يُمكنه أن يكون مُحرّكاً حاسماً للنمو في المستقبل، حيث يعزّز الربحية ويتيح للجهات الرقمية تبنّي حصة أكبر في السوق، مع توفير فرص جديدة لمُقدّمي التكنولوجيا والخدمات والأمن في القطاع المالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى