بدلاً من سياسة الإنتظار

بقلم البروفسور غسان الشلوق*

يتجه مصرف لبنان، في الأيام القليلة المُقبلة، إلى إدخال تعديلات اساسية على سياسة دعم الرأسمال التشغيلي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أقرها عبر التعميم 462 ( تاريخ 17-5-2017) بشروط مُحَدَّدة أقلّها إلتزام برامج تصدير للمؤسسات المعنية.
ويُفترَض أن يُجري المصرف خفض سقوف التصدير للمؤسسات على نحو ملموس (من 50% الى ربما 25%) بحيث يصبح متيَسّراً للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الإستفادة من قروض التشغيل التي كانت ستقتصر فعلياً على مؤسسات كبرى قليلة العدد وفق صيغة التعميم الأخير لتحترم شروط معدّلات التصدير المطلوبة.
ويلاقي هذا التوجه مجموعة من المعطيات الإقتصادية الأساسية منها:
• الحاجة الى رعاية حقيقية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثّل الغالبية الساحقة من المؤسسات اللبنانية بعدما قصّرت السياسات الرسمية المختلفة لسنوات طويلة في هذا الشأن. وثابتٌ أن هذه الرعاية مطلوبة خصوصاً في جانب أساسي من جوانب كلفة الإنتاج أي التمويل التشغيلي.
• الحاجة الى تحريك عجلة التصدير وهي مسألة حيوية جداً خصوصاً أن نسبة تغطية الواردات (الصادرات الى الواردات) وصلت في نهاية 2016 الى 16% فقط. لكن مسألة تنشيط الصادرات دونها عقبات أبرزها ما يتصل بإعادة النظر بالإتفاقات التجارية أو جودة الإنتاج أو مستويات الأسعار … والمؤسف أن هذه العناصر لم تُعالَج – هي الاخرى – منذ سنوات.
• الحاجة أخيراً الى توظيف مفيد لفائض السيولة بالليرة، وهو فائض توسّع أيضاً بفعل ما سمّي “الهندسة المالية” الأخيرة، ويُمكن أن ينقلب إذا لم يُحسَن إستعماله الى محرّك سلبي في إتجاه المُضاربات خصوصاً.
إن الإلتفات الى مؤسسات الإنتاج بشكل جدي ومتكامل مسألة مُلحّة تتطلب بالتالي الذهاب الى برنامج شامل يتضمن الى التمويل المُيسِّر مجموعة سياسات تتعاون عليها الإدارات المعنية في وقت يُدعى فيه لبنان والمنطقة للوقوف أمام تحديات هائلة تستحيل معالجتها بالإستمرار في إسترتيجية الإنتظار … والتفرّج.

• أستاذ جامعي، خبير إقتصادي، والعميد السابق لكلية العلوم الإقتصادية وإدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى