لبنان: تمرير قانون الإنتخاب خطوة في الإتجاه الصحيح رغم شوائبه

بقلم كابي طبراني

تمكّن لبنان أخيراً من تجنّب أزمة دستورية أخرى بعد أن وافق البرلمان ومجلس الوزراء على قانون إنتخابي جديد. وقد إعترفت غالبية الأحزاب السياسية بعدم صلاحية القانون الطائفي القديم الذي يعود تاريخه إلى العام 1960، لكنها لم تتمكّن من الإتفاق على ما ينبغي إدخاله في القانون الجديد. ونتيجة لذلك، صوّت مُمثّلوها على إحداث تغيير صغير من شأنه أن يُقدّم التمثيل النسبي في ترتيب جديد مُوزَّعٍ على 15 دائرة إنتخابية في جميع أنحاء البلاد والسماح للبنانيين في الخارج بالتصويت لأول مرة. وإعتبر معظم القوى السياسية المُشاركة في الحكومة إن ما أُنجز يُعتبَر أفضل المُمكن لإعادة الإستقرار السياسي إلى البلاد بعد أشهر من التوتر، في حين إعترض نواب حزب الكتائب على القانون لجهة التفاصيل التي يتضمّنها بالنسبة إلى التقسيمات الإنتخابية. كما رفض النواب دعم الإصلاحات التي كانت إقتُرِحَت سابقاً وأيّدها أكثر اللبنانيين، بما فيها تخصيص حصة للنساء، والسماح للجنود اللبنانيين بالتصويت، وتخفيض سن الإقتراع من 21 إلى 18 عاماً. وسيستمر البرلمان الحالي، مُمَدِّداً لنفسه، حتى أيار (مايو) المقبل موعد إجراء الإنتخابات النيابية، فاتحاً الفرصة لوزارة الداخلية المعنية لكي تعدّ الأفراد وتقوم بالتجهيزات اللازمة لعملية الإقتراع بما فيها البطاقة الإنتخابية المُمغنطة.
وبموجب الدستور الميثاقي اللبناني، ينقسم البرلمان إلى 128 مقعداً بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين حسب إتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الاهلية بين 1975 و1990. وكان الرئيس ميشال عون جادل بأن النظام القديم قد مَنَح المُسلمين الكثير من القدرة والهيمنة لإيصال النواب المسيحيين إلى المجلس النيابي، كما إدّعى منتقدوه بأن النظام قد شجّع التحالفات السياسية عبر الخطوط الطائفية.
عانت البلاد دائماً من الإنقسامات الطائفية، حيث تضرر إتفاق ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية من الحروب الأهلية السورية والتلاعب الإيراني الذي يدعم “حزب الله” والأحزاب السياسية المرتبطة به. وقد تعرّض البرلمان لضغوط كثيرة لإصلاح نفسه منذ سنوات، لكن الناشطين اللبنانيين يزعمون أن السياسيين كانوا يستخدمون الإضطرابات الإقليمية منذ العام 2011 عذراً آخراً لتفادي إجراء إنتخابات جديدة.
لقد كانت المأساة الوطنية التي أجبرت لبنان على الكفاح والمعاناة من دون حكومة فعّالة لسنوات عديدة في مواجهات “حزب الله” مع البقية. الواقع إن “حزب الله” كبير جداً بحيث لا يُمكن تجاهله في أي تسوية، ولكنه صغيرٌ جداً لبناء وتشكيل حكومة بمفرده، لذلك كان لا مفرّ من حالة الجمود. وقد خلق ذلك إحتمالاً جدياً بأن ينجذب لبنان إلى القتال فيما طلبت إيران من “حزب الله” التدخل في الحرب السورية إلى جانب الرئيس بشار الأسد الذي كان في وضع صعب وحرج جداً في ذلك الوقت.
مع ذلك، سرعان ما أعقبت ذلك قضية ثانية مع تدفق أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري إلى لبنان، وهم يائسون يبحثون عن ملجأ وسكن، لكنهم يحملون معهم تحالفاتهم في الحرب الأهلية. وللتغلب على هذه القضايا الوجودية، كان لبنان يحتاج بشكل ماس إلى رئيس جمهورية ورئيس وزراء وبرلمان يعملون مع تفويض. لذا كان التطور المتواضع، رغم شوائبه، في 17 حزيران (يونيو) الجاري خطوة في الإتجاه الصحيح.
وكما قال الرئيس اللبناني، ميشال عون، إن إعتماد قانون النسبية للمرة الأولى في لبنان سوف يُحدِث تغييراً مُهمّاً في الحياة السياسية ويُنتج طبقة سياسية قادرة على صناعة التغيير المنشود والإصلاح.
قولوا إن شاء الله!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى