قانون الكلمات المتقاطعة

بقلم سجعان قزي*

الفارقُ بين النسبيةِ، ونسبيةِ قانونِ الإنتخابِ اللبنانيّ يشبه مسافرِين إلى باريس باعوا كلَّ ما لديهم ثمنَ بطاقةِ السفرِ والفندق. وبعد ساعاتٍ في الجوِّ تهبطُ الطائرةُ في مطارِ مقديشو بالصومال. ويُــفاجَأون بطاقمِ الطائرةِ يُبشّرهم بأنه حقّقَ إنتصاراً بالإقلاع والتحليقِ ثم الهبوطِ في مقديشو بدلَ مواصلةِ الطيرانِ حتّى باريس، ويَـعِدهم بأن يُسفِّرَهم إلى باريس المرّةَ المقبِلة. وفي محاولةٍ لتغطيةِ إنتصارهِ الفاشِل، راح يَشرح للركّابِ حسناتِ الهبوطِ في الصومال: مقديشو تقع على شاطئِ البحرِ الأحمر، باريس لا تُـطِلُّ على بحر. حجمُ البَعوضِ في مطارِ مقديشو كبيرٌ يُرى بالعينِ المجرّدَة، بينما حجمُه صغيرٌ في مطارِ شارل ديغول ويَـلْسَع على حين غِـرّة. المناخُ في الصومال صحراويٌّ حارّ عكسَ فرنسا حيث البردُ القارص. هنا تتعرّفون على تاريخِ أسرة “جوبورون” الصحراويّـة عوضَ الاطلاع على سُلالة دو بوربون الفرنسيّـة. الصومال عضوٌ في الجامعةِ العربيّـة بينما فرنسا ليست سوى عضوٍ في الاتحادِ الأوروبّي. في الصومال إكتفَوا بقوسٍ وفي باريس طَمعوا بقوسِ نصر. في الصومال حافظ الإنسانُ على العصرِ الحجري، بينما غامرت باريس وإنتقلت، من دون تقديم إعتذار، إلى عصرِ الكتاب والتكنولوجيا والإنترنيت. في مقديشو تشترون لُفافةَ “القات” التي تُـجلَبُ يومـيّـاً من كينيا بخمسةِ دولاراتٍ أميركـيّـة، في حين تجوبون كلَّ أحياءِ باريس ولا تجدونها. الصومال تمسَّكت بعُملتِـها الوطنـيّـةِ “الشِلْن”، بينما فرنسا تنازلت عن عُملتها لصالحِ اليورو. في الصومال تتمتعون بنظامِ الشريعة بعيدًا من العَلمنةِ الفرنسيّـة. في الصومال تقعون على مدنٍ مُعفاةٍ من نظامِ السيرِ مثلَ “كيسمايو وبوساسو وبورما، بينما عليكم إحترامُ النظامِ في مدنٍ فرنسيّـةٍ مثلَ فيرساي وليون وبوردو ونيس. في مقديشو تَصرفون مالاً أقلَ فلا كوتا نسائــيّـــةً ولا مشروباتٍ ولا لحمَ خِنزير، بينما في فرنسا يَستميلُكم النبيذُ والشمبانيا والكوتا المتنوّعَة.
إنتهى قائدُ الطائرة من عرضِ مفاتنَ مقديشو وإنتظَر ردّةَ فعلِ المسافرين التُعَساء. فَدَوى التصفيقُ وأبلغوه أنّـهم يَضعون أرواحَهم ودماءَهم فِداه وفِدى المضيفاتِ اللواتي سَهرن الليلَ لتحضيرِ الهبوطِ في مقديشو عوضَ باريس. هكذا ركّاب يَستحقون هكذا طيّار.
ويُشبه التمديدُ أحدَ عشرَ شهراً عوضَ سنةٍ للمجلسِ النيابيّ مـحّـلاتِ الأدواتِ المنزلـيّـة التي تُعلن سعرَ الغِسّالةِ 5999 ليرةً عوضَ 6,000 ليرةٍ ليكونَ الوقعُ أخفَّ على الشاري، وتعلنُ سعرَ البرّادِ لـحُفظِ النوّاب 8,999 ليرة، وسعرَ آلةِ تسهيلِ هضمِ الصفقات 3,999 ليرةً، وسعرَ مِكْنسةِ الطبقةِ السياسيّـة 0.999 قرشاً.

• وزير لبناني سابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى