هل يستطيع الأمير محمد بن سلمان فَطم الإقتصاد السعودي الريعي؟

الخطة الطموحة لإعادة تشكيل الإقتصاد السعودي هي من بنات أفكار ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ولكن السؤال المطروح: هل لديه ما يلزم لإحداث إنقلاب في بلده وتنفيذ هذه الخطة؟

وزير المالية السعودي محمد الجدعان: الدفع للمقاولين خلال 60 يوماً كحد أقصى.

الرياض – إليزابيث ديكنسون *

خلال حياته المهنية التي بدأها منذ عشر سنين في مجال الخدمات المصرفية التجارية، لم يرَ محمد مِرفت الإقتصاد السعودي في هذا الوضع السيىء. “سوقُنا متعثّرة. كل شيء تقريباً يتحرّك في بطء شديد”، يقول موظف البنك البالغ من العمر 36 عاماً. مضيفاً: “جميع العملاء غاضبون وغير مهتمين بأخذ أي قرض”.
لكن هناك أخباراً جيدة مقبلة، يُفيد مِرفت، حيث يتوقع أن تنتعش الشركات وتزدهر مرة أخرى وتخرج من الإنكماش، الذي شهدته منذ أشهر طويلة، في أي يوم الآن. وقبل أسبوع من حديثنا معه، أعاد الديوان الملكي السعودي إعانات الرواتب إلى ثلثي العمال السعوديين الذين شهدوا خفضاً في مداخيلهم في االعام 2016. وكان تم تخفيض جميع أجور القطاع العام كجزء من “رؤية 2030” الكاسحة لإعادة هيكلة الإقتصاد بعيداً من النفط وخفض الإعانات بلطف للسكان “المُدلّلين”.
مع عودة النقد إلى الجيوب السعودية، “أتوقع الآن أن تعود الأعمال التجارية إلى ما كانت عليه من قبل”، يضيف.
ويعود الإنخفاض الكبير في الثقة إلى أيلول (سبتمبر) الفائت عندما أعلنت الحكومة السعودية بأنها قررت تخفيض رواتب الوزراء بنسبة 20 في المئة وخفض الفوائد والبدلات لجميع الموظفين العموميين. وبما أن ثلثي المواطنين العاملين في السعودية يشغلون وظائف حكومية، فإن التخفيضات في الرواتب كانت منذ فترة طويلة حاجزاً ثالثاً أمام الإصلاح. إن الأجور في القطاع العام في المتوسط تزيد بنحو 1.7 مرة عما هو عليه في القطاع الخاص، وبحلول العام 2016، إرتفعت فاتورة الأجور إلى 45 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي.
وعندما جاء قرار الإنعكاس في نيسان (إبريل) الذي يعيد الفوائد والبدلات إلى ما كانت عليه، رأى العديد من المحللين في الخارج ذلك تأكيداً لمخاوفهم من أن المملكة لن تكون مستعدة أو قادرة على فرض تغيير حقيقي على سكانها. ولكن العديد من السعوديين هنا، بمن في ذلك الإقتصاديون ورجال الأعمال، قد أخذوا درساً مختلفاً من هذه الحلقة. فهم يقولون بأن الإنعكاس كان مؤشراً واعداً – وهو مؤشر على أن القيادة مستعدة لتغيير مسارها عندما لا تسير الإصلاحات على النحو المنشود.
لقد أدّت التخفيضات إلى هبوط حاد في الإنفاق الإستهلاكي، وبدأ المواطنون يتذمّرون. فعلى سبيل المثال، تقلّص قطاع التجزئة بنسبة 1,2٪ في سنة 2016 بعدما إرتفع بنسبة 2,8٪ في سنة 2015، وذلك بفضل تخفيضات الرواتب. وكما سمع مراد في “كشكه” المصرفي، فقد أرجأ الكثير من السعوديين هذا النوع من الإنفاق الذي يحافظ على إستمرارية وصمود الإقتصاد غير النفطي هنا – كإقتناء سيارات جديدة، وتطوير منازلهم، وحتى الإقدام على الزواج.
وقام الإصلاحيون السعوديون بقيادة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتعديل وتصحيح خططهم وفقاً لذلك. منذ إنضمامه إلى خط الخلافة في العام 2015، أقدم الأمير الشاب (32 عاماً) على تبنّي خطواتٍ لتحريك الإقتصاد السعودي بعيداً من النفط، ووضع السياسات التي، على حد تعبير أستاذ الإقتصاد في جامعة “لندن سكول أوف إيكونوميكس” ستيفن هرتوغ، “ذبحت العديد من الأبقار المُقدّسة في دولة التوزيع السعودية”.
إن “رؤية 2030” التي أطلقها الأمير الشاب هي مخططٌ لسياسة لامعة عن كيفية نقل البلاد بعيداً من النفط، وتعزيز القطاع الخاص، والحدّ من البطالة، التي تتجاوز نسبتها 30 في المئة لدى الشباب. ويهدف البرنامج، الذي تمت صياغته بناءً على مشورات من شركات إستشارية غربية عدة مثل “ماكينزي وشركاه”، إلى خصخصة حوالي 5٪ من شركة النفط الحكومية أرامكو السعودية من خلال إكتتاب عام الذي من المتوقع أن يستقطب حوالي 100 مليار دولار. ويدعو هذا البرنامج أيضاً إلى إعادة تنظيم واسع النطاق للحكومة، يُعرف ب”برنامج التحوّل الوطني”، ومجموعة من المبادرات الأصغر حول مواضيع مثل تمكين الشباب، والتعليم، وحتى الترفيه.
ولكن المدى والسرعة اللذان سيكون محمد بن سلمان قادراً على الدفع من خلالهما بخطته سيعتمدان على مجتمعٍ مُعتادٍ على الركود أكثر من التغيير. ويقول المحللون السعوديون الآن أن التخفيضات في الرواتب جاءت سريعة جداً، وكانت فادحة جداً، ولم تُقدِّم مؤشرات ملموسة كافية للتقدّم في المقابل. قد لا تكون إعادة تثبيتها الخطوة المالية المثالية – لكنها كانت الخيار السياسي الوحيد.
للمضي قدماً، سوف تحتاج الحكومة إلى التفكير ملياً في كيفية “التخفيف من مدة وكثافة الألم”، قال طارق السديري العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة جدوى للإستثمار السعودية لجمهور في مؤتمر “يوروموني السعودية” في 3 أيار (مايو) الفائت. وستحتاج الحكومة الى” شبكات أمان ووسائد لإستيعاب بعض هذا التأثير”، مضيفاً.

بناء صورة لأمير الشعب

تقع المسؤولية على عاتق محمد بن سلمان لكسب ثقة الجمهور بالإصلاحات التي يصفها بأنها حيوية لمستقبل المملكة العربية السعودية الإقتصادي. ويراهن فريقه على أن “الإنتصارات” المرئية في التصدّي للفساد وتحسين الكفاءة البيروقراطية وتعزيز الشفافية ستُساعد على إقناع السعوديين بهضم أي تقشف في المستقبل.
وقد بذل الأمير الشاب جهداً لإظهار أنه على إستعداد للإستماع إلى الجمهور. فقد وقف أمام مئات عدة من صناع السياسات والمهنيين ورجال الأعمال والمثقفين العامين في كانون الأول (ديسمبر) 2015 لتقديم رؤيته الإصلاحية، حيث خلع “البشت” التقليدية، وهي عباءة يرتديها الأمراء ونخبة أخرى، وإنتظر ليرى الوزراء يحذون حذوه، كما ذكر إثنان من الحضور . ثم، في ثوبه اليومي، الزي الرسمي الأبيض الذي يرتديه الرجال السعوديون، بدأ في مناقشة خططه لتحويل المملكة.
كانت تسمية الأمير الشاب في خط الخلافة تمت قبل أشهر قليلة، ولكن تأثيره في صنع السياسة السعودية كان واضحاً بالفعل. الخطط الإقتصادية الحكومية السابقة كانت تأتي دائماً من أعلى إلى أسفل؛ كان التشاور يجري وراء الكواليس ويقتصر على اللاعبين الرئيسيين. هذه الخطة أيضاً كُتبت من قبل مجموعة صغيرة من التكنوقراط والمستشارين الغربيين مُقرَّبة من الأمير. غير أن عملية النشر كانت أكثر شمولاً، بما في ذلك مساهمة عامة إسمية على الأقل.
في ذلك اليوم في العام 2015، جمعت الحكومة المهنيين السعوديين من مجموعة واسعة من القطاعات لحلقة عمل. بعد عرض محمد بن سلمان، جلس كل وزير للتحدث مباشرة مع الحضور. لم يكن إجتماع “قاعة بلدية”، ولكن العديد من الحاضرين – الذين ضموا أطباء ومعلمين وممثلين عن وسائل الإعلام وطلاباً – لم يكن لديهم مثل هذا الرأي عن كثب للسياسة من قبل.
تم إعلام الوزراء ب “خلع “بيشتهم” والجلوس معنا على الطاولة مثل أي شخص آخر”، قالت سلوى الهزاع، وهي طبيبة عيون وعضو سابق في مجلس الشورى السعودي، “لقد كان ذلك جميلاً”، معلّقةً.
إن أسلوب محمد بن سلمان يعمل على مشروع يعكس كيف يأمل هو بأن يرى ويفكر السعوديون بالنسبة إلى الإصلاحات. وقد سعى إلى تصوير نفسه على أنه تكنوقراطي شبابي واقعي بسيط. وقد إستغنى بأبهة وحسب الظرف وتجاوز التسلسل الهرمي الأسري التقليدي في تعيين الوزراء. وهو يراهن أيضاً على أن هذه الصورة ستكون كافية لزيادة الدعم لإعادة صياغة السياسة الإقتصادية السعودية.
المواطنون هنا يقبلون بشكل متزايد الحاجة إلى بعض التغيير. بعد أن إنخفض سعر النفط العالمي في العام 2014، تراجعت الموازنة السعودية إلى عجز مزدوج الرقم. وصرفت سلطة النقد العربية السعودية، البنك المركزي في البلاد، ما يقرب من 200 مليار دولار من الإحتياطات وذهبت إلى سوق السندات الدولية لجمع المزيد من المال. وعلى الرغم من أن المملكة لا تزال تتمتع بأدنى نسبة من الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لأي بلد في مجموعة العشرين، فإن التوقعات الطويلة الأجل تُرجّح حدوث عجز متزايد.
“بعض الدول يفعل هذه الإصلاحات عندما يكون الإقتصاد على ما يرام، وبعض الدول تفعل ذلك عندما لا يكون الاقتصاد يسير بشكل جيد. نحن نقع في الفئة الثانية “، قال هشام الغنام، وهو إقتصادي سعودي. مضيفاً: “اذا لم نتمكن من إجراء تغيير هيكلي في هذه الظروف فاننا سوف لن نُجري أي تغيير”.
وراء السياسات المالية والإستثمارات، هناك سؤال عن ما إذا كان محمد بن سلمان يمكنه تغيير المعادلة الأساسية للسياسة السعودية. لقد تمت دائماً رعاية السعوديين، وكانوا بدورهم سخيّين في دعم حكامهم نتيجة لذلك. لا يُسمح للسكان بمساءلة العائلة المالكة مباشرة ونادراً ما يحاولون ذلك. إن جيوب المقاومة أحياناً – سواء من المؤسسة الدينية المحافظة، أو الأقلية الشيعية، أو المجتمع الليبرالي لحقوق الإنسان – قد وُضِع حدٌّ لها من خلال مزيج من الإستقطاب والإكراه.
ومن شأن الإصلاح الاقتصادي أن يجعل هذا الترتيب أقل إراحة، على الرغم من أن قلة منهم تعتقد أن الإستقرار الأساسي للمملكة موضع شك. إذا كانت الحكومة تريد تقليم شبكة الأمان الإجتماعي، فإنه سيتعيَّن عليها أن تُقدّم شيئاً في المقابل – على الأرجح شيء آخر غير الحقوق السياسية.

إصلاح الإصلاحات

إن جواب “رؤية 2030” هو وعدٌ لحكومة تعمل. ويهدف العديد من إصلاحات البرنامج إلى تعزيز نوعية الخدمات من خلال إصلاح البيروقراطية الصعبة، وتوسيع البنية التحتية، وإستئصال الفساد. ولكن هذه المساعي تستدعي سنوات طويلة – وعندما بدأ تخفيض الرواتب في الخريف الماضي، فإن معظم السعوديين لم يروا بعد أي مكاسب ملموسة.
وترددت أصداء التخفيضات عبر الإقتصاد السعودي. من الناحية العملية، أعطت الرياض عن غير قصد الكثير من السعوديين من الطبقة المتوسطة والفقيرة خفضاً كبيراً في الأجور.
وبدلاً من رفع الرواتب الأساسية في العقود الأخيرة، كان بعض المكاتب الحكومية يزيد إضافات – بمعنى أن غالبية دخل بعض العمال كانت من الناحية الفنية “مكافأة”. وعندما تم إلغاء هذه العلاوات، رأوا أكثر من نصف أجورهم يختفي. وقد شعرت الأسر عبر الطبقات الاقتصادية بالضغط.
“احيانا تشعر كأنك في ضيق”، قالت سياط (46 عاماً) الأم التي تقيم في منزلها مع ثلاثة أطفال والتي كانت تتسوّق مساء في الرياض. مع إرتفاع تكاليف المعيشة، فقد شرحت وأوضحت كيف بدأت عائلتها زيارة مراكز التسوّق والمطاعم المنخفضة التكلفة.
كان الألم أكثر تعقيداً لأن العديد من السعوديين دُفعوا إلى التوجه إلى القطاع الخاص بسبب سوء نوعية الخدمات الحكومية المجانية. سياط وزوجها يدفعان ما يعادل دخل شهر واحد لإرسال إبنهما الأصغر، في الصف السابع، إلى مدرسة خاصة. “التكلفة ليست معقولة. ينبغي أن تكون أقل، خصوصاً بالنسبة إلى الطبقة المتوسطة من الشعب. لا يستطيع الجميع تحمّل هذا”، قالت.
النقل هو جبهة أخرى حيث يشعر العديد من السعوديين أن الحكومة لم تُقدم شيئاً في حقله. إن شوارع الرياض المُتقادِمة تنسدّ وتُعرقل حركة المرور. وسائل النقل العام غير موجودة. ويجب على النساء اللواتي لا يستطعن القيادة قانوناً أن يعتمدن على أفراد الأسرة أو السائقين المعينين أو سيارات الأجرة لإنجاز المهام اليومية. ويمكن أن يكلف السائقون الخاصون أكثر من نصف الراتب الذي تحصل عليه المرأة في وظائف البيع بالتجزئة والإدارية، مما ينفي الفائدة الإقتصادية من العمالة. وهناك “مترو” قيد الإنشاء حالياً في العاصمة، ولكن حتى حلول موعد فتحه، فإن الجمود الناتج من كتل المدينة الممزقة هو مجرد تذكير بالخيارات المحدودة.
الواقع أن تقلص المداخيل بدأ يؤذي الرأي العام تجاه “رؤية 2030″، على الرغم من أن معظمه حافظ على التذمر لنفسه وبعيداً من الصحافة المحلية. وقد إشتكى البيروقراطيون ووكلاء الوزارات من التخفيضات وعانوا كثيراً جراء تنفيذها. لقد توقفت العائلات عن الإنفاق والسفر، حيث قامت بتنفيذ شكل خاص من التقشف العائلي.
ثم، قبل أيام من إعادة الرواتب كما كانت، ظهرت دعوات للاحتجاج على وسائل الإعلام الإجتماعية. دعت حسابات على تويتر إلى إستعادة الفوائد، على الرغم من أنه من غير الواضح مقدار الدعم الذي تلقاه أصحابها ولم تُقام أي مظاهرة.
وبعد ساعات، صدرت المراسيم الملكية بالأخبار الجيدة على وسائل الإعلام الحكومية.

كل شيء يسير كما هو متوقع

في المدى القصير، قد يكون المسار الجديد للإصلاح السعودي أقل تركيزاً على التخفيضات، وأكثر تركيزاً على تحقيق نتائج ملموسة – علاماتٌ للتقدم التي يمكن للمواطنين أن يتطلعوا إليها في حال عودة التقشف إلى المملكة.
في 3 أيار (مايو) الفائت، قال محمد بن سلمان ل “قناة العربية” السعودية إن الفوائد أعيدت ليس لأن قطعها كان خطأ – ولكن لأن الأمور قد ذهبت وفقاً للخطة. لقد إرتفعت الإيرادات النفطية وغير النفطية، وإنخفض العجز. مع المؤشرات الإيجابية، “لماذا سنواصل إجراءات التقشف؟”، تساءل.
يبدو أن التفسير التكنوقراطي الذي قدمه محمد بن سلمان، دقيق أم لا، يهدف إلى طمأنة السعوديين بأنهم في أيدٍ كفوءة ومختصة. “لا أخشى أن يتفكك التماسك الاجتماعي جراء مثل هذه الخطة، إذا نُفّذت خطوة خطوة، وحصل الناس على المعلومات الضرورية والتطورات”، قال الغنام. وأضاف “أعتقد ان ما فعله الامير محمد بن سلمان – بمخاطبته الشعب مباشرة – اعتقد ان هذا كان مهماً جداً”.
في جميع أنحاء الحكومة، تحوّلت الرسائل بمهارة، مع التأكيد على دور الدولة في العمل أولاً على تنظيم بيتها الداخلي. وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان في مؤتمر “يوروموني” بعد أيام من عودة الفوائد، أن الحكومة ستبحث في زيادة كفاءة القنوات القائمة لزيادة الإيرادات. كما وافقت الحكومة السعودية أخيراً على إطار يشمل منطقة مجلس التعاون الخليجي لضريبة القيمة المضافة التي يمكن أن تدخل حيّز التنفيذ في العام 2018.
وبالمثل، تتخذ الوزارات من جهتها خطوات لخفض التكاليف. فقد تعهدت وزارة المالية، على سبيل المثال، بدفع جميع الفواتير بسرعة أكبر مما كانت عليه في الماضي، بعدما كان المقاولون بقضون أشهراً أو سنوات من دون أن يحصلوا على مستحقاتهم. الآن، سيتم تسوية جميع الفواتير في غضون 60 يوماً؛ معظمها يُدفَع الآن في غضون 30 يوماً، قال الجدعان. وفي جميع أنحاء الخليج، غالباً ما يعاني المتعاقدون من مخاطر عدم دفع أجورهم في مشاريع البنية التحتية والمشاريع الأخرى لمدة أشهر، مما يرفع التكاليف الإجمالية للمشروع.
كما أكد الوزراء حرصهم على حماية الرفاهية الإقتصادية للسعوديين. ويتعيَّن على واضعي السياسات “التأكد من أن شعبنا لا يعاني من هذه الإصلاحات، ولا سيما القطاعات ذات الدخل المنخفض”، قال الجدعان.
في الوقت نفسه، عاقب الديوان الملكي العديد من المسؤولين المتهمين بالفساد وجعلهم كمثال. وفي المجموعة عينها من المراسيم التي أعيدت بموجبها إستحقاقات الرواتب، قامت الحكومة بإقالة وزير دولة من موظفي الخدمة المدنية الذي إتُّهم بإستخدام منصبه للحصول على وظيفة سهلة ومُدِرّة لإبنه، ووعدت بالتحقيق معه. حتى وقت قريب، كانت مثل هذه المحسوبية لا تثير رفع حاجبٍ.
“لدينا الآن وضعٌ حيث يُطلب فيه من الوزراء أن يكونوا مسؤولين، وعليهم أن يجيبوا عما فعلوه”، تقول ثريا العريض العضو السابق في مجلس الشورى . “هذا مثالٌ [عنى أن يُظهر] أنه بمجرد أن يتم تعيينك الآن في هذه المناصب العليا، لا تفكّر فقط بما يمكنك الحصول عليه لنفسك وعائلتك وقبيلتك”، مضيفة.
كل هذا هو نافذة ماهرة لخلع الملابس، وتلك التفاصيل مهمة في المملكة حيث الإفصاحات الرسمية قليلة ونهائية. لكن الإصلاحيين يعرفون أن العمل الحقيقي سيكون في إعادة بناء أعماق الدولة السعودية، وليس أسلوب أولئك الذين يجلسون فوقها. هناك 13 سنة طويلة قبل العام 2030، وستكون كل واحدة منها أصعب من تلك التي سبقتها. إذا كانت الأشهر ال12 الأولى هي أي مؤشر، قد يكون على السعوديين ربط حزام أمانهم الخاص – إن لم يكن، في الوقت الحالي، بإحكام شديد.

• إليزابيث ديكنسون صحافية أميركية مُتخصِّصة في قضايا الخليج العربي.
• كُتِب هذا الموضوع بالإنكليزية وعرّبه مركز الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى