الحوثيون وإيران: تحالفات السياسة وتوتّرات المذهب

لا يزال الدور الإيراني في اليمن وطبيعة العلاقة مع الحوثيين مسألة مثيرة للجدل حيث يميل البعض إمّا إلى إنكارها بالكامل والتقليل بشدّة من حقيقة وجود تحالف بينهما أو المبالغة في تقدير العلاقة وتقديم الحوثيين كألعوبة في يد الإيرانيين.

عبد الملك بدر الدين الحوثي: تأثر بالثورة الإيرانية

بقلم ميساء شجاع الدين*

في ظلّ تطوّر وإرتفاع مدى الصواريخ التي يُطلقها الحوثيون نحو المملكة العربية السعودية خلال الحرب الحالية الدائرة في اليمن عاد التساؤل والجدل حول دور إيران والحديث عن تهريبها أسلحة للحوثيين رغم الرقابة والحصار المَفروضَين على كلّ المنافذ الجوية والبرية والبحرية اليمنية، أو الإدعاء بوجود خبراء إيرانيين يطوّرون إمكانات الأسلحة التي ما زالت موجودة لدى الحوثيين.
يميل بعض المقالات والأبحاث إمّا الى التقليل من طبيعة العلاقة بين الحوثيين والجمهورية الإسلامية فيشكّك في وجود أية روابط وذلك بهدف التقليل من المخاوف السعودية فتصبح حربها في اليمن غير ضرورية، أو في المقابل يُقدّم طرف آخر الحوثيين كمجرد دمية لإيران، فتصبح الحرب السعودية حرباً بالوكالة ضد طهران في اليمن لأجل أمنها الإستراتيجي. بين الأمرين تكمن وقائع كثيرة تُثبت بأن الواقع يقع في المنتصف بينهما.

تباينات المذهب

في البداية يميل البعض للاشارة إلى طبيعة التباين المذهبي بينهما. الحوثيون ينتمون إلى المذهب الزيدي، وهو مذهبٌ شيعي يُنسب إلى زيد بن عليّ زين العابدين بن الحُسين، ويميل هذا الفقه إلى فقه أهل العراق مهد التشيُّع والأئمة، ولا يختلف كثيراً في عهد ظهور الزيديّة الأولى عن فقه أهل السُّنة وهو لا يوجد إلا في اليمن. كما أنه يختلف عن المذهب الجعفري الإثني عشري الشيعي في إيران الذي ينتشر في دول إسلامية عدة مثل العراق وباكستان وغيرهما، علماً بأن غالبية سكان الجمهورية الإسلامية هي من أتباع هذا المذهب.
ككل، فإن الشيعة لهم رواية سياسية مختلفة عن أهل السنّة في مسألة خلافة النبي السياسية، ولديهم الحاكم السياسي هو صاحب مكانة دينية ويُدعى إمام، ولكن الفارق هو أن أهل الشيعة الإمامية الذي نشره محمد بن الحسن القُمِّي، يقول بإمامة إثني عشر إماماً معصوماً وآخرهم قد إختفى وسيعاود الظهور، وبالتالي لا يوجد تصوّر عملي للحكم السياسي حتى ظهور الإمام الغائب، لكن نظرية ولاية الفقيه عالجت هذا الإختلال. أما الزيدية فمُختلفة لأن الإمامة لم تنقطع بغياب الإمام، لأن أيّ واحد من أحفاد النبي محمد يُمكنه أن يدعو إلى الإمامة، وكذلك تجيز الزيدية التمرّد على الإمام الظالم.
هناك فارقان جوهريان في المذهبين، أولهما إن إيران غالبيتها شيعية إثني عشرية، وهو مذهب إعتنقته الدولة الإيرانية في عهد الصفويين في القرن السادس عشر ضمن عملية إحياءٍ للهوية القومية الفارسية، لذا اصبح هذا المذهب جزءاً من الهوية القومية الإيرانية. في المقابل ينحصر وجود المذهب الزيدي في اليمن، وبالتحديد في منطقة الشمال أي شمال صنعاء وحولها، وهو مذهب منتشر في اراضي قبائل همدان فقط، أي هو مذهب مناطقي- قبلي داخل اليمن. والمنطقة التي ينتشر فيها المذهب الزيدي تُدعى اليمن الأعلى، وهو تقسيم قديم يسبق الإسلام ومختلف عن تقسيم اليمن الحديث لشمال وجنوب. وهذه المنطقة هيمنت على حكم البلاد منذ القرن السابع عشر حتى الآن.
الفارق الآخر هو طبيعة دور المرجعية الدينية لكلا المذهبين، فالمرجعية الدينية في إيران تمتلك مصدراً مالياً مستقلاً وهو الخمس الذي يدفعه المُتدَيِّنون لرجال الدين، بينما المرجعية الدينية الزيدية مثل السنية مصادرها المالية مرتبطة بالسلطة السياسية، لذا تظل تابعة للسلطة ولا تمتلك إستقلالية. بالطبع تعرضت المرجعية الدينية الزيدية للتهميش والتضييق بعد الثورة الجمهورية في اليمن الشمالي في العام 1962، ولم تعاود النشاط إلا في بداية تسعينات القرن الفائت بسبب إنفتاح المجال العام والحريات السياسية التي إعتمدها النظام اليمني بعد الوحدة اليمنية في العام 1990.

الثورة الإيرانية وقيامة الشيعة

بعد “الثورة الإسلامية” التي قادها الإمام روح الله الخميني في العام 1979، بدأت السفارة الإيرانية في ثمانينات القرن العشرين تقديم دعوات للشباب اليمنيين لزيارة الجمهورية الإسلامية والتعرّف على تجربة الثورة الإيرانية. وقد نجحت هذه الدعوات فعلياً في إجتذاب الكثير من الشباب الزيدي أبرزهم محمد عزان وعبدالكريم جدبان وحسين الحوثي مؤسّس الحركة الحوثية، وكذلك زارها بعض علماء الزيدية مثل بدر الدين الحوثي والد حسين المؤسّس وعبد الملك الحوثي القائد الحالي للجماعة.
بدأت خطب حسين الحوثي تجمع حوله أنصاراً وأتباعاً. وتمثّل هذه الخطب المرجعية الفكرية للحوثيين والتي توضّح حجم تأثره الفكري بنموذج الثورة الإيرانية وفكرة القيادة السياسية ذات المشروعية الدينية. وعادة كان يستشهد بالإمام الخميني ويقدمه كنموذج لمقاومة الإستعمار والصهيونية وكذلك بحسن نصر الله رئيس “حزب الله” اللبناني، وفي الوقت عينه يعتبر عداوة صدام حسين أو أسامة بن لادن لأميركا وإسرائيل مجرد تضليل لحرف أنظار الأمة عن قيادات المقاومة الحقيقية. ثم بدأ إستعارة بعض شعارات الثورة الإيرانية مثل الموت لأميركا والموت لإسرائيل. بالطبع من الضروري معرفة الفارق بين الإمام الخميني الذي كان عالم دين كبيراً بينما حسين الحوثي هو صاحب معرفة دينية وثقافية متواضعة جداً. وهذا يظهر في الفارق الكبير في أداء الخطب وطريقة طرح الافكار.
بدأت المواجهة المسلحة بين الحوثيين وقوات الدولة اليمنية في العام 2003، ومنذ الجولة الرابعة للحرب في العام 2007 بدأت تظهر تأثيرات “حزب الله” بشكل تدريجي في أساليب قتال الحوثيين. وبدأت تظهر تسجيلات فيديو لعمليات عسكرية للحوثيين تماثل تلك التي كان يقوم بها “حزب الله” ضد إسرائيل. إضافة إلى أن تركيبة الحركة من الداخل تماثل نظيرها “حزب الله” مثل المكتب السياسي للقيادة وكذلك الشكل التنظيمي للتيار العسكري للحركة. كل هذا يعزز حقيقة أن الحوثيين على تواصل مع الحزب الشيعي اللبناني وتلقوا تدريبا على أيدي مقاتليه.
وفي أثناء حروب صعده أصدر علماء الزيدية في 18 أيار (مايو) 2004 بياناً يقول إن الحوثية حركة لا تنتمي إلى الزيدية بأي حال، وكان ابرز الموقعين العلامة الزيدي أحمد محمد الشامي الذي إنضم إلى الحركة الحوثية منذ العام 2011، مما يوضح بأن غالبية المُوقّعين على البيان كانت تُحابي السلطة ولم يكن موقفها يعبّر عن موقف عقائدي حقيقي.
لا شيء يثبت ما يشاع بأن الحوثية حركة تحوّلت إلى المذهب الإثني عشري عقائدياً، لكن الحوثيين هم النسخة المتطرفة للزيدية، وهم كما يرى باحثون إمتداد لنتوء زيدي معروف بفرقة “الجارودية” التي إختلفت عن المذهب الزيدي العام في إشتراط ان يكون الإمام من “البطنين”، وأيضاً قالوا إن ولاية علي منصوص عليها نصاً خفياً، وأجازوا تضليل وتفسيق الخليفتين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وبذلك إقتربوا أكثر من الامامية كما يقول الباحث اليمني زيد الوزير في مقاله بعنوان: “الجارودية ليست من الزيدية”، الذي نشره في فصلية المسار، الصادرة من مركز التراث والبحوث اليمني (السنة العاشرة العدد الثاني). ومع ذلك، هذا لا يمنع أن عملية تحوّل لكثير من اليمنيين الزيديين إلى الإثني عشرية قد جرت بسبب ضعف المرجعية الدينية الزيدية بعد ثورة أيلول (سبتمبر) 1962 في الشمال.

التقارب الحوثي- الإيراني

بعد ثورة 2011 بدأت إيران تكثيف حضورها في اليمن من خلال دعوة نشطاء وشباب الثورة لزيارة إيران أو عقد بعض المؤتمرات المتعلقة بالثورة اليمنية في بيروت. ثم بعد توقيع المبادرة الخليجية في شباط (فبراير) 2012 صار الحوثيون الفصيل المعارض، لأنه رفض المبادرة التي لم تشمله، وكانت إتفاق سياسياً بين الحزب الحاكم (حزب المؤتمر الشعبي العام) وأحزاب المعارضة (أحزاب اللقاء المشترك)، لكن هذا لم يمنع الحوثيين من المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الذي كان يُعدّ ضمن العملية الإنتقالية التي أقرّتها المبادرة.
بعد إنتهاء الحوار في كانون الثاني (يناير) 2014 بدأت البلاد تدخل في حالة جمود سياسي، وحدث تململ شعبي جرّاء تدهور الخدمات وضعف أداء الحكومة ورئيس الدولة، مما أعطي للحوثيين مساحة جيدة للتحرك والمعارضة.
وسرعان ما بدأت البلد تدخل في أزمة سياسية حادة منذ معارضة الحوثيين للجرعة السعرية الزائدة للوقود في اليمن بعد سيطرتهم على محافظة عمران المحاذية للعاصمة صنعاء في تموز (يوليو) 2014، بعدها بدأوا إعتصاماتهم المُسلَّحة داخل وحول العاصمة. ثم بدأت المفاوضات بين الحكومة والجماعة الحوثية للوصول إلى إتفاقٍ لعبت فيه سلطنة عُمان دور الوسيط. وصرّح بعدها المستشار السياسي للرئيس عبد ربه منصور، الدكتور عبدالكريم الإرياني إنه لم يكن يتم إقرار أي إتفاق أو ورقة من دون الرجوع إلى طهران.
يصعب انكار التدخل الإيراني في تلك المفاوضات حيث كانت تتصور إيران بأن الحوثيين سوف يلعبون الدور نفسه الذي يلعبه “حزب الله” في لبنان من خلال إتفاق السلم والشراكة حيث يتحكّم بالعملية السياسية من دون تحمل مسؤولية الحكم بمفرده.

الخصوصية اليمنية

وقّع الحوثيون إتفاقية السلم والشراكة التي فاوضوا من أجلها، وسقطت صنعاء من دون أيّ مقاومة مُسَلّحة من الجيش أو غيره، لكنهم لم يلتزموا بالجانب المطلوب منهم في الإتفاق وهو الانسحاب من المدن بعد تشكيل حكومة الشراكة الوطنية. بل توسع الحوثيون نحو بقية المدن ثم إستمر تصعيدهم المسلح حتى إنفجر الإتفاق الهشّ للسلم والشراكة في كانون الثاني (يناير) 2015 حيث حاصر الحوثيون قصر الرئاسة، ثم في آذار (مارس) إستمر توسعهم العسكري نحو تعزّ ثم الجنوب حيث قصفوا القصر الذي يسكنه الرئيس هادي في عدن بعد فراره من الإقامة الجبرية في صنعاء.
هكذا يظهر بوضوح إخفاق الفريق الحوثي في الإلتزام بإتفاق تمّ بموافقته، كما لم يفلح في بناء أي تحالف سياسي مع أي طرف بإستثناء تحالفٍ هشٍّ ومضطرب مع الرئيس السابق علي عبالله صالح، وهو تحالف الضرورة بسبب الحرب السعودية وليس تحالفاً سياسياً مستمراً. هنا يظهر الفارق بين الحوثيين و”حزب الله” الذي نجح في بناء بعض التحالفات والإلتزام بإتفاقات سياسية.
الواقع أن هذا الأمر له علاقة بطبيعة نشأة الحوثيين في منطقة معزولة مثل صعدة تجعلهم أكثر جهلاً بطبيعة تغيّرات المجتمع اليمني، واقل قدرة على تعلم السياسة وممارستها بشكل عملي براغماتي. إن تحرك الحوثيين يفسره تصورات الجماعة العقائدية بفكرة التمكين الإلهي لإسترداد إرثها التاريخي والديني، وهو حكم الإمامة لليمن أو للجزء الشمالي من اليمن منذ القرن السابع عشر حتى قيام الجمهورية على أثر ثورة 1962.

بين إيران والسعودية

أول مهمة قام بها الحوثيون بعد إحتلالهم صنعاء هي محاصرة مبنى الأمن السياسي للإفراج عن المعتقلين بذمة قضية ما يُعرف بالسفينة جيهان التي قالت الحكومة اليمنية بأنها سفينة إيرانية مُحمّلة بالأسلحة للحوثيين. ترافق هذا مع إعلان مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني بأن صنعاء رابع عاصمة عربية تقع تحت النفوذ الفارسي. رغم ذلك إستمر إنكار الحوثيين المستمر لأي علاقة بينهم وبين إيران حتى إغلاق السعودية لسفارتها في صنعاء ووقف طيرانها المدني مع اليمن في شباط (فبراير) 2015، حينها اعلن الحوثيون عن رحلتين جويتين يومياً بين صنعاء وطهران، ليصبح من الصعب إنكار علاقتهم بإلجمهورية الإسلامية.
وقد أدّى هذا الأمر إلى توتر الوضع مع السعودية خصوصاً في الأيام الأخيرة قبل التدخل العسكري السعودي عندما قام الحوثيون بمناورة عسكرية على الحدود مع المملكة في آذار (مارس) 2015. ولكن هذا لم يكن يعني بأن طبيعة العلاقة مع الحوثيين تحدّدها بأنهم جماعة شيعية زيدية مُعادية للرياض، ذلك أن السعودية في ستينات القرن الفائت دعمت نظام الإمامة الزيدية ضد النظام الجمهوري المدعوم من مصر حينذاك.
بالطبع تغيّرت طبيعة الصراعات السياسية من صراع بين أنظمة ملكية رجعية وأنظمة جمهورية تقدمية في ستينات القرن الماضي إلى صراع مذهبي حالياً، مما يدفع للإصطدام بالحوثيين. كان أول صدام مسلح بين الحوثيين والسعودية في العام 2009 عندما تدخلت السعودية عسكرياً في حرب صعدة بحجة أن الحوثيين إحتلوا جبل الدخان داخل السعودية، وانتهت هذه المواجهات بإنسحاب الحوثيين ضمن وساطة قامت بها أسر هاشمية يمنية الأصل مقيمة في المملكة منذ فرارها بعد ثورة 1962. وبموجب هذه الوساطة ظل الحوثيون حريصين على تأمين حدود صعدة مع السعودية من دون أية مشاكل.
يهم السعودية الإتفاق مع الحوثيين أكثر من حليفهم صالح لأنهم يتحكمون بالمنطقة الحدودية مع السعودية، كما إن المملكة تؤمن بأن صالح غدر بها ولا يمكنها الوثوق به مجدداً، لذا نجحت السعودية في عقد إتفاق لم يدم مع الحوثيين في ظهران حيث توقف بموجبه قصف السعودية لصنعاء مقابل توقف الهجمات الحوثية على الحدود.

حلفاء لإيران أم جماعة محلية

من الصعب تجاهل كل الشواهد والأدلة التي تشير إلى وجود علاقة بين الحوثيين وإيران سواء على مستوى الشعارات والخطاب أو على المستوى العملي وأبسطها الرحلات الجوية بين صنعاء وطهران مرتين في اليوم، في وقت لا تربط بين البلدين أية علاقات تجارية أو إقتصادية أو إجتماعية تُذكر.
في المقابل تتباين الحركة الحوثية مذهبياً مع إيران وتشكل امتداداً للإمامة التي حكمت اليمن لمئات السنوات، وتوسّع الحركة كان نتاج عوامل داخلية متعلقة بطبيعة الصراعات الثأرية بين الأطراف السياسية المختلفة حيث إستخدم كل طرف الحوثيين أداة للإنتقام من الآخر حتى كبرت الجماعة وسط حالة فراغ سياسي كبير تعيشه البلاد.
على عكس شعارات الحوثيين وخطابهم في إنهم يحاربون قوى الإمبريالية والإستعمار إلّاأإن تحركاتهم العملية تفيد بأنهم ليسوا إلّا قوة عسكرية تسعى إلى السيطرة على الحكم منفردين باليمن، ورغم خطابهم المعادي لأميركا فهم أبدوا حسن نية للتعاون معها في مكافحة الإرهاب وعدم التعرض لمصالحها في اليمن، كذلك إلتزموا بكل إتفاقاتهم مع السعودية وخصوصاً مسألة تأمين الحدود إلّا في حالة إنتكاس هذه الإتفاقات في أثناء الحرب.
بإختصار إن الحوثيين جماعة يمنية لا تسعي إلى دور إقليمي، وإيران ليست لديها مصالح تحافظ عليها في اليمن بل ترى فيها موطىء قدم وجبهة إستنزاف للسعودية من دون أية مخاطر وبكلفة منخفضة.
في المقابل ترى السعودية في اليمن عمقاً إستراتيجياً يجب أن تحافظ على ولائه المطلق لها أو تبعيته للدولة السعودية، وفي ظل حالة الصراع الطائفي بينها وبين إيران يصعب عليها الصمت أمام تيار شيعي مرتبط بالجمهورية الإسلامية يريد أن يتحكم بمقدرات الدولة اليمنية ويسيطر عليها من دون أن تشعر بالقلق أوالخشية على مصالحها وأمنها، رغم أن الخيار العسكري زاد الحوثيين قوة في الداخل اليمني، وتحديداً في الشمال. كما أن توسع الحوثيين كان نتاجاً طبيعياً لتدخلات السعودية الطويلة لإضعاف الدولة اليمنية ثم تخبطها في إدارة الملف اليمني بعد وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز في العام 2009 الذي كان يتولي هذا الملف منذ العام 1962.
إن الصراع اليمني كان صراعاً داخلياً بإمتدادات إقليمية، والتدخل السعودي العسكري زاد من الطبيعة الإقليمية، الأمر الذي سيدفع الحوثيين أكثر تجاه إيران خصوصاً مع فشلهم في بناء أية تحالفات داخلية، لذا سيحتاجون أكثر لطهران في تعويض ضعف وضعهم الداخلي سياسياً. هذا لا يمنع طبيعة المفاجآت في الساحة الداخلية اليمنية، وتقلب الولاءات فيها خصوصاً أن العلاقة بين الحوثيين وإيران ليست قوية كفاية وتظل جاهلة بالشأن اليمني وغير منخرطة فيه بقوة بعكس السعودية التي تُعد جارةً لديها روابط وصلات متعددة باليمن.

• ميساء شجاع الدين باحثة غير مقيمة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى