وراء كل ملك ورئيس فرنسي إمرأة … عاشقة!

إشتهرت فرنسا منذ زمن بعيد بحبها للخمر والعشق والنساء، ولم تكن هذه الأشياء منتشرة فقط بين الشعب بل كانت متميزة في قصور الحكم والنظام، حتى صار المثل الشائع: وراء كل مسؤول فرنسي تقف إمرأة … عاشقة.

كارلا بروني: غيّرت حياة نيكولا ساركوزي.

بقلم جوزيف القبرصي

على الرغم من أن وسائل الإعلام الفرنسية والدولية قد ركّزت في تناولها لموضوع الإنتخابات الرئاسية الأخيرة على صغر سنّ المرشح الرئاسي والرئيس الحالي لفرنسا إيمانويل ماكرون البالغ من العمر 39 عاماً، فإنها ركّزت أكثر في هذا السياق على فارق السن الكبير بينه، وبين زوجته بريجيت التي تكبره ب25 عاماً.
وإذا عدنا في التاريخ إلى الوراء، فان دور المرأة في الحكم في فرنسا بدأ في القرن الخامس عشر والسادس عشر سواء كانت أماً، أو زوجة، أو عشيقة. وقد كرّس الدستور الفرنسي لعام 1958 والذي طرحه الجنرال شارل ديغول صلاحيات تقارب صلاحيات الحكم الملكي من حيث تعيين الوزير الأول والوزراء وترؤسه السلطة التنفيذية وقيادة الجيش والسلطة القضائية. وقد اسرّ الرئيس الراحل ديغول لصديقه أندريه مالرو وزير الثقافة الراحل، بأنه قد راوده حلم إعادة الملكية إلى فرنسا لأحد ورثاء عائلة ال”بوربون” ( Bourbon). وفي العودة إلى دفاتر التاريخ، فان الملك فرنسوا الأول هو الذي أنشأ البلاط الملكي (Cour Royale).
وإذا ما بدأنا من عصر النهضة فقد لعبت “ديان دو بواتييه” (Diane de Poitiers) (1499-1566) دوراً أساسياً في حكم الملك هنري الثاني حيث قامت بتشجيع نشر الآداب والفنون.
أما “كاترين دو ميديسي” (Catherine de Medicis) أرملة هنري الثاني فقد حكمت في الظل خلال تولّي إبنها شارل التاسع (1550-1574) العرش، وقد دفعت به إلى إرتكاب مجزرة بحق البروتستانت في 24 آب (أغسطس) 1572، والتي دُعيت مجزرة “سان بيرتيليمي” (Saint Berthelemy).
في عهد لويس الرابع عشر لم يكن للعشيقات أي دور سياسي. إلّا أن عشيقته فرنسواز دوبينييه التي حملت لقب “ماركيز دو مانتنون” (Marquise de Maintenon) التي تزوّجها لاحقاً بعدما رعت تربية ولديه من عشيقته الأخرى “مدام دو مونتيسبان” (Madame de Montespan) بسرية تامة، فقد كان لها دور في إعادة الملك إلى ممارسة الطقوس الدينية الكاثوليكية.
أما لويس الخامس عشر الذي حكم في الفترة (1715 – 1774) فقد كان للعشيقة “ماركيز دو بومبادور” (Marquise de Pompadour) دور أساسي إلى جانبه، حيث كانت تحضر في بعض الأحيان المجلس الوزاري برئاسة الملك، وتُقدّم الإقتراحات، وكانت تعمل على رعاية وحماية الفلاسفة والكتاب ومنهم “فولتير”.
أما نابوليون بونابرت فقد عاش قصة حب مع الإمبراطورة جوزفين ولكنه لم يُرزق منها ولداً. وقد كان له عدد كبير من العشيقات، إلا أن السلطة البولونية آنذاك شجّعت مواطنتها الكونتيسة ماريا ويلوسكا للتقرب من نابوليون، في سبيل دعم بولونيا إزاء طموحات روسيا والنمسا.
بالنسبة إلى العصر الحديث فقد كرّس دستور 1958، أي دستور الجمهورية الخامسة والذي طرحه الرئيس الراحل شارل ديغول، الحكم الجمهوري لسلطات شبه ملكية. وقد أطلق الفرنسيون على الرئيس على سبيل الفكاهة لقب “ملك جمهوري” (Un Monarque Républicain).
وقد حكم الرئيس الراحل فرنسوا ميتران ولايتين رئاسيتين (1981 – 1995) بأسلوب ملكي، فكان له مساعد لشؤون الصيد فرنسوا غروسوفر، كما كانت لديه خليلة بشكل شبه علني وهي “آن بينجو” التي أنجبت له إبنته مازارين، حيث كانت زوجة ميتران، دانيال، على علم بالأمر.
أما الرئيس فاليري جيسكار جيستان فقد تعرّض لإحراج كبير لدى زيارته إحدى صديقاته في منزلها وهي الممثلة الشهيرة مارلين جوبير، بعدما تم تصويره خارج المنزل. على صعيد الرئيس الفرنسي جاك شيراك فقد عرف بعلاقاته المتعددة، لكن الصحافة كشفت علاقته بإحدى الصحفيات في وكالة صحافية فرنسية شهيرة. وقد كان لزوجته الأرستوقراطية “بيرناديت شودرون دو كورسال” (Bernadette Chodron de Courcel) دور في إبعاد إحدى الوزيرات المُقرَّبات منه والإعتراض على تعيين أحد الوزراء.
أما كارلا بروني زوجة الرئيس الفرنسي ساركوزي، فقد لعبت دوراً في المجال السياسي والإعلامي إلى جانبه، وقد ساهمت في تلميع صورته بمبادراتها الإعلامية والإنسانية، وقد أوحت للرئيس بتعيين فريدريك ميتران وزيراً للثقافة.
أما الرئيس فرنسوا هولاند فقد تميّز عهده بالفضائح الشخصية سواء مع شريكته التي أنجبت له أربعة أولاد السياسية سيغولان رويال أو مع صديقته الصحافية “فاليري تريرويلر” (Valerie Trierweiler) التي أبعدها لاحقاً عن الإليزيه، حيث ألّفت على الأثر كتاباً عن تجربتها مع الرئيس وجّهت فيه إنتقادات حادة ولاذعة ضده مما أثر على شعبيته في الشارع الفرنسي. أما ثالثة الأثافي فهو ركوبه الدراجة النارية في الليل للقاء صديقته الحالية الممثلة جولي غاييه” (Julie Gayet) مما وضع موقع رئاسة الجمهورية الفرنسية، أمام إمتحان عسير وساهم في إضعاف هيبة الرئاسة الفرنسية.
والسؤال المطروح الآن: ما هو الدور المقبل لبريجيت ماكرون. هل تتجاوز الحدود في التدخل المباشر في السياسة الداخلية أم أنها ستعمل خارج الأضواء؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى