عُمان تُركِّز على الغاز الطبيعي بدل النفط لتحقيق طموحاتها في مجال الطاقة

بعدما قبلت الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة أوبك تخفيض سقف إنتاجها من النفط الخام لرفع الأسعار، غيّرت مسقط خط سيرها بالنسبة إلى قطاع الطاقة، وبدأت تركّز على قطاع الغاز الطبيعي لتحقيق طموحاتها في مجال الطاقة.

حقل خزان في عُمان: مصدر مهم للغاز الطبيعي

مسقط – باسم رحال

تسعى سلطنة عُمان إلى تعزيز قطاع الغاز في المنبع لتزويد الطلب المتزايد، حيث من المتوقع أن تساعد المشاريع الرئيسية المُقبلة على تحقيق هذا الهدف.
وقال سليم بن ناصر العوفي، وكيل وزارة النفط والغاز العُماني، في إجتماعٍ للجنة الغاز الدولية في نهاية آذار (مارس) الفائت، أن عُمان “تغيّر التركيز” الآن لكي تُصبح “دولة تعتمد أكثر على الغاز الطبيعي”.
ووفقاً للعوفي، فقد أنتجت السلطنة أكثر من 100 مليون متر مكعب من الغاز يومياً في العام الماضي، بزيادة قدرها 3.5٪ عن رقم 2015.
كما أظهرت البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن قطاع الغاز الطبيعي زاد مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي الإسمي بنسبة 2.7٪ في العام الفائت إلى 1.19 مليار ريال عُماني (3.1 مليارات دولار). في المقابل، تقلّصت مساهمة النفط الخام بنسبة 27.5٪ لتصل إلى 5.79 مليارات ريال عُماني (15 مليار دولار).

قيد الطلب

إن إنتاج الغاز الطبيعي في عُمان ضروري لتلبية الطلب على الطاقة من القاعدة الصناعية المتنامية في البلاد، مع توقع إرتفاع إستهلاك القطاع من 6.7 مليارات متر مكعب في العام 2015 إلى 10 مليارات متر مكعب بحلول العام 2020، وفقاً للشركة العُمانية لشراء الطاقة والمياه.
مع توقع نمو الطلب الكلي بمعدل سنوي قدره 7.3٪ بين عامي 2016 و2025، وفقاً ل”مراقب الأعمال الدولي” (Business Monitor International)، فإن التحدي الذي يواجه مسقط يكمن في مواصلة تطوير إحتياطات جديدة.
أحد هذه المصادر هو مشروع حقل خزان الذي تبلغ قيمته 16 مليار دولار، والذي يجري تطويره من قبل شركة “بي بي” (BP) بالشراكة مع شركة النفط العُمانية. وعقب تعديل الإتفاقية الأصلية للتنقيب والإنتاج في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، فإن المنطقة المُرَخّصة للتنمية صارت تغطي الآن حوالي 3700 كيلومتر مربع، مما يجعلها واحدة من أكبر حقول تراكم الغاز غير التقليدي في المنطقة.
وبحلول تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، إستكملت شركة “بي بي” أكثر من 80٪ من المرحلة الأولى للمشروع، ومن المتوقع أن تبدأ تسليم الغاز قبل نهاية هذا العام. ومع إضافة المرحلة الثانية، المقرر إنجازها في العام 2020، فإن شركة “بريتيش بتروليوم” تتوقع أن ينتج المشروع 42 مليون متر مكعب.

الحدّ من إنتاج النفط

بالإضافة إلى إرساء إلتزامها الطويل الأجل بتعزيز إنتاج الغاز الطبيعي، فقد قامت عُمان بتخفيض إنتاج النفط بما يتماشى مع سقف الإنتاج الذي أدخلته وزارة النفط والغاز في بداية العام.
كانت السلطنة إحدى الدول ال11 غير الأعضاء فى منظمة “أوبك” التي شاركت في محاولة خفض وفرة الإمدادات في سوق النفط العالمية والتي أدت إلى الإتفاق على خفض إجمالي قدره 1.8 مليون برميل يومياً. وبالنسبة إلى عُمان، كان هذا يعني الموافقة على خفض إنتاجها بمقدار 45 ألف برميل يومياً، حيث بلغ متوسط إنتاجها في العام 2016 حوالي 1.1 مليون برميل يومياً.
كانت النتيجة إنخفاضاً عالمياً بنسبة 3٪ على أساس شهري في إنتاج النفط الخام في كانون الثاني (يناير) إلى 29.93 مليون برميل، أو 965,617 برميل يومياً.
ومن المتوقع أن يساعد تطبيق سقف الإنتاج من قبل الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة “أوبك” على رفع سعر خام برنت إلى 54 دولاراً للبرميل في المتوسط هذا العام، وفقاً لتقديرات إدارة الطاقة الأميركية، من 44 دولاراً في العام الماضي.
مع وضع موازنة الدولة العُمانية لعام 2017 في ظل إفتراض أن متوسط سعر النفط الخام سيصل إلى 45 دولاراً للبرميل هذا العام فقط، وفقاً لما ذكره البنك المركزي في “مراجعة منتصف العام للإقتصاد العُماني 2016″، فإن أي تحسن في أسعار النفط يمكن أن يعني عجزاً مالياً أقل. وفي المقابل، فإن عبء دين حكومي أصغر سيحدّ من مخاطر تخفيض التصنيف الإئتماني السيادي في السلطنة.
من المتوقع أن تبلغ عائدات النفط لعام 2017 حوالي 4.45 مليارات ريال عُماني (11.6 مليار دولار)، والتي من المتوقع أن تمثل حوالي 51٪ من إجمالي دخل البلاد، وفقاً للبنك المركزي.
وفي الوقت الذي يتم خفض إنتاج قطاع المنبع، فإن آفاق قطاع المصب قد أُعطيت دفعة في أوائل نيسان (إبريل) مع الإعلان عن توقيع شركة النفط العُمانية وشركة البترول الكويتية الدولية عقداً لبناء مصفاة بقيمة 7 مليارات دولار في مدينة الدقم الساحلية.
وقال هلال الخروصي، المدير العام التنفيذي لشركة النفط العُمانية، في حفل التوقيع في مسقط أن المشروع المشترك 50-50 ستكون لديه قدرة على تكرير 230,000 برميل يومياً عند إكتماله في العام 2019. وسيموِّل كلا الشريكين ما يصل إلى 35٪ من رأس المال الاستثماري للمشروع، في حين سيتم تمويل المبلغ المتبقي من البنوك المحلية والدولية.

إمكانات الطاقة متجددة

في الوقت الذي تواصل السلطنة الإعتماد على الهيدروكربونات لكثير من ثرواتها وتوليد الطاقة، أصبحت إستراتيجية تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة قضية ذات أهمية متزايدة.
تحصل عُمان على 18-20٪ كيلو واط/ ساعة من الطاقة الشمسية لكل متر مربع أكثر من البحرين والكويت وقطر، فضلاً عن أجزاء كبيرة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وفقا” ل”إيرث آيلاند جورنال” (Earth Island Journal). وتعني النسبة العالية للوضوح في الفضاء والتشعيع الشمسي عند 5.5 – 6 كيلوواط لكل متر مربع أن لدى عُمان واحدة من أعلى الكثافات للطاقة الشمسية في العالم.
ويقول عبد الله الهادي، الرئيس التنفيذي لشركة خدمات أبراج للطاقة في السلطنة: “سوف تتطور الطاقة المتجددة تدريجاً. ومن المؤكد أن هناك إمكانات كبيرة للطاقة الشمسية، والمناطق الساحلية في عُمان من رأس الحد إلى صلالة، على سبيل المثال، ستكون أماكن مناسبة جدا لتطوير طاقة الرياح”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى