إزدحام مشاريع مراكز التسوّق يولّد الإبتكار ويُشعل المنافسة في قطر

تعرف دولة قطر في هذه الأيام إنتعاشاً كبيراً في مراكز التسوٌق أو ما يُسمَّى “المولات”، الأمر الذي ولّد تخوفاً من زيادة العرض، ولكن يبدو أن ذلك على العكس خلق طرقاً للإبتكار والمنافسة.

“بلاس فندوم” في مدينة لوسيل: مركز متعدد الأغراض يفتح في 2018.

الدوحة – سمير خيرالله

يبدو أن هناك عرضاً وافراً جديداً يقدمه مستثمرو مراكز التسويق (المولات) في قطر حيث من المتوقع أن يُنعِش ذلك قطاع التجزئة بشكل كبير في الإمارة الخليجية الصغيرة، مع وجود مستويات مُستدامة لثقة المستهلك وإرتفاع معدّلات الإشغال، مما يؤدي إلى تفاؤل بين تجار التجزئة في قطاع الطوب والبناء.
وفقاً لتقرير عن العقارات في قطر الذي أصدرته “دي تي زي ريسيرتش” (DTZ Research) في نهاية العام الفائت، فإنه بعد إفتتاح “مول قطر”، الذي تبلغ مساحته 195,000 متر مربع في 10 كانون الأول (ديسمبر)، صار إجمالي مساحة التجزئة في الدوحة 838,000 متر مربع موزَّعة على 15 مركزاً تجارياً للتسوّق (مولات). ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي مساحة التجزئة إلى حوالي 1.85 مليون متر مربع بحلول نهاية العام 2019، كما يُنتظَر أن يتم فتح تسعة مراكز تجارية أخرى للتسوّق.
ومع إفتتاح كل هذه المراكز، بإستثناء إثنين منها، خلال هذا العام، فقد أُثيرت مخاوف من أن سوق التجزئة قد تعاني من الآثار المزدوجة لفرط العرض والظروف الإقتصادية الأكثر تعقيداً في السنوات المقبلة.
مع ذلك، تلاحظ شركة “دي تي زي” أن مستويات الإشغال والإيجارات ظلت مرتفعة، في حين أن مراكز التسوّق في الدوحة تتقاضى عادة بين 260 إلى 300 ريال قطري (74.10 إلى 82.40 دولاراً) لإيجار المتر المربع الواحد شهرياً. وعلى سبيل المقارنة، بلغت القيمة العليا للمتوسط في العام 2014 حوالي 260 ريالاً قطرياً (74.10 دولاراً).

تغيير توقعات العملاء

لذلك فإن تجار التجزئة واثقون من أن أداء القطاع سيكافئ الإستثمار في المدى المتوسط والطويل؛ ومع ذلك، يدرك عدد من أصحاب المصلحة الحاجة إلى التطور في نهج مراكز التسوّق الكبيرة للحفاظ على بقاء وحماية مصالح العملاء.
وقال كريم شما، الرئيس التنفيذي ل”الدوحة فيستيفال سيتي”: “صحيح أن تجارة التجزئة ستواجه زيادة في العرض في السنوات المقبلة. ونتيجة لذلك، فإن السوق تستجيب من طريق التحرك أكثر نحو الترفيه. في الواقع، نحن لا نعتبر أنفسنا “مولاً” – إن التسوّق هو جزء واحد فقط من التجربة برمتها”.
ومن المتوقع أن يكون “الدوحة فستيفال سيتي” من أكبر المراكز التجارية في الخليج بعد إفتتاحه في أوائل نيسان (إبريل) الجاري، حيث بلغت تكلفته 6.5 مليارات ريال قطري (1.8 مليار دولار) ويقدم 244,000 متر مربع من إجمالي المساحة القابلة للتأجير. ووفقاً لشما، فقد تم تأجير 90٪ من مساحة التجزئة في المركز التجاري. وسيشمل عنصر الترفيه في “الدوحة فستيفال سيتي” حديقة ملاهي “أنغري بيردز”، وهي مدينة ترفيهية للأطفال، ومتنزهاً عربياً للثلج، ومنطقة ألعاب فيديو للبالغين فقط.
آخر التطورات الكبرى في قطر هو “بلاس فندوم” في مدينة لوسيل، وهو مجمع متعدد الأغراض يضم مركزاً تجارياً يضم 500 منافذ بيع بالتجزئة. وقال شون كيلي مدير التطوير في المشروع بأن “المشروع الذي تبلغ كلفته 1.5 مليار دولار لديه بالفعل إلتزام إيجار قوي من تجار التجزئة مع الإنتهاء من الأعمال المقررة في أواخر العام 2018. كما أبرز الحاجة إلى تجار التجزئة في قطاع الطوب والبناء لتقديم شيء مختلف للمتابعة والإستمرار في جذب المتسوّقين.
وقال كيلي: “مع زيادة المعروض من التجزئة ونمو التجارة الإلكترونية، يتعيّن على وجهات البيع بالتجزئة أن تكون قادرة على المنافسة بشكل متزايد في تزويد العملاء بخدمة مركزة وشخصية للعملاء”.

إستمرار ثقة المستهلك

ويدعم إستثمار تجار التجزئة في مستقبل السوق إرتفاع الدخل المُتاح وثقة المستهلك للسكان القطريين. وعلى الرغم من تراجع النمو الإقتصادي – الذي شهد إنخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي بنحو نقطة مئوية واحدة إلى ما يقدر ب 2.7٪ في العام 2016، وفقاً لصندوق النقد الدولي – فإن ثقة المستهلك لا تزال قوية. وقد تجلى هذا الأمر بالنتيجة التي سجّلها مؤشر ثقة المستهلك لوزارة التنمية والتخطيط والإحصاء وهي 184.3 من أصل 200 نقطة محتملة في الربع الثالث من العام 2016. وهذا الرقم أقل بقليل من متوسط الفترة 2013 – 2016 والبالغ 184.67.
في العام 2015، بلغ نصيب الفرد من الدخل الإجمالي 83,990 دولاراً. وقد تُرجم هذا إلى إرتفاع الإنفاق الاستهلاكي الذي وصل إلى مستوى جديد بلغ 131.7 مليار ريال قطري (36.2 مليار دولار)، مقارنة ب 118.5 مليار ريال قطري (32.6 مليار دولار) في العام 2014، وفقاً لهيئة الإحصاء القطرية.
ووفقاً لمسح دعمته شركة “أميركان إكسبرِس الشرق الأوسط” وأجرته شركة أبحاث السوق الألمانية “جي أف كي”، فقد أنفق القطريون الأثرياء ما متوسطه 4,000 دولار شهرياً على السلع الكمالية في العام 2015، أي ضعف المعدل المتوسط لدول مجلس التعاون الخليجي وحوالي 12٪ من دخل الأسرة.
في الوقت عينه، تشير توقعات مؤشر “بي أم آي” للأبحاث في المملكة المتحدة في كانون الثاني (يناير) 2017 إلى أن نمو الإنفاق على التجزئة للأسر في قطر سيبلغ 10.2٪ حتى 2020.

تعزيز سياحة التجزئة

وهناك تدبير آخر يجري إتخاذه لدعم نمو سوق التجزئة ويكمن في تسويق البلاد كمقصد إقليمي لسياحة التجزئة.
ومن بين هذه العروض “شوب قطر”، وهو معرض مخصص لقطاع التجزئة في قطر ويدوم شهراً كاملاً، وقد أُقيم للمرة الأولى من 7 كانون الثاني (يناير) إلى 7 شباط (فبراير) من هذا العام. ووفقاً للهيئة العامة للسياحة، فقد ساعد هذا الحدث على زيادة أعداد الزوار خلال هذه الفترة بنسبة 16.8٪ مقارنة بالعام الماضي.
وكان المهرجان ناجحاً بشكل خاص في جذب سوق الأسرة السعودية. ومن بين 188,500 مواطن خليجي زاروا المعرض، كان أكثر من 133,800 من السعوديين، مع زيادة عدد الزوار من المملكة بنسبة 43٪ على أساس سنوي خلال فترة العطلة المدرسية في كانون الثاني (يناير).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى