كيف تحاول “ولاية الحرمين” نشر نفوذ “داعش” في المملكة العربية السعودية

كان تهديد النزعة الإسلامية المتشددة والمتطرفة للمملكة العربية السعودية متواصلاً تقريباً، في مظاهر مختلفة، منذ منتصف تسعينات القرن الفائت، حيث كان آخرها تهديد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). وتتكوّن المجموعات التابعة لهذا التنظيم في السعودية من شبكات إقليمية ومحلية مُكوَّنة من أعضاء سابقين في تنظيم “القاعدة” كما دُعمت بمجندين جدد.
مع ذلك، فإن أهداف هذه الخلايا المُتشدِّدة تحوّلت عن أهداف سلفها، تنظيم “القاعدة في شبه الجزيرة العربية”. ویمکن القول بأنھا تشکّل خطراً أکبر علی حکام البلاد، إذ أنها تأمل في جذب المواطنين السعوديين الذين یشعرون بالإستیاء بشکل متزاید من أوضاعهم الإقتصادیة.

تنظيم “داعش”: هل يستطيع نشر نفوذه في المملكة العربية السعودية؟

الرياض – راغب الشيباني

إعترف زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” أبو بكر البغدادي رسمياً بوجود “داعش” في المملكة العربية السعودية في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 في رسالة صوتية بثتها جماعة تُطلق على نفسها إسم “مجاهدي شبه الجزيرة العربية”، (“عربي 21″، 10 تشرين الثاني (نوفمير) 2014). وقد أدّى ذلك إلى تشكيل مناطق عمليات مُحدَّدة، أو ولايات (مقاطعات)، للمجموعات الراغبة في التحالف مع التنظيم المتطرف: نجد والحجاز والبحرين، مع ضم الأخيرة المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى الأرخبيل المقابل من مدينة الخبر. وهذه كلها تشكل “ولاية الحرمين”، أو مقاطعات الحرمين الشريفين.
وجاء إعتراف البغدادي في أعقاب إعلان السلطات السعودية في أيار (مايو) 2014 عن إعتقال 62 عضواً من خليّة تعمل داخل البلاد لها صلات بما كان يُسمى تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” المرتبط آنذاك ب”القاعدة” (“أراب نيوز”، 6 أيار (مايو) 2014). ويبدو أن هذه الإعتقالات كانت أول إعتراف عام من قبل وزارة الداخلية السعودية بأن الجماعة المتشددة كانت تعمل داخل المملكة، وأول إعتراف بالتهديد المُحتَمَل الذي تشكّله المجموعة التكفيرية خارج حدود العراق وسوريا.
وكان ذلك أيضاً محاولة لإثارة الإهتمام أكثر لدى البلدان الغربية التي قلّلت في تلك المرحلة من أهمية الإنتشار الجغرافي للمجموعة المتطرفة وقدراتها. وبمجرد أن أعلن البغدادي عن تمدده إلى السعودية، كان السؤال هو لماذا إستغرق الأمر وقتاً طويلاً لهذه الجماعات لكي توضح إنتماءها إلى “داعش” في دولة ليست غريبة عن العنف المتطرف. بحلول ذلك الوقت، إلتزمت المملكة العربية السعودية، مع العديد من الدول العربية الأخرى، بالتحالف الذي يقوده الغرب ضد “داعش”، حيث بدأ شنّ حملة غارات جوية على التنظيم.

الشبكات الحالية

يبدو أن تنظيم “الدولة الإسلامية” قد نشَّط الشبكات القائمة من أنصار تنظيم “القاعدة” السابقين في داخل المملكة العربية السعودية الذين كانوا “نائمين” نسبياً منذ العام 2006. مع مرور الوقت، جمعت هذه الخلايا مجنّدين جدداً، إلى حدّ كبير نتيجة للدعاية حول نجاحات التنظيم في سوريا والإستيلاء على أراض شاسعة في العراق. وقد أدّت الهجمات التي نفّذها في أوروبا إلى تعزيز موقف ووضع تنظيم “الدولة الإسلامية”. وتشير تقديرات العام 2014 إلى أن 2500 سعودي سافروا إلى سوريا للقتال مع “داعش”، (مجموعة صوفان، 2 حزيران (يونيو) 2014).
غير أن أسلوب الهجمات وحجمها يشيران إلى أن أعضاء تنظيم “الدولة الإسلامية” يعملون ضمن خلايا صغيرة في جميع أنحاء المملكة، ويعانون من نقص الموارد نسبياً ونقص التمويل. ولم يُقدِّم البغدادي سوى دعمه للمجموعات التي تعمل داخل السعودية بإسم تنظيم “الدولة الإسلامية” عند مطالبته بذلك. إن الطابع غير المتطور للهجمات – حتى وقوع الهجوم خارج مسجد النبي محمد في المدينة المنورة في 4 تموز (يويليو) 2016 – يشير إلى أن إعتراف البغدادي بالمجموعات العاملة في المملكة لم يكن مؤشراً إلى أن المُنتسبين التابعين سيحصلون على مساعدة أكبر.
وقد إستهدف تنظيم “داعش” الأقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية، وهو ما يمكن إعتباره هدفاً سهلاً نظراً إلى إدعاءات البعض في المجتمع الشيعي بأن الحكومة لم تفعل ما يكفي لحمايته. إن إستهداف الطائفة الشيعية ورجال الأمن، غالباً في نقاط التفتيش الأمنية في المناطق النائية، يؤكد على الفرق بين تنظيم “الدولة الإسلامية” وسلفه – تنظيم “القاعدة” الذي كان يفضل إستهداف أصول والأفراد الأجانب. وقد أصبح ذلك أقل شيوعاً، وعززه تحسين الأمن للمواطنين الأجانب منذ العام 2006. ويعكس التغيير أيضاً سرد رسالة البغدادي الصوتية بأن “الدولة الإسلامية” يهدف إلى إسقاط الحكومة وإزالة أسرة آل سعود الحاكمة.

مخاوف في المنطقة الشرقية

في الفترة ما بين 2014 ومنتصف العام 2016، كانت المجموعة التابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في المملكة، والتي يُشار إليها غالباً بإسم “ولاية البحرين”، هي الأكثر نشاطاً بين المجموعات الإقليمية الثلاث.
إستهدفت هجمات “داعش” الأولى الأقلية الشيعية في البلاد، وفاءً لخطابه السلبي ضد أولئك الذين يُسمّيهم الروافض. وقد أثار الهجومان الأولان – في 22 أيار (مايو) 2015 في مسجد الإمام علي في بلدة القديح في القطيف، وفي 29 أيار (مايو) 2015 في مسجد الإمام الحسين في حي العنود في مدينة الدمام — مخاوف من أن حملة إستهداف المجتمع الشيعي قد بدأت. وأصبح إنتقاد الحماية الحكومية الممنوحة للشيعة أكثر صخباً، حيث أقامت مجموعات من هذه الطائفة نقاط تفتيش خاصة بها بالقرب من المساجد المحلية والحسينيات (قاعات المجتمع الشيعي المستخدمة كأماكن للصلاة وللاحتفال بالمناسبات المقدسة). وقد أسهمت هذه التدابير الأمنية الإستباقية والدفاعية في خفض معدلات الوفيات. في هجوم 29 أيار (مايو) 2015، قُتل ثلاثة أشخاص فقط بالإضافة إلى الإنتحاري، مقابل أكثر من 20 قتيلاً وعشرات الجرحى في هجوم قبل أسبوع واحد (“الشرق الأوسط”، 29 أيار (مايو) 2015).
وتفيد التقارير أن التدابير الأمنية الحكومية قد تعززت في أعقاب هذين الهجومين، على الرغم من أن جماعات الدفاع المحلية ظلت نشيطة لأنها كانت قلقة من أن قوات الأمن الحكومية قد تتعمّد في بعض الأحيان غض الطرف عن التهديدات. وكانت التوترات بين المؤسسة الأمنية وعناصر مجتمع الأقلية مرتفعة في ذلك الوقت، بعدما قُتل أحد أفراد الشرطة في غارة إستهدفت إنفصاليين شيعة مسلحين في حادث وقع في العوامية في نيسان (إبريل) 2015.
مع ذلك، فإن هذا الجهد الأمني المشترك كان بلا شك فعالاً، حيث سجّلت معدلات الوفيات إنخفاضاً في جميع الهجمات اللاحقة ضد أهداف شيعية في المنطقة الشرقية منذ الهجوم الأول في 22 أيار (مايو) 2015. وقد أثبتت هذه التدابير الأمنية فعاليتها المتزايدة في 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2015 عندما وقع هجوم على حسينية في سيهات. المتطوعون المحليون الذين يديرون نقطة تفتيش ساعدوا على إبطاء تقدم متطرف مسلح قبل وصول الشرطة، على الرغم من مقتل خمسة أشخاص في نهاية المطاف.
وبالمثل، في هجومٍ على مسجد العمران في القطيف في 4 تموز (يوليو) 2016، كانت الإجراءات الأمنية في المسجد، بما في ذلك مجموعات عدة من الحواجز بالإشتراك مع حراس الأمن، فعّالة جداً بحيث لم يُقتل سوى الإنتحاريين في موقف السيارات (“الجزيرة”، 5 تموز (يوليو) 2016). وتجدر الإشارة إلى أنه بحلول وقت الهجوم كان معظم المصلين قد غادروا المبنى فعلياً. وهذا يشير إلى ضعف قدرات الإستخبارات والبحث المحلية من جانب الخلايا المحلية المتطرفة.

هجمات في الحجاز

ركّزت الهجمات في وسط وغرب البلاد، حول العاصمة الرياض وتمددت غرباً بإتجاه مدينتي مكة والمدينة المنورة، على قوات الأمن في المقام الأول. وشملت تلك الحالات مسلحين ومركبات تنقل أجهزة متفجرة تم نشرها ضد نقاط تفتيش نائية نسبياً، بما فيها حالة واحدة وقعت في 16 تموز (يوليو) 2015، عند نقطة تفتيش عند مدخل سجن الحائر ذي الحراسة المشددة، الذي يضم قسماً كبيراً من الإرهابيين المُدانين في المملكة العربية السعودية.
بحلول منتصف العام 2015، ألقت سلطات الإقليم القبض على 431 من المتعاطفين مع “داعش” الذين أفادت التقارير أنهم كانوا يخططون للقيام بهجمات متزامنة ضد مواقع تابعة للشيعة في المنطقة الشرقية، مستهدفين معها إغتيال أفراد من قوات الأمن. ومع ذلك، فإن الفترة التي نُفِّذت فيها هذه الإعتقالات غير واضحة (“العربية”، 18 تموز (يوليو) 2015).
على الرغم من حجم الإعتقالات الكبير، فإن الهجوم الذي وقع في 6 آب (أغسطس) 2015 على المسجد في مجمع قوات الطوارىء الخاصة في أبها، الواقع في منطقة جازان الجنوبية، كان بمثابة تذكير قوي بالخطر الذي ما زال يشكله التنظيم المتطرف على الأجهزة الأمنية، حتى في المواقع التي يعتبرها بعض وحدات نخبة الأمن آمنة.
وكان هجوم أبها أيضاً تذكيراً ل”زاوية اليمن” التي يعتبرها كثيرون تهديداً إرهابياً محلياً. ويُدرك تنظيم “الدولة الإسلامية” التناقض الواضح بالنسبة إلى القوات السعودية التي تقاتل عدواً شيعياً في الخارج، بينما تدافع عن الأقلية الشيعية في الداخل ضد هجمات “داعش” المُحتملة. هذا بالإضافة إلى الجهود الجارية لمكافحة الإرهاب ضد تنظيم “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” وتنظيم “الدولة الإسلامية” في اليمن، حتى مع إستمرار الحرب.
وعلى الرغم من أن هذا الهجوم كان مفاجئاً لقوات الأمن — حيث أدّى إلى وقوع أكبر عدد من الضحايا في أي هجوم على قوات الأمن في البلاد حتى الآن — إلّا أن وسائله وموقعه لا يزالان غير عاديين في ما يتعلق بأنشطة تنظيم “الدولة الإسلامية” في المملكة العربية السعودية. ونظراً إلى أهمية اليمن، سواء كمسرح للحرب أو ميدان لعمليات مكافحة الإرهاب للرياض، فإنه من المستغرب أن “داعش” لم يسعَ إلى التركيز وتسليط الضوء عليه بشكل أكبر.
وتزامن هجوم 4 تموز (يوليو) 2016 على مسجد العمران في القطيف مع هجومين في الحجاز – محاولة هجوم في صباح اليوم على القنصلية الأميركية في جدة، والثانية في المدينة المنورة في ذلك المساء حيث قتل إنتحاري أربعة أفراد من رجال الأمن الذين كانوا يأكلون في موقف سيارات مسجد النبي محمد. وعلى الرغم من أن الخلايا التابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” في البلاد لم تدّعِ القيام بهذه الهجمات، فإن طريقة العمل كانت مماثلة لعمليات سابقة، وتكشف عن تحول تدريجي نحو الغرب بالنسبة إلى الموقع والأهداف المختارة.
وسجّلت هذه الهجمات أول هجمات كبيرة في ذلك الجزء من البلاد، وهي خطوة أعلى من الهجمات الصغيرة التي شنها مسلحون على أفراد قوات الأمن في وقت سابق. كما أن جنسية مرتكب هجوم القنصلية الأميركية – وهو مواطن باكستاني – هي أيضاً ذات دلالة ملحوظة. ويبدو أن هذا هو أول حادث يتعلق بتنظيم “الدولة الإسلامية في البلد يقوم به مواطن غير سعودي، وهو يعكس تقارير متزايدة عن إرتفاع مشاركة وتورط غير سعوديين في النشاط المرتبط ب”داعش” في البلاد منذ منتصف العام 2016، (“أراب نيوز”، 4 تموز (يوليو) 2016).
هناك معلومات تفيد بأن أعضاء سابقين في تنظيم “القاعدة” إنضموا إلى الجماعة المتطرفة الجديدة، وأن العضوية تمتد إلى شبكات الجريمة المنظمة في البلاد، وهو أمر غير مفاجئ. إن إدراج الرعايا الأجانب هو محاولة لتعزيز العضوية في ظل ندرة إستعداد السعوديين للتجنّد، وقد يشكل هذا الأمر تحدياً أكبر لمراقبة الدولة. ومع ذلك، فإن قدرة الخلايا على تمويه نفسها “في أفق سليم” في بعض المناطق المُرَاقَبة بشكل دقيق للغاية في البلاد ليست، للأسف، جديدة.
على الرغم من أن التقارير الإعلامية عن مداهمات الشرطة يمكن أن تُعطي إنطباعاً منحرفاً عن المكان الذي تتمركز فيه خلايا “الدولة الإسلامية” – على سبيل المثال، في المنطقة الشرقية – فإن التركيز الأكبر مع مرور الوقت على المناطق التي تُعتبر تاريخياً أكثر تحفظاً دينياً، يعطي صورة أوضح للأهداف الحقيقية للخلايا : الرياض والإكتساح غرباً نحو المدن المقدسة.
في النهاية، تعكس أنماط إستهداف خلايا “داعش” في السعودية الأولويات المنصوص عليها في إعلان البغدادي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014. كان المقاتلون المتطرفون يستهدفون أفراد الطائفة الشيعية أولاً، ثم أفراد الأمن والممثلين الآخرين للدولة، ثم عائلة آل سعود، وأخيراً الأجانب. وحتى الآن، فإن أجنبياً واحداً فقط قد إستهدفته المجموعة – مواطن دانمركي قُتل في الرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014. (“ذي ناشيونال”، 11 كانون الأول (ديسمبر) 2014).

إستجابة أمنية فعّالة

كانت إستجابة قوات الأمن في أعقاب هجمات “الدولة الإسلامية” في البلاد متعددة الجوانب. وإستناداً إلى تقارير وسائل الإعلام المحلية، فقد أصبحت غارات الشرطة وغيرها من عناصر الأجهزة الأمنية أكثر تواتراً وأكثر فتكاً، في حين يبدو أن معدل الإعتقال ظل متّسقاً نسبياً. غير أنه من غير الواضح ما إذا كان هذا يدل على زيادة نشاط قوات الأمن أو مجرد زيادة الإبلاغ عن مثل هذه الحوادث.
مع ذلك، فإن إستجابة قطاع الأمن تُكمّل الهياكل القائمة لمكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف في المملكة، حيث تجلّى ذلك من خلال منصات متعددة على الإنترنت ومراكز ثابتة. غير أنه لا تزال هناك أسئلة بشأن رسائل المؤسسة الدينية ومدى دعمها للجهود الفعالة لمكافحة التطرف عندما لا تكون قادرة على السيطرة على عناصرها الأكثر تحفظاً.
إن إستهداف المجتمع الشيعي في البلاد هو محاولة لتجنيد المحافظين الإجتماعيين الذين يميلون إلى الطائفية من العناصر المعادية للشيعة في المؤسسة الدينية السعودية. إن الإستجابة العامة في أعقاب العديد من الهجمات في المنطقة الشرقية تُشير إلى أن هذا الأمر غير فعال إلى حد كبير، حيث يُدرك الكثير من السعوديين بأن “داعش” لا ينوي الحد من هجماته وتحديدها على أساس خطوط طائفية.
في المدى الطويل، هناك تساؤلات حول كيف ستحتاج جهود الحكومة لمكافحة الإرهاب إلى التغيير لإستيعاب المخاطر التي يمثلها تنظيم “الدولة الإسلامية” فيما ينتقل من منظمة عبر الوطنية، التي تعاني من فقدان الأراضي التي كانت في ذروتها في العام 2015، إلى أن يصبح حركة منقسمة ومتمردة محلية إلى حد كبير في النصف الأخير من هذا العام.

عوامل إقتصادية

بالمقارنة مع منافسيه الإيديولوجيين، هناك عدد أقل من “المحفزات” للمشاعر المعادية للنظام المُتاحة ل”داعش” في المملكة العربية السعودية اليوم. في منتصف تسعينات القرن الفائت، كانت السعودية لا تزال تعاني من دورة الازدهار والكساد في أواخر ثمانينات القرن المنصرم، والتي أثّرت بشدة في مستوى معيشة العديد من السعوديين العاديين. هذه الإعتبارات، والأسئلة التي تثيرها، هي أيضاً مهمة في ضوء التغيرات الأخيرة في الإقتصاد السعودي والإعتماد المستمر للمواطنين – حتى عندما تنتهج الحكومة إصلاحات إقتصادية واسعة النطاق – على الدولة.
إن التغييرات جارية حالياً في إقتصاد البلاد، والتي تُعتبَر مهمة لمستقبل تنظيم “الدولة الإسلامية” في المملكة العربية السعودية كما هي بالنسبة إلى المجتمع السعودي نفسه، حيث تشمل الخصخصة المخططة للمؤسسات الرئيسية المملوكة للدولة – من نسبة صغيرة من شركة النفط المملوكة للدولة أرامكو السعودية، إلى مورد المياه الصالحة للشرب في البلاد، المؤسسة العامة لتحويل المياه المالحة.
وتشمل الإصلاحات الأخرى المخطط إجراؤها إصلاحاً لمساعدات ورعاية الدولة، مع الأخذ بنظام صرف نقدي مباشر، وقرار بإدخال شبكة أمان إجتماعي، والتأمين الإلزامي ضد البطالة، ومعاشات تقاعد من مكان العمل التي أُدخلت في العام 2014. وتهدف هذه الإصلاحات إلى التعويض عن الإصلاحات الأخرى المخطط لها، مثل إزالة جميع إعانات المياه والكهرباء المنزلية بحلول العام 2019. إن سياسات جديدة مثل هذه يمكن أن تؤدي إلى زيادة الشعور بالسخط لدى الطبقة الوسطى السعودية التي تحملت وطأة التخفيضات الحكومية منذ العام 2015.
لا شك أن عدم حصول أي إعتداء ل”داعش” في البلاد خلال الأشهر الثمانية الماضية يشكل نجاحاً ملحوظاً للأجهزة الأمنية في المملكة العربية السعودية. لكن كيف يمكن لذلك أن يتغير مع تقلص نفوذ “داعش” في سوريا والعراق لا يزال غير واضح في الوقت الراهن، ومع ذلك من المرجح أن تستمر السعودية في مواجهة تهديد من قبل التنظيم المتطرف بشكل ما لسنوات مقبلة. وحتى لو خفت المخاطر الأمنية بمرور الوقت، فإن معركة الفوز بقلوب وعقول مواطني المملكة العربية السعودية، موطن الحج، لن تنتهي في وقت قريب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى