عُمان: مشاريع القطاع الخاص تُنعِش قطاع البناء

بعدما أطلقت مسقط برنامجها للتنويع الإقتصادي، بدأت تخفف القيود لجذب القطاع الخاص المحلي والأجنبي للمشاركة فيه، ويبدو أنها نجحت حتى الآن في ذلك، وأكبر مثال هو قطاع البناء.

رئيس جمعية المقاولين العُمانية شهسوار البلوشي: قطاع البناء يواجه تحديات

مسقط – سمير الحسيني

تفيد التوقعات الرسمية والخاصة في عُمان بأن زيادة مشاركة القطاع الخاص في المشاريع العُمانية، وسن القوانين الضرورية لتخفيف القيود المفروضة على القوى العاملة والسماح بملكية أجنبية بنسبة 100٪، سوف تساعد على دفع التوسع المستمر في قطاع البناء والتشييد في السلطنة في المديين المتوسط والطويل.
لقد خصصت خطة التنمية الحكومية للفترة 2016-2020 – المكوِّن النهائي لخطة الدولة لرؤية 2020 طويلة الأجل للتنويع الإقتصادي – مبلغ 1.66 مليار ريال (4.3 مليارات دولار) لإنفاق الدولة على التنمية سنوياً على مجموعة من المشاريع، مثل مجمع الواجهة البحرية في ميناء السلطان قابوس، ومحطة المطار الدولية الجديدة في مسقط، ونظام السكك الحديدية الوطنية. ويعكس الإنتعاش الأخير في النشاط الإستثماري نجاح الدعوة التي أطلقتها الخطة إلى تعزيز دور القطاع الخاص في ملكية هذه المشاريع وتمويلها وإدارتها.
ووفقاً لآخر أرقام سنة كاملة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، فقد ساهم نشاط البناء ب2.1 ملياري ريال عُماني (5.46 مليارات دولار) في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة في العام 2015، بزيادة قدرها 10٪ عن العام السابق.

إنخراط القطاع الخاص

في نهاية آذار (مارس) الفائت، وقّعت وزارة السياحة العُمانية إتفاقية مع شركة قريات للتطوير لبناء مجمع قريات السياحي بقيمة 385 مليون ريال عُماني (1 مليار دولار) على مساحة تبلغ 6 ملايين متر مربع على الساحل الشرقي للبلاد.
وسيتم تنفيذ المشروع – الذي سيتم تمويله من القطاع الخاص – على ثلاث مراحل بواقع خمس سنوات لكل مرحلة، على أن تنتهي أول مرحلة في العام 2021. وعند الانتهاء من المشروع في العام 2031، سيكون هناك ملعب للغولف من تسع حفر، وثلاثة فنادق، وميناء لليخوت (مرينا)، ومجمعات تجارية وسكنية.
كما شهد آذار (مارس) أيضاً إطلاق مجمع سياحي متكامل آخر هو مشروع مساكن الميناء ونادي اليخوت، حيث يبدأ البناء فيه في نهاية هذا العام وينتهي بحلول العام 2020. وعند الإنتهاء من المشروع، سوف يضم الميناء 69 وحدة سكنية جديدة و نادياً لليخوت في خليج الجصة في مسقط.
وفي حين أن مجمع قريات يقع بالقرب من بلدة قريات غير المعروفة نسبياً، فإن الميناء هو جزء من الوجهة الحصرية لبر الجصة، وبُني على أساس الطلب الحالي على “الفلل” و”البنتهاوس” و”الدوبلكس”.
وهناك زخم جديد وراء قطاع السياحة يدعمه البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الإقتصادي “تنفيذ”، وهو برنامج حكومي يهدف إلى المساعدة على تنفيذ أهداف الخطة الخمسية التي أُطلقت في أيلول (سبتمبر) الماضي، التي حدّدت السياحة كإحدى الركائز الخمس للنمو إلى جانب الصناعات التحويلية واللوجستيات والمالية والعمالة.

بدء العمل في مركز تجاري كبير

في قطاع التجزئة، بدأ البناء في منتصف آذار (مارس) في “مول عُمان”، على مساحة 135,000 متر مربع والذي سيصبح أكبر مركز تجاري في البلاد عند إفتتاحه في العام 2020.
ومن المتوقع أن يستضيف هذا المركز التجاري، الذي تم تصميمه من قبل الشركة الأميركية الإستشارية في مجال البناء “إيكوم”، وتقوم بتطويره شركة الفطيم القابضة الإماراتية، 350 متجراً للبيع بالتجزئة إلى جانب دور سينما وحديقة ثلج ومركز ترفيه عائلي. ويقع المركز في مدينة العرفان، وهي مركز أعمال جديد قيد التطوير بالقرب من مطار مسقط الدولي.

التغييرات التنظيمية الآتية

الواقع أنه يمكن دعم مشاريع البناء العديدة بتخفيف القيود المفروضة بالنسبة إلى “توطين” القوى العاملة “العُمانية” التي تتطلب من الشركات توظيف حصص دنيا من المواطنين العُمانيين على مختلف المستويات لمختلف القطاعات.
في كانون الأول (ديسمبر) الفائت، قامت جمعية المقاولين العُمانية بصياغة إقتراح لخفض معدل “التعمين” الإلزامي من 30٪ إلى 10٪ لقطاع البناء والتشييد. وقال شهسوار البلوشي، الرئيس التنفيذي للجمعية، لوسائل الإعلام المحلية في آذار (مارس) الفائت أن معدل “التعمين” الفعلي للقطاع هو 7٪ على الرغم من الحد الأدنى المطلوب قانوناً، وهي الفجوة التي تشير إلى إنفاذ غير متكافئ ويمكن أن تردع المستثمرين المحتملين والمتعاقدين الذين يبحثون لدخول السوق.
وحسب البلوشي فإن مشروع القانون هو في مراحل متقدمة وستتم الموافقة عليه قريباً، ومن المحتمل ان يدخل حيز التنفيذ قبل نهاية حزيران (يونيو) المقبل. وبموجب شروط الإقتراح، سيزداد معدل “التعمين” تدريجاً خلال السنوات الثلاث المقبلة ليصل إلى 15٪ بحلول العام 2020.
ويعني التخفيف الرسمي لقيود التوظيف القانونية أن المقاولين يمكن أن يساعدوا الحكومة بشكل أفضل على تحقيق أهدافها الإنمائية الطويلة الأمد من دون أن يتعرّضوا إلى قيود صعبة بالنسبة إلى رأس المال البشري. وقد كافح المقاولون من الناحية التاريخية لملء الحصص بسبب عدم وجود أعداد كافية من العُمانيين الذين يسعون إلى العمل في هذا القطاع، وفقاً لجمعية المقاولين العُمانية.
ويمكن أن تكون هذه التغييرات نعمة لقطاع البناء والتشييد، الذي يعد أكبر رب عمل في عُمان، ويوفّر فرص عمل ل39٪ من العمال الأجانب و25٪ من جميع موظفي القطاع الخاص العُماني، وفقاً للبيانات الرسمية إعتباراً من تموز (يوليو) 2016.
ويمكن أن يتلقى القطاع دفعة أخرى بعد تمرير مشروع قانون لرفع القيود المفروضة على الملكية الأجنبية، التي كانت تقارير عدة أفادت أنه إعتباراً من شباط (فبراير) من العام الماضي صار في مرحلة الصياغة النهائية. وبوضعه بالتشاور مع البنك الدولي، فإن القانون الجديد المقترح سيرفع سقف الملكية الأجنبية للشركات من 35٪ إلى 100٪، ويلغي الحد الأدنى لرأس المال المطلوب البالغ 150,000 ريال عُماني (390,000 دولار).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى