أين أميركا من مجزرة خان شيخون؟

بقلم كابي طبراني

من الممكن أن تكون مجرد مصادفة أن يقع أسوأ هجوم بالأسلحة الكيميائية في سوريا منذ العام 2013 بعد أيام قليلة فقط على تأكيد الإدارة الأميركية الجديدة بأنها لن تسعى إلى تنحية بشار الأسد من السلطة. مع ذلك، فإن الهجوم المروّع الذي وقع يوم الثلاثاء الفائت (04/04/2017) على مدينة “خان شيخون” في ريف إدلب التي يسيطر عليها المتمرّدون، سيختبر ما إذا كان الرئيس دونالد ترامب سوف يتسامح مع الجرائم الصارخة ضد الإنسانية التي يقترفها نظام الأسد أم لا. حتى الآن، لا تبدو الإشارات جيدة.
على الرغم من أن الحقائق لم تُعرف كلها بعد، فإن الأدلة المُبكرة من مكان الحادث كانت مؤلمة وقاسية. قال شهود عيان أن الطائرات السورية قصفت في الصباح الباكر “خان شيخون” بعناصر كيميائية التي، وفقاً لفيديوات عدة إنتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي وعلى شاشات التلفزة، تسببت في إصابة الضحايا برغوة في الفم وصعوبة في التنفس. وأفادت مصادر سورية أن ما لا يقل عن 100 شخص قُتلوا وجُرح حوالي 400، معظمهم أطفال. وتوفي بعضهم عندما إستهدفت غارة جوية ثانية أحد المستشفيات الذي كان يُعالَجهم.
وقد أثبتت التحقيقات التي أجرتها الأمم المتحدة أن نظام الأسد أسقط براميل متفجرة مملوءة بغاز الكلور على مدنيين في مناسبات عديدة منذ أن وافق في العام 2013 على تسليم ترسانته الكيميائية والإلتزام بمعاهدة حظر إستخدام الأسلحة الكيميائية. وظهر الهجوم يوم الثلاثاء أكثر خطورة، إذ أشار العاملون الطبيون فى مكان الحادث الى أعراض تتفق مع التعرض لعناصر عصبية مثل السارين.
وكان الهجوم بالسارين بالقرب من دمشق في آب (أغسطس) 2013 هو الذي دفع الرئيس باراك أوباما أولاً إلى إقتراح، ومن ثم التراجع عن، عمل عسكري عقابي ضد نظام الأسد. ووصف أوباما نفسه في وقت لاحق بأنه “فخور جداً” بقراره، لأنه أدّى إلى صفقة يُفترَض أنها ألغت المخزونات الكيميائية السورية. وأكد هجوم الثلاثاء أن أوباما قد فشل في تحقيق هذا الهدف، في حين أن إنسحابه من المشهد قد فتح الطريق أمام تدمير المعارضة السورية المعتدلة، ونمو تنظيم “الدولة الإسلامية”، والتدخل الروسي في سوريا.
الآن جاء دور الرئيس ترامب ليقرر ما إذا كان سيقف في وجه الأسد ورعاته الإيرانيين والروس أم سيسير على خطى سلفه. حتى الآن ما زال يراوغ. فقد قال بيان صدر بإسمه بأن هذا الهجوم “يستحق الشجب” و”لا يمكن تجاهله من قبل العالم المتحضّر”، ولكن سرعان ما تحرّك وإنتقل بعدها لإلقاء اللوم على إدارة أوباما بسبب “ضعفها وتراجعها”. وفي الوقت عينه، رفض وزير الخارجية ريكس تيلرسون الرد على سؤال حول الهجوم قبل لقاءٍ مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأصدر في وقت لاحق بياناً يدعو فيه بشكل ضعيف روسيا وإيران إلى محاسبة نظام الأسد.
وكانت الادارة الجديدة إنتقدت بشدة موقف روسيا والصين فى 28 شباط (فبراير) الفائت عندما أوقفتا قرار مجلس الامن الدولي الذي يقضي بفرض عقوبات على سوريا لإستخدامها غاز الكلور. إن الحكومتين، على حد إتهام وقول السفيرة الأميركية نيكي هايلي يومها، قد “تخلّتا عن الرجال والنساء والأطفال العزل الذين لقوا مصرعهم ولفظوا أنفاسهم عندما أسقطت قوات الاسد غازها السام. لقد تجاهلتا الحقائق، ووضعتا مصلحة أصدقائهما في نظام الأسد قبل أمننا العالمي”.
والسؤال الآن: هل سيفعل ترامب الشيء عينه؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى