المغرب: تعزيز الأمن الغذائي بواسطة الزراعة هو المفتاح للأمن الإجتماعي

تؤدي الزراعة دورًا مهماً في إقتصاد المغرب، على الرغم من زيادة أهمية المعادن ونمو النشاط الصناعي والإستثمار الأجنبي. وتبلغ مساحة المغرب حوالي 71 مليون هكتار حيث يُعتبر مليون هكتار منها صالحة للزراعة. ويستوعب النشاط الزراعي حوالي 34% من مجموع القوى العاملة في المملكة، كما تشكل جانبًا مهمًا من الصادرات، وأهم المحاصيل الزراعية في المغرب الحبوب، بخاصة القمح والشعير والذرة والشمندر السكري والحمضيات والبطاطس والطماطم والزيتون والفاصوليا والبازلا.

زراعة الكينوا: أدخلتها الفاو إلى المغرب لمواجهة تقلب الطقس.

الرباط – باسم رحال

يعمل المغرب على تعزيز الإستدامة الزراعية من خلال الإستثمار في الري وتنويع قاعدة محاصيله، بعد إنخفاض محصول الحبوب في موسم 2015/2016.
في كانون الثاني (يناير) الفائت أطلق الملك محمد السادس نظام الري بالتنقيط على مساحة 500 هكتار من الأراضي في بلدة صعدة في محافظة مراكش، فضلاً عن حوض ري بمساحة 100 ألف متر مكعب في بلدة تمصلوحت في محافظة الحوز.
ويشكّل المشروعان جزءاً حيوياً من برنامج تحويل يجري حالياً لإنشاء الري بالتنقيط عبر 4000 هكتار من الأراضي الزراعية في حوض وادي نفيس – وهو واد يقع في منطقة مراكش – آسفي. ومن المتوقع أن يستفيد 2300 مزارع من المشروع البالغة تكاليفه 278 مليون درهم (26 مليون يورو)، والذي يهدف أيضاً إلى زيادة وفورات المياه بنسبة 30٪ سنوياً، وزيادة متوسط قيمة الأراضي الزراعية من 16,000 درهم (1500 يورو) لكل هكتار إلى 40 ألف درهم (3,750 يورو) وخلق 480 وظيفة.
وتندرج هذه المبادرة ضمن خطة التنمية العشرية التي وضعتها المملكة المغربية لمعالجة الإجهاد المائي: البرنامج الوطني لتوفير المياه للري. ويسعى البرنامج إلى تجهيز 550 ألف هكتار بنظام الري بالتنقيط بحلول العام 2020 وتوفير ما يصل إلى 1.4 مليار متر مكعب من المياه سنوياً.

إنخفاض هطول الأمطار يقلّل الإنتاج

وينبغي أن يساعد تزويد المزارعين بنُظُم ري متطورة للغاية على تعويض الخسائر في أثناء الظروف الجوية المُتقلّبة، مثل تلك التي ظهرت في الموسم الزراعي 2015/2016، عندما تسبب الجفاف الشديد في إنكماش حاد في غلة المحاصيل.
وقد إنخفض حصاد الحبوب الرئيسية الأربعة في المغرب – القمح الطري والقمح الديوروم والشعير والذرة – بنحو 70٪ على أساس سنوي في موسم 2015/2016 إلى 33.5 مليون قنطار (وحدة وزن تساوي 100 كلغ)، وفقاً للأرقام الواردة من وزارة الفلاحة والصيد البحري.
وتسبب إنخفاض الناتج بضربة للقطاع عامة، الذي شهد مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي تتقلّص بنسبة 9.8٪ في العام 2016، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، بعد نمو بنسبة 12.8٪ في العام الذي سبقه.
وقد كان لذلك أثر سلبي في الإقتصاد الكلي، حيث هبط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.1٪ في العام الماضي من 4.5٪ في العام 2015، وفقاً لأرقام لجنة التخطيط العليا.
ومع ذلك، تبدو التوقعات للزراعة أكثر إيجابية هذا العام، مع توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع مرة أخرى إلى 10.8٪.

توسيع القاعدة

وكما هو الحال في بلدان أخرى في منطقة شمال أفريقيا، تشكّل الحبوب عنصراً رئيسياً في المغرب، حيث بلغ إستهلاك الفرد السنوي 173 كيلوغراماً في العام 2014، وهو أعلى من المتوسط العالمي البالغ 152 كيلوغراماً.
وتغطي نباتات الحبوب 75٪ من الأراضي المغربية الصالحة للزراعة، ولكنها مُعرَّضة لمخاطر هطول الأمطار غير النظامية. ولذلك، وبغية تحسين الأمن الغذائي، فقد بذل المغرب أخيراً جهوداً لتوسيع زراعة أنواع محاصيل أخرى.
وجرى أحد هذه التحركات في شباط (فبراير) الفائت، عندما وقّعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إتفاق تعاون تقنياً مع معهد الحسن الثاني الزراعي والبيطري لتشجيع إنتاج الكينوا – وهي بذور ذات قدرة عالية على تحمل الجفاف.
وكجزء من المشروع، ستعمل “الفاو” مع المغرب في شراكة مع البيرو – وهي بلاد تتمتع بتاريخ حافل في مجال زراعة الكينوا – لتسهيل نقل المعارف وتبادل المواد الجينية.
في حين أن الرغبة في “زراعة عشرات الهكتارات إن لم يكن أكثر” من الكينوا موجودة في المغرب، وفقاً للبيان الصحافي لمنظمة الأغذية والزراعة المرافق للإتفاق، فقد واجه مزارعو الكينوا العديد من التحديات حتى الآن، بما في ذلك صعوبة إستخراج المركب السام “السابونين” من البذور كجزء من معالجة الحبوب للإستهلاك البشري.

جزء من الصورة الأكبر

وفيما يبدو أنه يشكل الإطار الشامل وراء هذه التطورات الأخيرة، فإن مشروع مخطط المغرب الأخضر هو أولوية للدولة منذ بدء تنفيذه في العام 2008.
ومن خلال إستثمارات تبلغ 174 مليار درهم (16.2 مليار يورو)، يسعى المشروع إلى خلق 1.15 مليون وظيفة زراعية، وزيادة دخل سكان الريف البالغ عددهم 3 ملايين بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول العام 2020.
إن ثمار مشروع خطة المغرب الأخضر واضحة بالفعل. وقال عزيز عبدلالي المدير العام للمكتب الوطني للحبوب والبقول فى العام الماضي ان الإنخفاض فى الانتاج من جراء الجفاف الاخير كان من الممكن أن يكون أكثر ضرراً لو لم تكن هناك مبادرات هذا المشروع. وحصد المزارعون المحليون أيضاً ضعف كمية الحبوب في موسم 2015/2016 مقارنة بموسم 1994/1995، عندما شهد المغرب جفافاً مماثلاً.
بالإضافة إلى حماية القطاع الزراعي إلى حد ما من الأحوال الجوية المعاكسة، فقد كان مشروع خطة المغرب الأخضر أيضاً مفيداً في جذب الإستثمارات العامة والخاصة. بين عامي 2008 و2015، ارتفعت تدفقات رأس المال إلى القطاع الزراعي بنسبة 1.9٪، بقيمة 1.9 مليار درهم (177.9 مليون يورو)، وفقاً لبيانات وزارة المالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى