تغييرات كبيرة في قطاع الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية

يبدو أن إرتفاع الطلب على السلع الاستهلاكية وزيادة دور القطاع الخاص سوف يدفعان بعجلة التوسع وفتح أبواب جديدة للمستثمرين في قطاع الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية.

مستشفى الحمادي في الرياض: من المراكز الصحية المتقدمة في السعودية
مستشفى الحمادي في الرياض: من المراكز الصحية المتقدمة في السعودية

الرياض – راغب الشيباني

في تقريرها “إتجاه الأسعار العالمية للطبابة للعام 2016″، توقّعت شركة الخدمات الإستشارية الأميركية “آيون هيويت” (Aon Hewitt) بأن ينمو قطاع الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية بمعدل نمو سنوي مُرَكَّب يبلغ 12.3٪ حتى العام 2020، حيث سيصل إلى 71.2 مليار دولار. في العام الماضي إرتفع متوسط صافي “معدل الإتجاه” لهذه الصناعة في المملكة بنسبة 9.5٪، وفقاً ل”آيون هيويت”، وهي نسبة أعلى بكثير من المتوسط المُسَجَّل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا البالغة 5.3٪.
ويقول تقرير إستراتيجي آخر صدر في كانون الأول (ديسمبر) الفائت عن شركة الوساطة السعودية “الراجحي المالية” أيضاً أن تحسّن السيولة وإلتزام الحكومة بتوسيع دور القطاع الخاص في الإقتصاد يجب أن يؤديان إلى مستويات أعلى من الإستثمار في مجال الرعاية الصحية في العام المقبل.
“إن قطاع الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية يمكنه الإعتماد على البيئة المتمكنة الصحيحة والموارد اللازمة لبدء إجراء الإصلاحات الأساسية لنموذج القطاع بأكمله”، قال الدكتور هيثم الفلاح، المدير التنفيذي لمدينة الملك سعود الطبية.

قيد الإعداد والتنفيذ

وفقاً لتقرير صدر في كانون الاول (ديسمبر) الفائت لشركة إدارة الإستثمار في دبي “الماسة كابيتال”، فإنه من أصل ما يقرب من 150 مشروعاً رئيسياً للبنية التحتية للرعاية الصحية المُدرَجة للإنتهاء بحلول العام 2021 في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، هناك نحو 87 منها تقع في المملكة العربية السعودية، وهو ما يمثل نحو 47٪ من المجموع الإقليمي المقدرة قيمته ب42 مليار دولار.
ومن بين هذه المشاريع خططٌ لبناء “مدن طبية” عدة في المملكة بتكلفة إجمالية قدرها 4.3 مليارات دولار. وأكبرها ستكون مدينة الملك عبد الله الطبية في الدمام البالغة تكاليفها 1.2 مليار دولار، والتي سوف تمتد على أكثر من 700,000 متر مربع وتتسع ل1500 سرير. والثانية، ستكون مدينة الملك عبد الله الطبية في منطقة مكة البالغة تكاليفها مليار دولار، وتحتوي على ثلاثة مستشفيات و10 مراكز طبية، مع ما مجموعه 1500 سرير، في حين أن الثالثة، مدينة الملك فيصل الطبية في أبها في الجنوب البالغة تكاليفها 1.1 مليار دولار، ستفتتح أبوابها في العام 2021، وتشمل المستشفى الرئيسي الذي يتسع ل500 سرير، بالإضافة الى خمسة مستشفيات متخصصة، ليصبح مجموع عدد الأسرة 1350.

رؤية صحية

الواقع أن هذه المشاريع هي جزء من رؤية 2030، مخطط الحكومة طويل الأجل للتنمية الإقتصادية والإجتماعية، والتي – جنباً إلى جنب مع الخطة المتوسطة الأجل المُرافِقة، تم إطلاق برنامج التحوّل الوطني في العام الماضي – تدعو إلى إجراء إصلاح جذري للقطاع الصحي في السنوات المقبلة.
ومن بين التدابير المُعلَنة لتحقيق ذلك سيتم تحسين الوصول إلى المرافق الصحية وزيادة الشفافية من خلال زيادة الإعتماد على التكنولوجيا. ووفقاً للخطة، فإن 70٪ من الشعب السعودي سيكون لديهم سجل طبي رقمي مُوحَّد بحلول العام 2020.
وقد دُعِمت رؤية 2030 بموارد مالية كبيرة. فمن إجمالي تخصيصات بلغ 890 مليار ريال سعودي (237.3 مليار دولار) لموازنة العام 2017، التي صدرت في نهاية العام الماضي، فإن حصة الصحة و”التنمية الإجتماعية” بلغت 120 مليار ريال سعودي (32 مليار دولار)، بزيادة قدرها 15٪ عن العام السابق.
ويهدف الكثير من هذا الإنفاق إلى تعزيز البنية التحتية، بما في ذلك وضع خطط ل38 مركزاً صحياً جديداً تضم ما مجموعه 9100 من أسرة المستشفيات. ويأتي ذلك زيادة على 23 مستشفى جديداً مع 4250 سريراً تمت إضافتها في العام الماضي.
وتدعو الخطة أيضاً إلى إحداث تحوّل في دور الدولة في هذا القطاع. على الرغم من أنها سوف تحافظ على قدر من المشاركة في تقديم الخدمات الصحية، فإن القطاع العام في المستقبل سوف يركّز أكثر على التخطيط والشؤون التنظيمية والوظائف الإشرافية.
وحسب المخطط، فمن المتوقع أن ترتفع حصة القطاع الخاص في قطاع الرعاية الصحية بنسبة 10 نقاط مئوية إلى 35٪ بحلول العام 2020، مما سيدفع إجمالي الإيرادات الناتجة من القطاع الخاص من أساس 300 مليون ريال سعودي (80 مليون دولار) للوصول إلى 4 مليارات ريال سعودي (1 مليار دولار).

أخذ نبض القطاع

من المتوقع أن يكون النمو السكاني السريع وإرتفاع نسبة الأمراض المرتبطة بنمط الحياة مثل السكري والسمنة وراء الدوافع الرئيسية للطلب الجديد المتزايد للحصول على الرعاية الصحية الجيدة في المديين المتوسط والطويل في المملكة.
“إن سوق الرعاية الصحية كبيرة جداً حيث أن هناك مجالاً كبيراً لديها لإستيعاب العديد من لاعبين آخرين في القطاع الخاص قبل أن تصبح مُشبَعة”، قال عثمان منقارة، العضو المنتدب لمستشفى ومركز “الدارة” الطبي في تصريح صحافي.
وقد أثبت قطاع الرعاية الصحية الكبير في المملكة مرونة في أعقاب الأزمة الإقتصادية العالمية، والفرص المتاحة في القطاعات المتخصصة تتزايد، وفقاً لرياض باجودا، الرئيس التنفيذي لشركة الرعاية الصحية التي توفر الحلول بواسطة تكنولوجيا المعلومات “وصيل”.
“إن الرعاية الصحية سوف تكون دائماً مطلوبة بشكل مستقل عن الصورة الإقتصادية الأوسع”، قال. “إن أنظمة تكنولوجيا المعلومات لمطالبات الضمان الصحي هي أقل تقلباً نظراً إلى أن الطلب يستند على عدد المؤمَّن عليهم بدلاً من حجم المعاملات. فالأول يمكنه أن يرتفع فيما الجمهور يصبح أكثر وعياً بالنسبة إلى فوائد التأمين”، على حد قوله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى