أبو ظبي تستهدف توسيع إنتاج البتروكيماويات لتنويع إقتصادها

في برنامجها الطويل المدى لتنويع إقتصادها بعيداً من النفط، تعمل أبو ظبي جاهدة إلى تطوير صناعة البتروكيماويات لديها بهدف زيادة إنتاجها في هذا الحقل. لكن يفيد بعض الخبراء بأن الأمر لن يكون سهلاً في ظل المنافسة الموجودة من جيرانها والبلدان الأجنبية الأخرى.

مشروع "بروج": أكبر مجمع بتروكيماوي متكامل في العالم
مشروع “بروج”: أكبر مجمع بتروكيماوي متكامل في العالم

أبو ظبي – عمّار الحلّاق

أعلنت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) المملوكة للدولة عن خطط في تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت تهدف إلى زيادة إنتاج البتروكيماويات إلى مستوى الضعفين مما هو عليه الآن، وذلك على مدى العقد المقبل كجزء من إستراتيجيتها حتى العام 2030.
وقد صدرت هذه الخطط جنباً إلى جنب مع الخطة الخمسية للشركة وموازنتها التشغيلية، والتي تهدف كلها إلى تقوية حضور “أدنوك” في قطاع الطاقة وتعزيز قدرتها التنافسية.
مع إرتفاع الطلب المتوقع في السنوات المقبلة، فإن صناعة البتروكيماويات في الإمارات تعرض فرصة إستثمارية قوية، حيث تبذل الحكومة جهوداً لتوسيعها وإعتبارها كعنصر حاسم في إستراتيجية أبوظبي الجارية للتنويع الإقتصادي.
على خلفية ظروف الطلب الضعيفة للنفط الخام في العالم منذ منتصف العام 2014، فقد سعت السلع في الإقتصادات الغنية عبر دول مجلس التعاون الخليجي على نحو متزايد إلى توسيع الصناعات التحويلية ومجموعة من المنتجات المشتقة من أجل أن تصبح أكثر مرونة في أثناء التباطؤ الدوري.

التوسّع

جاء إعلان شركة “أدنوك” في أعقاب إفتتاح منشأة البتروكيماويات “بروج 3” في العام 2015. ولأنها تُعتبَر أكبر مجمع متكامل في العالم للأوليفينات (أو الألكينات)، فإن المصنع يتمتع بقدرة إنتاج تصل إلى 2.3 مليوني طن سنوياً من “البولي إيثلين” و1.7 مليون طن من “البولي بروبلين” و350,000 طن من “البولي إيثلين” قليل الكثافة.
يُكمّل مجمع “بروج” محفظة واسعة النطاق من البتروكيماويات العالمية المملوكة من قبل شركة الإستثمارات البترولية الدولية في أبو ظبي، بما في ذلك شركة “بورياليس” النمسوية، و”سيبسا” في إسبانيا، و”نوفا كيميكالز” الكندية. و”بورياليس”، في المقابل، تملك 40٪ من المشروع المشترك “بُروج” مع “أدنوك”. ولدى “بروج” و”بورياليس” معاً قدرة مشتركة على إنتاج 8 ملايين طن في العام.
والنشاط في التوسع المستمر في مجمع “بروج” سوف يضيف إلى ذلك، مع إعلان مسؤولي “أدنوك” في تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت بأن الإنتاج سوف يرتفع ثلاثة أضعاف إلى 11.4 مليون طن سنوياً بحلول العام 2025.

تحوّلات في الأفق

نظراً إلى أهمية الغاز الطبيعي في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن التوسع في قطاع البتروكيماويات فقط على أساس تكسير الإيثان قد وصل إلى ذروته، مما يستدعي تنويع المواد الأولية نحو مواد أولية أثقل مثل النافثا، وفقاً لعلي فازفاي، رئيس منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة “لينده للهندسة”، مقاولة البناء المسؤولة عن الهندسة والمشتريات وتوسعات “بروج” السابقة.
” النافثا عموماً أكثر إمتداداً إقتصادياً مقارنة بالإيثان؛ ولكن، بفضل التقنيات المبتكرة والإستفادة المُثلى من المشتقات، فإنها تتمتع بالقدرة على إنتاج هوامش مقبولة”، قال فازفاي. “إن تكاملاً أعمق للتكرير وأصول البتروكيماويات يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار عند بناء إستراتيجية النمو على تكسير السائل”، متابعاً.
في حالة النافتا، تتمتع أبو ظبي بوفرة المواد الخام السائلة من ذراع “أدنوك” لتكرير النفط، شركة “تكرير”، التي خضعت هي الأخرى إلى توسع في السنوات الأخيرة. وفي حين أن هذه الميزة يمكن أن يقابلها إرتفاع التكاليف المرتبطة بتكسير النافتا، فإن الميزة السعرية للإيثان قد تقاربت منذ منتصف العام 2014، عندما بدأت أسعار النفط الخام الإنخفاض.

مطلوب جداً

وفقاً لتقرير سوق النفط المتوسطة الأجل للعام 2016 الذي أصدرته وكالة الطاقة الدولية من مقرها في فرنسا، يُستخدَم 11.5 مليون برميل من النفط يومياً في إنتاج البتروكيماويات. ومن المتوقع أن تزيد الكمية إلى 2 مليوني برميل يومياً حتى 2021 – بمعدل نمو سنوي قدره 3٪.
حالياً، تستهلك منطقة الشرق الأوسط 15٪ من مجموع النفط المستخدم في إنتاج البتروكيماويات، مما يجعلها ثاني أهم سوق للنمو بعد الولايات المتحدة.
وفي الوقت عينه، من المتوقع أن يستمر مسار النمو الإيجابي للطلب على البتروكيماويات والمنتجات المرتبطة بها مثل البلاستيك والمنظفات الصناعية والكابلات. ووفقاً لشركة الإستشارات “ماكينزي”، من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الإيثلين ب40 مليون طن سنوياً إلى حوالي 175 مليون طن بحلول العام 2020 وحوالي 220 مليون طن بحلول العام 2025.

المنافسة الإقليمية

فيما تنظر أبو ظبي إلى الإستفادة من هذه الفرصة، فإنها سوف تواجه منافسة متزايدة من داخل دول مجلس التعاون الخليجي وأبعد من ذلك.
المملكة العربية السعودية، من خلال شركتها الوطنية للنفط “أرامكو السعودية”، تتطلع إلى زيادة إنتاج البتروكيماويات لديها من 12 مليون طن سنوياً إلى 34 مليون طن سنوياً بحلول العام 2030 كجزء من خطتها التنموية الطويلة المدى “رؤية 2030”.
لتحقيق هذه الغاية فقد إفتتحت شركة صدارة الكيميائية – وهي مشروع مشترك بين شركة داو للكيماويات الأميركية وشركة أرامكو السعودية – عملية لإنتاج 1.5 مليون طن سنوياً من مغذٍّ مختلط من التكسير في نهاية آب (أغسطس) الفائت.
في هذه الأثناء، تواصل الولايات المتحدة الإستفادة من تدفق الغاز الرخيص بسبب زيادة إنتاج الصخر الزيتي. إن التوسع هناك سيُسهم، في جزء منه، في زيادة حصة البتروكيماويات القائمة على الإيثان في المستقبل، وإنخفاض لاحق في حصة النافتا، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
مع إرتفاع الطلب على البتروكيماويات ومشتقاتها، تعمل الصين أيضاً على بناء قدرات للتكرير خاصة بها في محاولة لتعويض الواردات.
وإستجابة لهذه العوامل الخارجية، من المرجح أن يُجبَر اللاعبون في أبو ظبي ودول مجلس التعاون الخليجي على مواجهة قضايا الكفاءة في مصانعهم، وكذلك تكاليف النقل والإمداد، لتعزيز مركزهم التنافسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى