ترامب يريد أخذ النفط العراقي وليس مهتماً بمشاركة أحد

عندما إجتاح الأميركيون العراق في 2003 قال معظم الخبراء أن هدف العملية هو للسيطرة على النفط في بلاد ما بين النهرين، لكن المسؤولين الأميركيين يومها نفوا أن يكون هذا هو الهدف من الإجتياح وزعموا أنهم أتوا لإحلال الديموقراطية. ويبدو أن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب يرفض التخفي وراء الشعارات ولا يخفي طموحاته للعودة إلى العراق وأخذ نفطه إلى الولايات المتحدة!

الرئيس دونالد ترامب: كان صريحاً أكثر من أسلافه
الرئيس دونالد ترامب: كان صريحاً أكثر من أسلافه

واشنطن – محمد زين الدين

أعطى القادة الأميركيون أسباباً كثيرة لتدخلاتهم المتعددة في العراق، لكن الرئيس دونالد ترامب ركّز على شيء واحد: على الولايات المتحدة أن تأخذ نفط البلاد.
في أواخر العام 2015، عندما بدأ حملته الإنتخابية ليصبح المرشح الجمهوري للرئاسة، قدم ترامب وجهة نظره عندما وصف خططه بالنسبة إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). “سوف أضرب مصدر ثروته، المصدر الرئيسي لثروته، والذي هو النفط”، قال ترامب لمحطة “أم أس أن بي سي” (MSNBC) في آب (أغسطس) 2015. مضيفاً بعد ذلك ” وآخذ النفط إلى بلادنا”.
في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، كرر ترامب نقطة مماثلة في خطاب إنتخابي، قائلاً انه “سوف أفجّر مصافي (داعش)” ويدعو بعد ذلك شركات النفط الأميركية لإعادة بنائها لمصلحة الولايات المتحدة. و”تقوم الشركات الأميركية بإعادة بناء مصافٍ جديدة”، قال ترامب. “وسوف تكون جميلة، وأنا سوف آخذ النفط. وأنا قلت سآخذ النفط”، مؤكّداً.
وبطبيعة الحال، فإن إدارتَي جورج دبليو بوش وباراك أوباما تشاركتا في أهداف مماثلة مع ترامب. وعلى الرغم من أنهما لم تتحدثا عن أهدافهما بالكلام الصريح نفسه، فقد بذل المسؤولون في كلٍّ من إدارتي بوش وأوباما جهوداً كبيرة للسيطرة على قطاع النفط العراقي.
عندما كانت إدارة بوش تستعد في أوائل العام 2003 لغزو العراق والإطاحة بصدام حسين من السلطة، فإن المخططين في وزارة الخارجية وضعوا النفط في مركزية مهمتهم، داعين الى “إعادة هيكلة جذرية” لصناعة النفط العراقية. والهدف الرئيسي من الحرب، نصحوا، يجب أن يكون لفتح صناعة النفط في البلاد لشركات النفط العالمية.
في الواقع، وصل مسؤولو وزارة الخارجية يشكل وثيق إلى تحقيق هدفهم في منتصف العام 2008 عندما ساعدوا في التفاوض على سلسلة من الصفقات لجلب بعضٍ من أقوى شركات النفط إلى العراق. إن الصفقات مع الحكومة العراقية “سوف تضع الأساس لأول عمل تجاري للشركات الكبرى في العراق منذ الغزو الأميركي للبلاد، وتفتح بلداً جديداً ذا إمكانات مُربحة لعملياتها”، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.
بعد ذلك بوقت قصير، تراجع المسؤولون العراقيون عن هذه الصفقات، في المقام الأول لأنها خلقت الكثير من الجدل، ولكن المسؤولين في واشنطن لم يتخلّوا عن جهودهم. فبعدما وصل أوباما إلى البيت الأبيض في كانون الثاني (يناير) 2009، واصل المسؤولون الأميركيون متابعة الصفقات التي من شأنها أن تفتح صناعة النفط في البلاد لشركات النفط الأميركية.
وكان الديبلوماسيون الأميركيون في العراق، الذين شاركوا في الجهود، متفائلين جداً حول الإحتمالات. في حزيران (يونيو) 2009، عندما بدأت الحكومة العراقية عملية تقديم عطاءات (مناقصات) جديدة لشركات النفط الدولية للوصول إلى صناعة النفط في البلاد، بالكاد تمكّن الديبلوماسيون الأميركيون إحتواء وإخفاء حماسهم وسعادتهم. “الجولة الأولى من المزايدة على النفط: أعظم عرض على الأرض”، عَنوَن الديبلوماسيون واحداً من التقارير الداخلية إلى وزارة الخارجية.
في الأشهر التالية، نما الديبلوماسيون أكثر حماساً. فيما بدأت الحكومة العراقية إتخاذ سلسلة من الصفقات مع شركات النفط الدولية، والسماح لها ببدء العمل في البلاد، فقد أفاد الديبلوماسيون بأن “إندفاع الذهب الأسود” قد إنطلق. وبدأت العطاءات بإندفاع وسرعان ما أصبحت مركز تدافع إذ أن مجموعة واسعة من شركات النفط الدولية قدمت عروضاً بأسعار منخفضة لم تُعرف من قبل للمشاركة في مناقصات سبعة من عشرة حقول نفطية (أو مجموعة حقول النفط) التي جرى عرضها”، كما أفاد الديبلوماسيون.
خلال العملية، حصل عدد من أقوى شركات النفط الأميركية على عقود مع الحكومة العراقية. وكما أشار الديبلوماسيون في تقرير آخر، “ستشارك إكسون موبيل وأوكسيدنتال في تطوير ما يقرب من ثلث إنتاج العراق من النفط الجديد والمستقبلي”. هذا هو “نصر كبير للإقتصاد الأميركي”، أضافوا.
لقد تغير الكثير منذ أن بدأ المسؤولون الأميركيون تحقيق أول تقدم حقيقي في فتح صناعة النفط في البلاد. إن صعود تنظيم “داعش”، وسرعته بالاستيلاء على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا، جعلا الأمر أكثر صعوبة بالنسبة إلى كثير من شركات النفط للعمل في أجزاء مختلفة من البلاد.
وفي الوقت عينه، ينبغي الإعتراف بأن خطط ترامب للتدخل في العراق وأخذ النفط هي متغيّرٌ آخر في سياسة الولايات المتحدة السائدة منذ فترة طويلة. وتمشياً مع شعاره “أميركا أولاً”، فقد تخلى عن التظاهر بضمان وصول متعدد الأطراف للنفط لصالح الشركات الأميركية وحدها. ويضع غالباً إطار خطته كوسيلة لإضعاف “داعش”، لكنه أوضح أنه كان يشعر منذ وقت طويل أن الولايات المتحدة يجب أن تأخذ النفط. حتى قبل صعود “الدولة الإسلامية” “كنت دائماً أقول، خذوا النفط،”، إعترف ترامب في خطابه بعد تنصيبه في مقر المخابرات المركزية “سي آي إي”. و”قد قلت ذلك لأسباب إقتصادية”، كما أشار.
في الواقع، يتشارك ترامب بالطموحات الأساسية نفسها التي كانت لدى أسلافه. بقوله أنه يريد أن يأخذ النفط، فإنه يكشف عما يحاول المسؤولون الأميركيون القيام به منذ سنوات. إنهم يريدون أخذ النفط العراقي، وإستخدامه لصالح الولايات المتحدة، وعدم السماح لأي شيء بالوقوف في الطريق.
“لذلك كان يجب أن نحتفظ بالنفط”، أصرّ ترامب مرة أخرى في خطابه أمام جمهوره في مقر “سي آي إي”. وأضاف: “ربما سيكون لديكم فرصة أخرى”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى