البحرين: دمج وإستحواذ في القطاع المصرفي الإسلامي للحفاظ على ريادته

يشجّع المُنظّمون في البحرين عمليات الإندماج والإستحواذ في الصناعة المصرفية الإسلامية في المملكة في محاولة لتعزيز موقع البلاد بإعتبارها واحدة من المراكز المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية الرائدة في العالم.

المؤتمر السنوي العالمي للمصارف الإسلامية الـ23 في المنامة: مناسبة إستغلها محافظ المصرف المركزي في البحرين.
المؤتمر السنوي العالمي للمصارف الإسلامية الـ23 في المنامة: مناسبة إستغلها محافظ المصرف المركزي في البحرين.

المنامة – سمير الحسيني

في أوائل كانون الاول (ديسمبر) الفائت كرر محافظ مصرف البحرين المركزي دعوته للمصارف الإسلامية في البلاد – التي يوجد منها حالياً ستة للتجزئة و 18 للجملة – لدرس إمكانية الدخول في جولة من عمليات الإندماج أو الإستحواذ لشحذ قدراتها التنافسية في السوق.
في كلمة رئيسية ألقاها في المؤتمر السنوي العالمي للمصارف الإسلامية ال23 في المنامة في 6 كانون الأول (ديسمبر) 2016، قال محافظ مصرف البحرين المركزي، رشيد محمد المعراج، أن صغر حجم العديد من المصارف الإسلامية هو أحد العوامل الذي يحدّ من قدرتها التنافسية، خصوصاً بالمقارنة مع منافسيها التقليديين.
ولم يكن في هذا المؤتمر فقط يدعو محافظ مصرف البحرين المركزي إلى الإستحواذ والتوحيد كوسيلة لتعزيز القطاع المصرفي الإسلامي في البحرين، لقد دعا المعراج في وقت سابق إلى تبسيط وترشيد عدد المشغّلين في القطاع في الحدث عينه في العام 2015.
يبدو من المرجح أن تجد دعوات محافظ مصرف البحرين المركزي من يأخذ بها في المدى المتوسط، وفقاً لتقرير صادر عن شركة الخدمات المالية “كي بي أم جي” (KPMG) في العام 2016. إن زيادة الحركة في عمليات الإندماج والإستحواذ في القطاع المصرفي في البحرين يمكن توقعها في الوقت الذي تسعى البنوك إلى تعزيز قاعدتها التشغيلية والحدّ من تعرضها للقطاعات ذات المخاطر العالية في الإقتصاد، مثل العقارات والطاقة.
“إن عمليات الدمج والإستحواذ سوف يستمر إستكشافها ومن المتوقع أن تتضافر وتندمج البنوك الصغيرة والمتوسطة الحجم لتحسين فرص بقائها وإستمراريتها من خلال الإستخدام الفعّال لرأس المال البشري، وإدارة السيولة وإستخدام رأس المال”، حسبما ذكر التقرير.
إن تعزيز القدرة التنافسية سيصبح ذات أهمية متزايدة فيما مكانة البحرين كمركز مالي تواجه تحديات من تطوير قطاع الخدمات المالية في أماكن أخرى في المنطقة التي تنافس تلك التي في المملكة، وفقاً للتقرير.
هذه التحديات يمكن أن تؤثر بشكل أكبر في العنصر الإسلامي في القطاع المصرفي البحريني، نظراً إلى زيادة التركيز على هذا القطاع في دول الخليج الأخرى.

الإندماج بدأ يتحرك

البنك الوحيد الذي لبّى بالفعل دعوة مصرف البحرين المركزي هو بيت الخليج المالي (جي أف إتش)، المُقرض الإقليمي المتوافق مع الشريعة الإسلامية المُدرَج في أسواق البحرين ودبي والكويت.
ويفاوض “جي أف إتش” حالياً للإستحواذ على المُقرض المصرفي البحريني “الخير”، وفقاً لرئيسه التنفيذي هشام الريس. وينبغي لعملية البيع أن تنتهي في وقت ما في الربع الأول من العام 2017 كما قال لوكالة “رويترز” في 6 كانون الأول (ديسمبر). وكانت المفاوضات لشراء “الخير” بدأت في تشرين الأول (أكتوبر)، بعدما أعلن “جي أف إتش” عن رغبته في شراء البنك الصغير في آب (أغسطس).
يمكن أن يتم تحقيق عمليات إندماج أخرى في السوق المحلية في العام 2017، حيث أشار الريس إلى أن “جي أف إتش” يتطلع أيضاً إلى إجراء عملية دمج مع بنك آخر لم يكشف عن إسمه ومقره البحرين في العام الجديد.

الحفاظ على الريادة

في حين يتم تشجيع العاملين في القطاع للنظر في عمليات الدمج والإستحواذ، فإن قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية في البحرين يعمل بالفعل من موقع قوة كبيرة، وفقاً إلى “تقرير التنمية المالية الإسلامية 2016” الصادر حديثاً.
التقرير، الذي أعدّته شركة “طومسون رويترز” و”المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص” والصادر في 8 كانون الأول (ديسمبر) الفائت، وضع البحرين في في المرتبة الرائدة الأولى في سوق التمويل الإسلامي في الخليج ومنطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا والثانية من أصل 124 إقتصاداً في العالم، تأتي وراء ماليزيا فقط.
وقد إستند التقييم على مؤشرات التمويل الإسلامي للتنمية – وهو قياس سنوي للتنمية الشاملة لقطاع التمويل الإسلامي العالمي. وتُقيِّم مؤشرات التمويل الإسلامي للتنمية خمس ركائز أساسية للصناعة المصرفية: التطوّر الكمّي، والمَعرِفة، والحكم، والمسؤولية الإجتماعية للشركات، والوعي.
في مرتبة عالية في جميع المعايير، فقد تمّ تصنيف البحرين بإعتبارها الرائدة عالمياً في الحكم بسبب بيئتها التنظيمية القوية والراسخة. ويتعين أن تصبح هذه البيئة أقوى، مع العمل الفعلي الذي يقوم به مصرف البحرين حالياً بالنسبة إلى زيادة تحسين ممارسات المساءلة وإدارة المخاطر، كما يتّضح من خطاب محافظ البنك الركزي في خطابه أمام المؤتمر السنوي العالمي للمصارف الإسلامية في العام 2016.
وكجزء من هذه العملية، فقد إقترح مصرف البحرين المركزي تنفيذ مطلبٍ مفاده بأن على البنوك الإسلامية الخضوع لأحكام مراجعات خارجية وفقاً للشريعة لعملياتها. وهذا من شأنه أن يحلّ محل الممارسة المقبولة عموماً المُتمثِّلة بمراجعات الإمتثال للشريعة التي تُجرى محلياً.
وبموجب الإقتراح الذي تقدّم به مصرف البحرين المركزي، فإن خبراء الشريعة الخارجيين الذين سيجرون مراجعة البنوك الإسلامية يجب أن يوافق عليهم البنك المركزي.
هذه وغيرها من التدابير، مثل تشديد الشروط على الإفصاحات عن التضارب في المصالح، وتعزيز الشفافية والمساءلة، تهدف إلى الحفاظ على سمعة البحرين بأنها واحدة من أشد الولايات القضائية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى