المملكة العربية السعودية تدفع فواتيرها

من المتوقع أن تؤدي التغييرات الأخيرة في شروط وظروف العمل في الخدمة المدنية في المملكة العربية السعودية إلى وفورات كبيرة في الموازنة، ولكن مع ذلك، هناك بعض المخاوف من أن التعديلات يمكن أن تؤثر سلباً في الإقتصاد عموماً.
في العام 2015 بلغت فاتورة أجور القطاع العام 450 مليار ريال سعودي (120 مليار دولار)، أو أقل قليلاً من نصف الإنفاق الحكومي السنوي، لذا فإن خفضها يُعتبَر أولوية إستراتيجية فيما تعمل الرياض على كبح جماح العجز في موازنتها.
وتحقيقاً لهذه الغاية، فقد وُضعت في تشرين الأول (أكتوبر) الفائت مجموعة من الإصلاحات حيز التنفيذ، وهي تشمل، ضمن تدابير أخرى، تجميد زيادات الرواتب لموظفي الدولة، وإلغاء المكافآت العادية وتعليق معظم المدفوعات الإضافية، مثل العمل الإضافي أو بدلات الأعمال الخطرة. كما تضمنت حزمة الإصلاحات أيضاً خفض رواتب الوزراء بنسبة 20٪، وتخفيضات مخصصاتهم، بالإضافة إلى تخفيض النفقات الممنوحة لأعضاء مجلس الشورى بنسبة 15%.
وشهد تشرين الأول (أكتوبر) أيضاً موافقة مجلس الوزراء على إجراءٍ لتحويل تاريخ دفعات الخدمة العامة من التقويم الإسلامي الهجري إلى التقويم الغريغوري الغربي. وهذا التحوّل سيجعل جدول المرتبات متزامناً مع تقويم الدولة المالي من كانون الثاني (يناير) الى كانون الأول (ديسمبر).
ونتيجة لهذا التغيير، فإن موظفي القطاع العام سييفقدون 11 يوماً كقيمة أجور سنوياً، وفقا لتقارير صحافية. ويمثل هذا الأمر توفيراً للدولة على رواتب الموظفين المقدر عددهم ب1.5 مليون موظف.

إعادة التوازن

لقد تبعت هذه الإصلاحات إطلاق برنامج التحوّل الوطني في حزيران (يونيو)، الذي حدّد الأهداف القريبة الأجل التي ينبغي أن تتحقق في ظل رؤية 2030 – وهي إستراتيجية المملكة على المدى الطويل لتحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية التي تهدف إلى توجيه الإقتصاد بعيداً من الإعتماد على النفط والغاز والنمو الذي تموّله الدولة.
وحسب برنامج التحول الوطني، من المتوقع أن تنخفض الرواتب وفوائد النفقات من 45٪ من مخصصات الموازنة في الوقت الحاضر إلى 40٪ على مدى أربع سنوات.
وفضلاً عن إستهداف الرواتب ومزايا الإنفاق، فإن برنامج التحول الوطني يخطط لخفض العدد الإجمالي للموظفين العموميين وتقليل نسبة التوظيف في الدولة من خلال تشجيع المزيد من الناس على قبول وظائف في القطاع الخاص.
“هناك العديد من المبادرات الأخرى التي كلّفها برنامج التحول الوطني إلى وزارة الخدمة المدنية التي تقود إلى تحسين القوى العاملة، مثل تشجيع التقاعد المبكر وإنتقال الموظفين إلى القطاع الخاص ومبادرة التدوير. وهذه الأخيرة سوف تسمح للمنظمات الحكومية بملء الوظائف الشاغرة من جهات حكومية أخرى، وبالتالي تسهيل توزيع أفضل بشكل عام”، كما قال وزير الخدمة المدنية خالد العرج في وقت سابق من هذا العام. مضيفاً بأن “إدخال النظام الجديد لإدارة الأداء سيحوّل موظفي الخدمة المدنية من موظفين يؤدون مهمات مُحدَّدة إلى أخرى ذات أداء عالٍ”.
وتهدف الحكومة من وراء برنامج التحول الوطني إلى تسهيل إنشاء 450,000 وظيفة جديدة في القطاع الخاص بحلول العام 2020.

تأثير برنامج التحول

من المرجح أن يكون لتشديد شروط التوظيف العمومي تأثير كبير في بقية قطاعات الإقتصاد، مع توقع أن تؤدي التغييرات إلى الحد من الإنفاق في قطاع التجزئة، والإستثمار في المجال العقاري، ونفقات الضيافة والترفيه، فيما يتعرض الدخل المتاح إلى ضغوط متزايدة.
في الواقع، إن المخاوف من إنخفاض العائدات وإرتفاع التكاليف تبدو بأنها ستتحقق خلال الأشهر الأخيرة من السنة، على الرغم من بعض علامات زيادة النشاط الإقتصادي، وفقا ً لخديجة حق، رئيسة قسم أبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك الإمارات دبي الوطني.
“من المرجح أن تؤثر الإعلانات الأخيرة عن خفض الإنفاق في المملكة في الإستهلاك المنزلي وثقة المستهلك … فيما نحن نتجه الى الربع الرابع”. قالت لوسائل الاعلام.
ودفع تطبيق تدابير التقشف مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) على إطلاق دراسة حول كيفية قيام البنوك المحلية بإعادة جدولة قروض الرهن العقاري للمقترضين للمساعدة على تخفيف العبء عن السعوديين الذين تم تقلّص دخلهم.
وقد إقترحت مؤسسة “ساما” أن يتم تخفيف شروط السداد لقروض الرهن العقاري وقروض أخرى، على الرغم من أن السقف الأعلى للتسديد – 33.3٪ من إجمالي الراتب – قد يبقى من دون تغيير.
من ناحية أخرى، رغم أن إقتصاد المملكة قد إستمر في التوسع في الربعين الأولين من العام 2016، فإن وتيرة النمو تتباطأ، مما أدى بصندوق النقد الدولي إلى توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.2٪ لهذا العام فقط، وهو أدنى مستوى له منذ العام 2009، فيما الآثار المترتبة على رسوم أعلى وأنماط إنفاق أكثر حذراً تُستشعَر بقوة أكبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى