لماذا قد لا يأتي العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية؟

بقلم رئيف عمرو

تملأ الفضاء اللبناني تكهنات بأن رئيس الوزراء السابق سعد الحريري سيعلن قريباً تأييده للعماد ميشال عون لرئاسة لبنان، وربما فتح الطريق لإنتخابه وإيصاله إلى قصر بعبدا، ووضع حد للفراغ الرئاسي الذي بدأ في أيار (مايو) 2014.
وإذا حدث ذلك، فهناك تساؤلات تُطرَح حول كيفية رد فعل الشركاء السياسيين للنائب عون. وهذا هو السبب الذي يجعل بعض الخبراء يقولون بأنه من الممكن أن يكون الحريري قد دخل في مغامرة محفوفة بالمخاطر، في وقت إنخفضت حظوظه السياسية إلى أدنى مستوى.
الواقع أن العديد من المراقبين ينظر إلى الفراغ الرئاسي بأنه من صنع “حزب الله” الحليف الرئيسي لعون. وفي حين أن الحزب الشيعي يؤيد رسمياً هذا الأخير، فإن نيته الحقيقية يمكن أن يكون هدفها الحفاظ على تعثّر وتعطيل المؤسسات الدستورية حتى يمكنه فرض تعديل على النظام السياسي الذي يعود بالفائدة على المجتمع الشيعي بشكل عام و”حزب الله” بشكل خاص. وهو ربما يأمل أن يفعل ذلك من خلال الإستفادة من إنتصار في سوريا للمطالبة في حصة أكبر من السلطة في لبنان.
إذا كان هذا التفسير صحيحاً، فإن إنتخاب عون يمكن أن يمثّل الآن عقبة مؤقتة لمثل هذه الخطة. إن إنتخابه قد يحيي الرئاسة، ويسمح للمؤسسات الرسمية العمل مرة أخرى، ويجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة إلى “حزب الله” لفرض خياراته على الدولة، ولا سيما التعديلات الدستورية التي من شأنها أن تسمح له دفع أجندته السياسية.
هذا هو واقع نظري على الأقل. ولكن قراءة أكثر تشاؤماً قد تكون أكثر صدقاً. لدى “حزب الله” العديد من الطرق لمنع العماد من الوصول إلى قصر بعبدا، حتى لو أن دعم الحريري يُحتمَل أن يمنح عون غالبية نيابية.
على سبيل المثال، فإنه يمكنه فعل ذلك من طريق العمل من خلال حليفه الرئيسي نبيه بري، رئيس مجلس النواب، الذي لديه كتلة كبيرة. وقد أعلن بري صراحة أنه لا يحبّذ أو يؤيد عون. وإذا كانت هناك إنتخابات حرة، فإن بري من المرجح جداً أن يقترع لمنافس عون، النائب سليمان فرنجية.
هذا الإحتمال، وحقيقة أن فرنجية قد يفوز في إنتخابات مفتوحة، يمكن أن يكون كافياً لمنع عون وكتلته من حضور جلسة الإنتخاب. فالعماد يصرّ على أنه سيواصل مقاطعة البرلمان مع كتلته حتى يكون هناك توافق عام في الآراء يضمن له الفوز. وإذا قاطع العونيون الدورات الانتخابية، فإن “حزب الله” ومؤيدوه سيفعلون ذلك أيضاً، وبالتالي إطالة الفراغ.
ثم هناك مسألة حسابات الحريري. إن الدافع الوحيد لرئيس الوزراء السابق لدعم عون هو أنه من خلال القيام بذلك فإنه في نهاية المطاف سيُسمّى رئيساً لمجلس الوزراء. الحقيقة أن إحياء حظوظه السياسية ستسمح له معالجة الصعوبات المالية التي يواجهها بإلزام رعاته في السعودية بمساعدته، الأمر الذي من شأن تعيينه رئيساً للحكومة تسهيله.
ومع ذلك، يجب على الحريري أيضاً النظر إلى الدعم من طائفته السنية، حيث عون لا يحظى بشعبية، وتعتبره أداة ل”حزب الله”. كثيرون في “تيار المستقبل” الذي يرئسه رئيس الوزراء السابق يعارضون تأييد عون للرئاسة. إن الحريري في موقف صعب. فإنه في سعيه إلى إحياء حظوظه السياسية، فقد ينفّر مجتمعه الخاص، حيث خسر فيه بالفعل الكثير من التعاطف.
والذي عقّد الأمور كانت تقارير هذا الاسبوع التي تفيد أن سوريا تعارض عودة الحريري إلى السلطة. إن نظام بشار الأسد لا يزال لديه تأثير في السياسة اللبنانية. وربما كانت هذه المعارضة السورية وسيلة لتثبيط تأييد الحريري لعون، وبالتالي وسيلة لإدامة الفراغ.
والسؤال الحقيقي هو: متى سيتم تسمية الحريري رئيساً للوزراء؟ والسبب هو أن الإنتخابات الرئاسية ستتم قريباً تليها الإنتخابات البرلمانية، التي أُجّلت مرتين والمقرر عقدها في الصيف المقبل. ليس لدى الحريري حافز ليكون رئيساً للوزراء قبل الانتخابات النيابية، لأن الوقت قصير للغاية، في حين أن الأداء الضعيف في الانتخابات يمكن ان يقوّض حظوظ تعيينه بعد ذلك.
إن تأييد الحريري في حد ذاته لا يضمن بالضرورة إنتصاراً لعون. وعلاوة على ذلك، فإنه قد يولّد ظروفاً لدعمه التي قد تخلق المزيد من الفرص ل”حزب الله” لمنع الإنتخابات. إن إقدام الحريري على تنازلات واحد تلوَ الآخر لعون، يفتح على نفسه وضعاً يسيء سياسياً إليه ويأخذ من رصيده الباقي، من دون أي شيء في المقابل.
قد يكون هذا بالضبط ما يريده “حزب الله”. إن الحزب سيكون سعيداً في رؤية الحريري في وضع مُذلّ ولبنان مستمر بلا رئيس. وبهذه الطريقة يمكنه أن يضرب عصفورين بحجر واحد. ومع ذلك، فإن السؤال الحقيقي هو كيف سيكون رد فعل عون؟ لقد أمضى عقوداً متلهفاً ليكون رئيساً، وإحباطه مرة أخرى ستكون ضربة كبيرة له.
من جهته يشعر “حزب الله” بلا شك أن هامش عون للمناورة محدود جداً لخلق رد فعل عنيف ضد الحزب. ويمكن أن يكون على حق، ولكن يجب أيضاً النظر في شيء آخر. إذا كان يريد في نهاية المطاف تغيير النظام لمصلحته، يجب أن لا تصبح لعبة العرقلة واضحة جداً، أو أنها قد تنفّر عون ومؤيدوه إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى