زيادة الإستثمار لتعزيز قطاع السياحة في سلطنة عُمان

تمضي عُمان قُدُماً مع عدد من المشاريع الجديدة في قطاع السياحة، وذلك كجزء من حملة لتنويع إقتصادها وسط خلفية إستمرار إنخفاض أسعار الطاقة العالمية.
والسياحة هي أحد القطاعات الرئيسية الخمسة المُحدّدة في رؤية 2020 – إستراتيجية التنمية الوطنية في السلطنة – التي تشجّع النمو الاقتصادي، وتوسّع قطاع الخدمات، وتبني القطاع الخاص.
وبموجب الخطة، فإن مسقط تهدف إلى زيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5٪ بحلول العام 2020، إرتفاعاً من المساهمة المباشرة البالغة 2.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي، وفقاً لمجلس السياحة والسفر العالمي.
لقد نمت صناعة السياحة في السلطنة بشكل مطرد على مدى السنوات الخمس الماضية، مع نمو السياحة الداخلية بنسبة 9٪ سنوياً منذ العام 2010، وفقاً لمجلس السياحة والسفر العالمي. في العام الفائت، زار عُمان 2.6 مليوني سائح كما أظهرت أرقام حكومية.
في تموز (يوليو) 2016 ذكر المركز الوطني للإحصاء والمعلومات العُماني أن الزوار الآتين نموا بنسبة 27٪ في العام على أساس سنوي، مع تشكيل الزوار المُقبلين من الخليج أكثر من نصف الوافدين. وللفترة بين كانون الثاني (يناير) حتى تموز (يوليو)، وصل عدد الوافدين إلى الداخل حسب بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى 1.5 مليون شخص، مما يشير إلى أن السياح الوافدين إلى عُمان سوف يتجاوز عددهم 1.8 مليون زائر كما توقع تقرير مجلس السياحة والسفر العالمي لهذا العام.

قطاع المعارض والمؤتمرات يدفع عجلة النمو

في محاولة لتشجيع النمو في قطاع السياحة، فقد حددت عُمان قطاع الإجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض كقطاع مُحتمل واعد مليء بالإمكانات الكبيرة.
تحقيقاً لهذه الغاية، إفتُتحت المرحلة الأولى من مركز عُمان للمعارض والمؤتمرات في أواخر أيلول (سبتمبر) الفائت. ويتميز هذا المركز بقاعة معرض ضخمة تبلغ مساحتها 22,000 متر مربع ومساحة عرض في الهواء الطلق مساحتها 12,000 متر مربع. كما أن المرحلة الثانية – والتي من المتوقع أن يتم الانتهاء منها في كانون الأول (ديسمبر) 2017 – فسوف تشمل مسرحاً داخلياً والعديد من قاعات المؤتمرات والإستقبال.
ومركز عُمان للمعارض والمؤتمرات هو جزء من المرحلة الأولى من مشروع التنمية الحضرية لمدينة العرفان، التي تقودها الشركة العمانية للتنمية السياحية (عمران)، ذراع الإستثمار السياحي للحكومة. واقعاً بالقرب من مطار مسقط الدولي، فإن مشروع مدينة العرفان الذي يمتد على مساحة 7.4 ملايين متر مربع سوف يوفّر فنادق، ومشاريع سكنية، ومجمعات تجارية، ومناطق ترفيهية، ومتاجر، ويتوقع أن يكون جاهزاً للعمل بحلول العام 2017.
والجدير بالذكر أن عُمان تقع على بعد سبع ساعات طيران من حوالي 50٪ من سكان العالم، وهي ميزة جغرافية يأمل المتخصصون في هذا القطاع من إستغلالها لصالح السلطنة، خصوصاً وأن عُمان تتنافس مع قوى إقليمية أخرى هيمنت طويلاً على سياحة المؤتمرات والمعارض.

قطاع الترفيه في إرتفاع

من ناحية أخرى تستهدف زيادة الإستثمار في قطاع السياحة أيضاً قطاع الترفيه في عُمان. وواحدٌ من أحدث المشاريع في هذا المجال هو تطوير الواجهة البحرية لميناء السلطان قابوس، والذي يهدف إلى تحويل هذا الميناء – الميناء التجاري الرئيسي السابق في مسقط – إلى وجهة سياحية رئيسية.
إن مشروع الواجهة البحرية المتعدد الإستخدامات الذي ستبلغ كلفته 500 مليون ريال عُماني (1.3 مليار دولار) من المتوقع أن يوفّر 12000 وظيفة مباشرة و 7000 فرصة عمل غير مباشرة.
ويأتي هذا المشروع الجديد بعد إدخال بعض التعديلات على المشروع السابق بحيث تم النزول بالتكلفة الى نصف مليار ريال بدلاً من مليار ريال عُماني. وتم تقسيم المشروع إلى أربع مراحل يستغرق تنفيذها من 8 إلى 10 سنين. تبدأ المرحلة الأولى – وهي أهم مرحلة – في حزيران (يونيو) 2017 وتنتهي في 2019، لتواكب الأحداث الثقافية والرياضية الكبيرة الأتية إلى المنطقة، ومنها إكسبو 2020 وكأس العالم 2022. وهي تتضمن مرفأ للصيادين مكمّلاً لسوق الأسماك الذي تنشئه بلدية مسقط حالياً، لإيجاد بيئة متكاملة تتوفر فيها جميع الإحتياجات من قاعات لبيع الأسماك والخضروات والفواكه ومطاعم للمأكولات البحرية ومحلات تجارية وأرصفة لإستقبال قوارب الصيادين والسفن الخشبية السياحية ومواقف متعددة الأدوار.
كما تتضمن المرحلة الأولى أيضاً إنشاء فندق فئة 5 نجوم مقابل مرفأ الميناء وفندق فئة 4 نجوم للعائلات وشقق فندقية ومجمع تجاري يتوفر فيه عدد من المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية المتنوعة، ومعرض الأحياء البحرية، ومرفأ للسفن واليخوت السياحية، وسوق للحرفيين العُمانيين بما في ذلك منافذ لبيع المنتجات الحرفية العُمانية، كما أن سفينة “شباب عمان1” سيتم إحتضانها ضمن المرحلة الأولى لتكون معرضاً بحرياً، بالإضافة إلى العديد من المرافق التي تتناسب مع السياحة العائلية.
وكشف وزير النقل والإتصالات الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي عن إنشاء شركة مطوّرة للميناء ستكون شراكة بين الحكومة وتمثّلها الشركة العُمانية للتنمية السياحية (عمران) بنسبة 51%، وبين القطاع الخاص بنسبة 49% الباقية مُمثَّل بالمستثمرين وصناديق التقاعد الإستثمارية، على أن يبدأ المشروع برأسمال يمثّل قيمة الأرض وهي مساهمة الحكومة في المشروع، ورأسمال نقدي من قبل القطاعات الاستثمارية المساهمة، وفق آليه تحدد خلال الأشهر المقبلة.

فرصة حقيقية للشراكة

ودعا الوزير القطاع الخاص للإستثمار في هذا المشروع الحيوي، قائلاً: “إنها فرصة حقيقية لتفعيل الشراكة بين الحكومة ومؤسسات القطاع المتنوعة من أجل أن يرى هذا المشروع الواعد النور”، مشيراً في الوقت ذاته إلى “دور مثل هذه المشروعات العملاقة في تنويع مصادر الدخل والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والسياحية بالسلطنة إلى آفاق أوسع من الاستثمار وبالتالي إستقطاب عدد أكبر من الزوار من داخل السلطنة وخارجها”.
وأوضح الدكتور الفطيسي، أن وزارة النقل والاتصالات تلقت خلال الفترة الماضية العديد من الطلبات من قبل القطاع الخاص للاستثمار في مشروع الواجهة البحرية، و”هذا ما يؤكد الثقة في نجاح هذا المشروع في ظل متانة المؤسسات المالية في السلطنة وإستعدادها لتمويل مثل هذه المشروعات الضخمة” على حد قوله.
ومن المقرر أن تقوم وزارة النقل والإتصالات بتحويل المشروع بالكامل إلى الشركة العُمانية للتنمية السياحية (عمران) للبدء فيه كما خطط له، وذلك بإنشاء الشركة المطوّرة وإستقطاب الإستثمارات المطلوبة والبدء في التصاميم التفصيلية والأعمال الإنشائية للمشروع الذي يشمل 101 هكتاراً.

مُضاعِف إقتصادي

في الوقت عينه، تشير الجهات المعنية في القطاع إلى الفوائد المرتفعة من المشاريع الجديدة.
إن إمكانية مساهمة مشروعات التنمية السياحية في الإقتصاد العُماني تتجاوز فوائدها المباشرة، وفقاً لأحمد دبوس، المدير التنفيذي لشركة موريا للتنمية السياحية، وهي شركة تطوير عقاري تركّز على قطاع الترفيه.
“إن الآثار المضاعفة الاقتصادية للمشاريع الفندقية والسياحية الجديدة مهمة للغاية”، قال. ومضيفاً: “بصرف النظر عن خلق فرص العمل والاستثمار في البنية التحتية، فإننا نرى إنخراطاً كبيراً مع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وكذلك في الاقتصادات المحلية حيث توجد المشاريع”.
ووفقا لنشرة الحكومة الصادرة في حزيران (يونيو) الفائت، فإن هناك ما لا يقل عن 39 مشروعاً من المشاريع السياحية الكبرى هي في مرحلة ما من مراحل الإعداد والتصميم والبناء أو تقديم العطاءات في جميع أنحاء البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى