العالم العربي لديه أكثر من جيمس بوند!

بقلم محمد المومني

“جواسيسنا يُلقَون من الشرفات الإنكليزية”. هذا هو عنوانٌ من كوميديا سوداء عربية، مستوحى من وفاة عدد من العرب الذين أُشيع بأنهم كانوا عملاء سرّيين.
في 21 حزيران (يونيو) 2001، توفيت الممثلة المصرية سعاد حسني، المعروفة ب”سندريلا السينما المصرية” وواحدة من الممثلات العربيات الأكثر تأثيراً بين خمسينات إلى سبعينات القرن الفائت، بعد سقوطها من شرفة مبنى في لندن.
في 27 حزيران (يونيو) 2007، مات أيضاً أشرف مروان، رجل الأعمال المصري وصهر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، بعدما سقط من شرفة مبنى في لندن.
“المُنتحران”: كلٌ منهما كان يكتب مذكراته في وقت وفاته. وعلى الرغم من التحقيق الذي قامت به السلطات وأفراد عائلتيهما، فقد إختفت مسودّات المذكرات.
وكان بعضهم أطلق على مروان لقب أكبر جاسوس عربي في القرن العشرين حيث تم الكشف في 2002 بأنه تجسس لحساب إسرائيل تحت إسم رمزي لدى الموساد “الملاك”. ثم كانت هناك شائعات بأنه كان عميلاً مزدوجاً عمل أيضاً لمصر، كما أُشيع أنه كان يعمل أيضاً مع وكالات الإستخبارات البريطانية والإيطالية الأميركية. لا تزال هناك مقالات تصدر في الصحف العادية وكتب تُنشَر تتحدث عن مروان – وآخرها “الجاسوس الذي سقط على الأرض”، الذي كتبه أهرون بريغمان، الذي كان أول من كشف إتصالات مروان مع الموساد.
من ناحية أخرى قيل بأن سعاد حسني كانت تكتب حول الكيفية التي يتم فيها تجنيد نجمات السينما، مثلما تم الأمر معها، للعمل لجهاز المخابرات في مصر، وبأن وظيفتها شملت القيام بأفعال وممارسات جنسية. وقد تم تسليط الضوء على هذا الضغط الذي تواجهه شهيرات الفن لكي يصبحن جواسيس في العديد من المسلسلات الدرامية التلفزيونية، بما في ذلك “الشحرورة” (2011)، عن حياة الفنانة اللبنانية الراحلة صباح.
لذا فإن العالم العربي ليس فقط لديه جيمس بونده الخاص، لكنه يملك العديد مثله أيضاً. بعضهم لديه قصص أفضل من المكائد والأخطار التي يواجهها العميل الخيالي البريطاني السري، الذي يتم الاحتفال به في “تصميم 007: خمسون عاماً من معرض نموذج بوند” الذي سيفتتح في برج خليفة في دبي في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016.
وكانت هناك أيضاً غاويات غريبات كماتا هاري، المرأة الفاتنة الهولندية التي أدينت بالتجسس لصالح ألمانيا في الحرب العالمية الأولى وأعدمها الفرنسيون رمياً بالرصاص في العام 1917.
مثالٌ آخر يتمثّل بالأميرة الدرزية السورية الجميلة والغامضة المطربة أسمهان، التي لقيت حتفها عندما سقطت السيارة التي كانت تستقلها في القناة في مصر في العام 1944. كانت برفقة صديقة لها تجلسان في المقعد الخلفي لسيارة ببابين عندما غرقتا، لكن سائق السيارة نجا.
إن صلاتها مع الإستخبارات البريطانية وقوات فرنسا الحرة خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كانت تتجسس لصالحهما على ألمانيا النازية، أدت إلى سلسلة من الشائعات على مصرعها الغامض وهي في سن ال26.
وقال البعض إن البريطانيين قتلوها بعدما أخذوا منها كل ما يحتاجونه. وإدّعى آخرون أن “الغستابو” الألماني قتلها لإعطائها معلومات إلى البريطانيين. مع ذلك أشاع آخرون أن منافستها المصرية، المطربة الأسطورية أم كلثوم، شاركت بطريقة أو بأخرى. لسبب ما، يبدو أن كل وفيات التجسس هذه قد حدثت في شهري حزيران (يونيو) أو تموز (يوليو) في فصل الصيف.
من أجل الحفاظ على البلاد آمنة، سيكون هناك دائماً عملاءٌ سرّيون وجواسيس. ويبدو وجودهم واضحاً في مناطق الحرب، حيث أنهم في بعض الأحيان يتواجدون في المكان نفسه – كما كانوا يفعلون في فندق السان جورج في بيروت، الذي إستضاف أمثال العميل المزدوج السيئ السمعة كيم فيلبي، عميل المخابرات البريطاني الذي فرّ إلى الإتحاد السوفياتي. وخلال الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990، كانت الشائعة المنتشرة في المدينة أنه إذا كان الصحافي يريد تحقيق سبق صحافي، فما عليه إلّا المرور إلى السان جورج والتحدث إلى الجواسيس الذي يريدهم من جميع أنحاء العالم.
وعلى الرغم من الكليشيهات المتعددة حول الجواسيس، فإن قصص حياتهم ومغامراتهم ما زالت تأسرنا، حتى بعد فترة طويلة على رحيلهم من هذه الفانية- سواء كان ذلك بسقوطهم من شرفة في لندن أو عبر وسائل أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى