مُجنّدات جيش الأسد يتعرضن للتحرش الجنسي

تقول مقاتلات إناث في اللواء 130 التابع لجيش النظام السوري أنهن يُعامَلن مثل “العاهرات” من قبل رؤسائهن الضباط، ويُعانين من عدم توفير الطعام والسكن اللائق.

دمشق – محمد الحلبي

شكت نساء مقاتلات في جيش النظام السوري على شريط فيديو من التحرش الجنسي على أيدي ضباط كبار، في إستعراض نادر واضح للمعارضة بين القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد.
وقالت ثلاثة من المجندات اللواتي ينتمين إلى فرقة “الفهود السرية” التابعة للواء 130 في شريط فيديو نشر على وسائل الإعلام الاجتماعي، أنهن تعرّضن “لمعاملة غير أخلاقية”، وواجهن التمييز على أساس مظهرهن: “غادرنا أسرنا والحياة المدنية للإنضمام الى الجيش للدفاع عن أرضنا والرئيس، وليس لأن ننحط أو الإنضمام إلى صناعة الدعارة”، أوضحت إحدى المُجنّدات، متحدثةً إلى الكاميرا.
وأشارت جندية أخرى إلى أن زوجها هو مقاتل، مضيفةً أنها فخورة به لأنه جزء من رجال القوات العسكرية للدفاع الوطني “الذين هم أفضل من الضباط في اللواء 130”.
وأوضحت بأن “ضباطاً في اللواء 130 يأخذون النساء لنزواتهم الشخصية ومن ثم يتبادلوهن في ما بينهم. وإذا أحبوا فتاة فإنهم يستبقونها لهم، وإذا لم يحبّوها، فيعاملونها كمُنحَطّة. أنا أم ولديّ طفل تركته للإنضمام الى القتال من أجل أرضي، ولكن للأسف الضباط هم لصوص وقد سرقوا أموالنا وطعامنا وشرابنا، ونحن لا نحصل سوى على معاملة غير أخلاقية”.
وقالت جندية أخرى أنها سألت عقيداً في اللواء للسماح لها بأخذ عطلة لرؤية طفليها، ولكن طلبها رُفض لأنها “ليست جميلة”. وأضافت بأن العقيد أراد أن يفعل “شيئاً” معها، وعندما هدّدت بالذهاب الى اللواء العام للشكوى “طردها خارج المكتب”.
وقالت النسوة بأنهن يُوضَعن تحت أشعة الشمس كل يوم من الثامنة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر بلا طعام أو ماء أو مراحيض. وتناشدن في الفيديو القوات الروسية في قاعدة حميميم الجوية لمساعدتهن على تحسين وضعهن.
“إنهم يريدون منا أن نتصرف وكأننا نتدرب أمام الروس ولكن هذا ليس صحيحاً. فإننا لا نحصل على أي تدريب، وهذه البطاقة ليست حقيقية لأني أتوقف بإستمرار عند الحواجز”، قالت إحدى النساء رافعةً بيدها بطاقة. متابعة :”نحن لا نتلقى رواتب بما فيه الكفاية أو إعطاء أي شيء جيد في المقابل. نحن هنا للدفاع عن أرضنا ولكنهم لا يقدمون لنا أي شيء”.
وفقاً لتقرير بثته قناة التلفزيون الفرنسية “France24″، هناك 800 امرأة جُنِّدن للقتال إلى جانب نظام الأسد، في المقام الأول كجزء من “لبوات الدفاع”، وهو فصيل كل المنضوين فيه هم من النساء وهو تابع للحرس الجمهوري السوري في دمشق.
ويقول محللون أن قرار الأسد بإستخدام مقاتلات إناث يأتي من الرغبة في تقديم نفسه للعالم كبديل تقدّمي وعلماني من الجماعات الإسلامية المتشددة في سوريا.
وكان والده حافظ الأسد الذي حكم سوريا من 1971 إلى 2000، قد جنّد أيضاً كتائب من الإناث في الجيش جزئياً كوسيلة لتعزيز أوراق إعتماد بلاده العلمانية.
“بشار الأسد يريد أن يبيع نفسه كنموذج للحداثة، بدلاً من ظلامية الجماعات الجهادية مثل “داعش” أو “جبهة النصرة””، قال فابريس بالانش، مدير “غريمو” “Gremmo”، وهي مجموعة أبحاث متخصصة بمنطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، الذي كان يتحدث الى محطة “France24”.
“الحرب في سوريا هي مواجهة بين إثنين من الهياكل المجتمعية والأسد يُظهر بأنه في نظامه هناك دور مهم للنساء، حتى في قوات الدفاع”، حسب قوله.
وقال جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، أنه على الرغم من القوانين “التقدمية” في سوريا، فإن المجتمع بقي “يميّز ضد المرأة”.
“هذه الشكاوى من قبل المجندات السوريات تكشف الصورة الراهنة للمجتمع الأبوي السوري وجيش النظام. الواقع أن أمام المرأة طريق طويل لقطعه لكي تتحرر”، حسب رأيه.
وقال يزيد صايغ، الباحث البارز في مركز “كارنيغي للشرق الأوسط” أن الفيديو لا يشير بالضرورة إلى شقاق بين صفوف جيش الأسد.
“التحرش الجنسي من قبل كبار ضباط للمرؤوسين الإناث يحدث في العديد من الجيوش، بما في ذلك الولايات المتحدة والجيش الإسرائيلي، لذلك لن أتفاجأ – ولن أستخلص إستنتاجات واسعة حول مستوى عدم الرضا في الجيش السوري على هذا الأساس وحده”، قال.
على الرغم من وجود الخدمة العسكرية للنساء في بعض البلدان في جميع أنحاء العالم، فإنه إلى حد كبير تم إستبعاد النساء من النشاط القتالي. في الولايات المتحدة، أوصى قائد سلاح مشاة البحرية في أواخر العام 2015 بإستبعاد النساء من التنافس على بعض وظائف خطوط القتال الأمامية، على الرغم من وعدٍ أطلقه في العام 2015 وزير الدفاع آش كارتر بأن جميع الوظائف القتالية سيتم فتحها للنساء.
وتجدر الإشارة أنه في سوريا، إحتل تورط المرأة الثقيل في وحدات حماية الشعب المؤيدة للأكراد في القتال ضد “داعش” عناوين أبرز الصحف على مستوى العالم، ويرجع ذلك جزئياً إلى رمزية المقاتلات الإناث التي تشتبك مع مجموعة يعتبرها كثيرون كارهة في جوهرها للنساء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى