دبي تركّز على السياحة الحلال

يجمع الخبراء على أن زيادة الإستثمار – من الإقامة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية إلى السلع الإستهلاكية – سوف تساعد على جعل دبي لاعب رئيسي في صناعة السفر الحلال العالمية التي تعرف توسعاً سريعاً.
لقد إستحوذ الزوار المسلمون على نحو 10٪ من سوق السفر العالمية في العام الفائت، مع القيام بما مجموعه 117 مليون رحلة، وفقاً لمؤشر السفر الإسلامي العالمي للعام 2016، الذي تنتجه “ماستركارد” وشركة تصنيف الحلال في سنغافورة “كريسنت رايتنغ” (CrescentRating).
ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 168مليون رحلة بحلول العام 2020، مرتفعاً إلى 11٪ من الإجمالي العالمي، مع بلوغ العائدات الناتجة من قطاع سفر المسلمين الى 200 مليار دولار.

القياس الدولي

وتستفيد الإمارات العربية المتحدة – ودبي على وجه الخصوص – من هذا الإتجاه. وإعتبر تقرير ماستركارد و”كريسنت رايتنغ” االبلاد باعتبارها واحدة من أعلى 10 وجهات للمسافرين المسلمين في شهر رمضان هذا العام، وصُنِّفت في المرتبة الثامنة من بين 49 دولة مشمولة في المسح الذي صدر في حزيران (يونيو) الفائت. ومع ذلك، من المتوقع أن تحتل الإمارات المرتبة الثانية بحلول العام 2022 والأولى بحلول العام 2027، وفقاً للتقرير.
على مستوى الإمارات، فقد سُمِّيت دبي أخيراً أفضل وجهة للمسافرين المسلمين في إفتتاح جوائز السفر الحلال من قبل ” سلام ستاندرد” (Salam Standard) ، وهو موقع إلكتروني للمعلومات الفندقية عن السوق الإسلامية.
وفقاً لفريق من خبراء السفر الإسلامي أعطوا رأيهم بهذه الجوائز، فإن دبي قد فازت على منافسيها الدوليين بوصفها تتمتع ب”أوراق إعتماد مسلمة ودية، مع الطعام الحلال، ومرافق الصلاة والتجارب الثقافية والإقامة”. وأشار الخبراء أيضاً إلى تركيز الإمارة على الأسرة وجذبها لقطاع عريض من الجنسيات.

التركيز على الأسرة

الوافع أن السياحة الحلال تتطلب دراسة بحثية دقيقة للسوق والمنتجات المُصمَّمة لتلبية الإحتياجات المُحدَّدة للعملاء، وفقاً لمحمد شبيب، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة خدمات السفر على الإنترنت في دبي “تجاوَل” (Tajawal). إن “دبي تستثمر كثيراً في جذب المزيد من الزوار”، قال. “كان الناس من خارج المنطقة لا يفهمون أو يعرفون بعض الإحتياجات المحلية. على سبيل المثال، تناول الكحول من الميني بار، وجود مرحاض شطف، ويرك سباحة منفصلة للرجال والنساء، ووجود نساء موظفات في بعض المناطق”، مضيفاً.
في حين أن ضمان إستيفاء معايير الحلال في جميع أنحاء قطاع الضيافة يُعتَبر أمراً حيوياً لضمان أفضل تجربة للمسافرين، فإن الأمر الحاسم هو في وضع مجموعة من عوامل الجذب لتشجيع الأسر على جعل دبي الوجهة التي تختارها، وفقاً ل”أماديوس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”” وهي شركة رائدة في مجال توفير التكنولوجيا لصناعة السفر.
“هذا العام هناك إفتتاح مدينة ملاهي جديدة، وسوف تحقق دبي في نهاية المطاف هدفها المتمثل في 20 مليون زائر بحلول العام 2020. إن دبي تقوم بالأشياء الصحيحة في الوقت الراهن، واضعةً الأهداف المناسبة”، يقول أنطوان مدور، نائب رئيس “أماديوس”.
مع الدراسات التي تُبيِّن أن قضاء العطلات العائلية تلعب دوراً رئيسياً في نمو السياحة الحلال، فإن سمعة دبي كوجهة آمنة يمكنها أيضاً أن تكون ميزة.
“إن سلامة وأمن المدينة والتسوّق في وقت متأخر من الليل … ميزات كبيرة تجذب الكثيرين إلى دبي” قال عرفان أحمد، المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع السفر الإسلامي في دبي “Irhal.com” للصحافة المحلية.

إستمرار البناء

إن صعود السياحة الحلال يُغذي قطاعات أخرى في الاقتصاد في دبي تتعلق بصناعة الضيافة، حيث أن قطاع البناء هو من أكبر المستفيدين من نمو هذه الصناعة.
وقال زياد الشعار، المدير التنفيذي لشركة التطوير العقاري “داماك العقارية”: “إن الطلب الناجم من السياحة الحلال يكتسب زخماً في دبي. هناك عدد كبير من الزوار من دول مجلس التعاون الخليجي، وأبرزها المملكة العربية السعودية، يسعون إلى خيارات الإقامة الفاخرة والتي هي أيضاً متوافقة مع الشريعة الإسلامية”.
إستحوذ السياح السعوديون على أكبر حصة من زوار دول مجلس التعاون الخليجي، مع زيارة 1.5 مليون شخص لدبي في العام الماضي ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 2.5 مليوني زائر سنوياً بحلول العام 2020، وفقا لتقارير صحافية.
هذا الطلب، جنباً إلى جنب مع العدد المحدود للفنادق المعروضة حالياً في السوق، يمثل فرصة كبيرة، وفقاً للشعار، الذي تُطوِّر شركته بناية “غالية”، التي تضم 38 طابقاً في قرية الجميرا من شأنها أن توفر الشقق الفندقية المتوافقة خدمتها مع الشريعة الإسلامية.
وسيكون لدى مشروع “غالية” 742 إستوديو، وشقق من غرفة واحد، وغرفتين، وثلاث غرف نوم، عند الإنتهاء من البناء المقرر في الربع الرابع من العام 2017.

إستفادة صناعة السلع الإستهلاكية

ومن المتوقع أيضاً أن يدفع نمو السياحة الحلال عجلة النمو في قطاع السلع الإستهلاكية المتوافقة مع الشريعة في كل من دبي وعلى نطاق أوسع الإمارات العربية المتحدة، مع توقع أن تشهد المواد الغذائية والمشروبات والأدوية ومستحضرات التجميل والتجزئة العامة إرتفاعاً في الطلب.
في الواقع، إحتلت دولة الإمارات إما المرتبة الثانية أو الثالثة في فئات الطعام الحلال والتمويل الإسلامي والأزياء الإسلامية بين 73 بلداً شملها تقرير “حالة الإقتصاد الإسلامي العالمي” 2015-2016؛ فقط كانت مرتبة ماليزيا أعلى في الترتيب العام.
في الوقت الحاضر، مع ذلك، فإن العديد من المنتجات الحلال التي تُستَهلك في دبي وباقي دولة الإمارات يتم إستيرادها. ووفقاً للتقرير، حققت دولة الإمارات تصنيفاً أقل في فئتي الأدوية الحلال ومستحضرات التجميل، والذي من المرجح أنه يعكس دور البلاد كإقتصاد يغلب عليه طابع الخدمات، وليس مركزاً للتصنيع.
ومع ذلك، فإن دبي في وضع جيد لتلبية هذه الزيادة في الطلب، بعدما حددت أخيراً قطاعات الأدوية ومستحضرات التجميل والمواد الغذائية والمشروبات كركائز أساسية في إستراتيجية دبي الصناعية للعام 2030، التي بدأت في أواخر حزيران (يونيو) الفائت. وتسعى الاستراتيجية إلى جعل دبي مركز إنتاج وتوزيع عالمي لسوق المنتجات الإسلامية، فضلاً عن تلبية الطلب المحلي المتزايد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى