حان الوقت لتجاوز فشل “أوسلو”

بقلم كابي طبراني

توفي الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس عن عمر ناهز 93 عاماً صباح 28 أيلول (سبتمبر). هذا الرجل الحائز على جائزة نوبل للسلام! هو آخر القادة الصهاينة الذين ينتمون إلى الجيل المؤسّس لدولة إسرائيل، وسوف يذكره التاريخ بوصفه أحد المهندسين الرئيسيين لإتفاق “أوسلو” (إضافة إلى الإستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقنبلة النووية الإسرائيلية ومجزرة قانا في لبنان). في العقود المقبلة، قد لا تكون له السمعة ذاتها أو الدمغة عينها كما هو الحال اليوم في الغرب.
لقد وُقِّع إتفاق “أوسلو” في العام 1994 حيث شمل مجموعة من الإتفاقات المؤقتة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية التي كان من المُفترَض لها أن تهيئ الظروف اللازمة لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية. وبعد ما يقرب من ثلاثة عقود، زاد التوسّع الإستيطاني الإسرائيلي وهيمنت قبضة تل أبيب على الحياة الفلسطينية بشكل أقوى وأقسى من أي وقت مضى.
من الشائع اليوم أن نسمع من جميع الاطراف أن “أوسلو” قد مات، ولا يشذّ أحدث جيل إسرائيلي من السياسيين عن هذه القاعدة. فقد أعلن وزير التعليم نفتالي بينيت ووزير العدل إيليت شاكيد، وكلاهما من حزب “إسرائيل بيتنا”، صراحة عن كراهيتهما لإتفاق “أوسلو” والحلّ القائم على دولتين. ويمثل هؤلاء الساسة تياراً إسرائيلياً يزداد عدده يومياً والذي لا يؤمن أو يعتقد بأن الإحتلال سوف ينتهي أو يجب أن ينتهي. وتقوم رؤيتهم على إقامة دولة ثنائية القومية مستقلة وغير متكافئة يهيمن عليها اليهود حيث تسيطر إسرائيل على كل شيء بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.
في فلسطين، زاد الشباب من جهتهم جرأة وتشدّداً بسبب حركة المقاطعة والحصار، وصاروا بشكل متزايد يريدون تأمين حقوقهم بدلاً من القتال من أجل التوصل إلى حل الدولتين. عندما سعى الرئيس الفلسطيني المخضرم محمود عباس إلى إعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين في العام 2013، كان يُنظَر إليه على نطاق واسع كآخر سياسي يقاتل من أجل حل الدولتين على النحو المُتوَخَّى من إتفاق “أوسلو”.
وهذا يُعيدنا إلى شمعون بيريس. كشخصية عامة، إستخدم هذا الرجل صورته في الغرب كصانع للسلام لتكريس صورة خاطئة ومُختَلَقة عن إسرائيل كدولة تهتم في تقديم تنازلات صعبة لتحقيق السلام. إن إجراءات وأعمال تل أبيب في غزة والضفة الغربية تروي قصة مختلفة، والتشدد في التيار الإسرائيلي يصعب تجاهله الآن.
مع رحيل واحد من آخر مهندسي عملية “أوسلو”، فقد حان الوقت لفتح صفحة جديدة ووضع حدّ للإحتلال الإسرائيلي بطريقة أخرى. ولا يُمكن القيام بذلك من دون ضغط من دول أخرى كبرى مثل الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي، ونأمل أن يُدرك المجتمع الدولي أن لحظة “أوسلو” قد ولّت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى