لماذا تحتاج “حماس” و”فتح” إلى العمل معاً؟

بقلم كابي طبراني

لو قُدّر للإنتخابات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة أن تُجرى في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، فستكون أول إنتخابات تُشارك فيها حركتا “فتح” و”حماس” منذ العام 2006، قبل إنقسامهما في صيف 2007، الذي ما زالت تداعياته تعصف بالواقع الفلسطيني حتى الآن. بيد أن محكمة العدل العليا الفلسطينية في رام الله قررت تعليقها مؤقتاً في الثامن من الشهر الجاري حتى يتسنّى لها النظر في الطعون المُقدَّمة من نقابة المحامين.
لا شك أن تعليق الإنتخابات البلدية الفلسطينية هو أمر مؤسف. يستحق الشعب الفلسطيني قيادة سياسية مُوحّدة بحيث تستطيع حكومة واحدة التحدّث بصوت واحد عن العديد من الأزمات الخطيرة التي يتعيَّن على الفلسطينيين التعامل معها على أساس يومي في ظل الإحتلال. إن القرار، الذي صدر في وقت سابق من هذا العام، للدعوة إلى إنتخابات بلدية في 8 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل في كل أنحاء فلسطين كان خطوة في الإتجاه الصحيح، لأنه قرار بإمكانه أن يشكّل حافزاً على تشجيع المصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس”. من جهتهم كان الإسرائيليون قلقين جداً من أن عقود عملهم الدؤوب لضمان بذر عدم الثقة العميقة بين المنظمتين الفلسطينيتين قد تذهب هباءً بسبب ذلك.
لذا كان من المُحزن، ولكن ليس من غير المتوقع، بأن الإنتخابات بدأت تواجه مشاكل. على الرغم من السلطت المتواضعة جداً والأهمية المحدودة للبلديات- هناك بلديات في أكثر من 400 مدينة وبلدة في الضفة الغربية وقطاع غزة – فقد أصبح الفريقان الرئيسيان قلقين جداً ويشعران بالحرج من فقدان “ماء الوجه” أمام شعبهما. لقد لازم كابوس 2006 حركة “فتح” عندما خسرت الإنتخابات التشريعية أمام “حماس” التي أحرزت فيها فوزاً ساحقاً، في حين تخشى “حماس” أن يؤدي أداؤها البائس في توفير الحكم الرشيد في قطاع غزة إلى منح “فتح” ميزة وهامش في إنتخابات غزة.
نتيجة لذلك، أطلق كلا الطرفين دعاوى قضائية سببها إسقاط تسع قوائم إنتخابية ل”فتح” في غزة، كما رفعت نقابة المحامين دعوى طالبت فيها بوقف إجراء الإنتخابات، وقبل عطلة عيد الأضحى، علّقت محكمة العدل العليا الفلسطينية في رام الله الإنتخابات في ضوء الدعاوى القانونية التي لم تجد حلاً بعد. لكنها أشارت أيضاً إلى سبب أكثر غرابة – أن هذه الإنتخابات البلدية كانت مستحيلة لأن الإقتراع لا يمكن أن يجري في القدس الشرقية المحتلة، على الرغم من أنها تجاهلت حقيقة أن الإنتخابات الرئاسية في العام 2005، والإنتخابات التشريعية في العام 2006 والإنتخابات المحلية في العام 2012 لم تشمل كلها القدس الشرقية المحتلة، مع ذلك فقد جرت من دون مشاكل. إن كلام العارفين تعليقاً على ذلك هو أن المحكمة خضعت لضغط سياسي من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحكومته.
هذه المشاحنات الخطيرة بين الطرفين ببساطة تكرّس وتعمّق خلافاتهما وإنقسامهما، حتى فيما يستمر الإسرائيليون في التمتع بهيمنتهم على فلسطين. إن إستمرار التوسع في المستوطنات في الضفة الغربية هي خطة طويلة الأجل لترسيخ السيطرة الإسرائيلية، والعنف بين فلسطين وإسرائيل مستمر في غزة حيث قصفت الطائرات الإسرائيلية أخيراً ثلاثة مواقع في القطاع بالصواريخ، إنتقاماً مُعمَّماً رداً على إطلاق صاروخ من غزة. لقد حان الأوان في كلٍّ من الضفة الغربية وقطاع غزة لتشكيل حكومة واحدة قوية يحتاج إليها الفلسطينيون في هذه الفترة الحرجة، والتي يمكنها أن توفّر إستجابة موَحَّدة على هذه الإعتداءات الإسرائيلية المتواصلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى