على موسكو وواشنطن التوافق في أقرب وقت

بقلم كابي طبراني

عندما إلتقى الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش إجتماعات مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية في الخامس من الشهر الجاري، فقد أعادتنا لغة الجسد بين الرجلين إلى فترة سابقة عندما كانت القوّتان العُظمَتان تسيطران على الشؤون الدولية، وإرتعاشات الحرب الباردة بينهما كانت تضبط درجات الحرارة السياسية لبقية العالم.
مع دخول أوباما الأشهر الأربعة الأخيرة من رئاسته والنجاح الكبير الذي أحرزه بوتين في سياسته الخارجية الحازمة، كان اللقاء بين الإثنين، كما أشار المراقبون، عملياً.
العمل الذي كان في متناول اليد، مع ذلك، قاتل ومميت. إن ملايين اللاجئين الذين فرّوا من سوريا، وكثيرين غيرهم من الذين ما زالوا مُحاصَرين في منازلهم وقراهم ومدنهم المُهدّمة هناك، يستحقّون، ويرغبون، ويحتاجون بشكل ملحٍّ وماس إلى أي إغاثة لإخراجهم وإنقاذهم من خمس سنوات من سفك الدماء والقتل والإرهاب.
خلال الشهرين الماضيين، كان ممثلون عن واشنطن وموسكو يحاولون التوصل الى صيغة إتفاق يؤدي إلى تضافر الجهود ضد العناصر الإرهابية في “داعش” وتنظيمي “القاعدة” و”جبهة فتح الشام” (جبهة النصرة سابقاً) في سوريا. ومن شأن ذلك الإتفاق أن يسمح للخصمَين السابقين في الحرب الباردة المُشارَكة معاً في تنسيق الهجمات على أهداف “داعش” في المقام الأول، وسيسمح هذا، على أقل تقدير، لطائرات كلا البلدين تجنّب الإصطدام في أثناء إنخراطها في مهام قتالية مستقلة.
وكان التقدّم في المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة بطيئاً بشكلٍ مؤلم وبارداً حتى الصقيع لسكان حلب، الذين يعيشون – ويموتون – في إنتظار وقفٍ لإطلاق النار. ومن شأن هذا الوقف للأعمال العدائية على الأقل السماح بوصول المساعدات الإنسانية ومغادرة السكان منازلهم والإنضمام إلى النزوح إلى أي مكان آمن.
خلال لقائهما، شدّد أوباما على الأهمية الإنسانية والحاجة الملحة إلى وقف إطلاق النار، لكنه كان مصرّاً على عدم قبول أي إتفاق لا يلبّي أهدافه في المدى الطويل في سوريا. وقال أن إتفاقاً سابقاً لإيقاف الأعمال العدائية دفع بالرئيس السوري بشار الأسد إلى إستئناف قصف قوات المعارضة “مع الإفلات من العقاب”. وهذا ما أدّى بقوى المعارضة، بما فيها تلك التي تربطها صلات بالإرهاب، إلى تكثيف تجنيدها لمقاتلين جدد، قال الرئيس الأميركي.
في الواقع كان هناك بعض التفاؤل قبل قمة مجموعة العشرين بأن موسكو وواشنطن كانتا على وشك التوصل الى إتفاق، ولكن ذلك خَفَتَ بعد إجتماعات أولية في هانغتشو بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف. بوضوح، يحتاج الوضع المأسوي في بلاد الشام إلى التوصل إلى إتفاق بشكل ملحّ: التفجيرات الإرهابية في سوريا التي تزامنت مع إجتماعات هانغتشو- وما قبلها وبعدها – وقتلت المئات وجرحت الآلاف، تشدّد أكثر من أي وقت مضى على ضرورة التوصل سريعاً إلى إتفاق لوقف إطلاق النار.
مهما كانت الخلافات بين موسكو وواشنطن، فإن الذين يدفعون الثمن هم السوريون – بحياتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى