سوق العقارات في عُمان تعيش فترة إعادة تقويمٍ للأسعار

بعدما عرف نمواً قوياً في العام 2015، شهد القطاع العقاري في سلطنة عُمان تراجعاً في الاسعار في أوائل هذا العام، على الرغم من أن عمليات البيع لا تزال قوية في قطاعات معيّنة من السوق.

قطاع العقارات في عُمان: يصحح أسعاره
قطاع العقارات في عُمان: يصحح أسعاره

مسقط – سمير الحسيني

وفقاً لبيانات صادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في مسقط في أيار (مايو) الفائت، فقد إنخفضت قيمة المعاملات العقارية في سلطنة عُمان بنسبة 30.3٪ في العام على اساس سنوى في الربع الأول إلى 922.1 مليون ريال عُماني (2.4 ملياري دولار).
جاء ذلك على خلفية إرتفاع معدل النمو في العام الفائت في البلاد، مع نمو القيمة الإجمالية المُقدَّرة للنشاط العقاري بنسبة 43.7٪ في العام 2015 إلى 4.14 مليارات ريال عُماني (10.8 مليارات دولار).
ولوحظ إتجاه مماثل في سوق الرهن العقاري. في حين أن القيمة الإجمالية لعقود الرهن المتداولة قد إنخفضت بنسبة 40٪ على أساس سنوي في الربع الاول الى 619.1 مليون ريال عُماني (1.6 مليار دولار)، فقد إرتفع عدد القروض العقارية الجديدة بنسبة 31.5٪ إلى 6969. وهذا يمكن أن يشير إلى أن المشترين يجنون المال على وقع إنخفاض أسعار العقارات في بعض المناطق.

شرائح متضررة

من حيث قطاعات الملكية المختلفة كانت هناك تباينات في الأداء، إذ أن زيادة المعروض من مساحات التجزئة قد دفعت الى إرتفاع في عدد الوحدات الشاغرة وإنخفاض مماثل في عوائد الإيجار في بعض مراكز التسوّق القديمة.
ومع ذلك، ما زالت الوحدات السكنية العالية المستوى تجد طلباً كبيراً، وفقاً لبنيامين كولوم، المدير العام لشركة الخدمات العقارية “هامبتونز إنترناشيونال” في عُمان. فهو يقول: “لا تزال هناك شهية للمشاريع العقارية ذات الصلة في عُمان”، مضيفاً بأن “مطوراً يتوقع الطلب في السوق يمكنه العمل بشكل جيد للغاية هنا”.
على الرغم من أن شركة الإستشارات العقارية الدولية “كلاتونز” تتوقع مواصلة إنخفاض معدلات الإيجار السكنية من 5 إلى 10٪ خلال بقية العام، بعد إنخفاضها بنسبة 12.7٪ في العام على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى، فقد أشارت أيضاً إلى الإتجاه الصعودي للإستثمار في سوق باردة.
وفي أحدث تقييم لها عن القطاع العقاري العُماني، الذي صدر في وقت متأخر من الربع الثاني، أفادت “كلاتونز” بأن معدلات الشواغر في العقارات من الدرجة الثانية ستزيد على الأرجح، إلّا أن هذا من شأنه أن يسمح للمالكين إتخاذ موقف على المدى الطويل وترقية وتجديد أصولهم للإيجار.
من ناحية أخرى، يمكن لإنخفاض الطلب في بعض القطاعات أن يفيد أيضاً المُشترين والمستأجرين المُحتَملين، مما يتيح لهم خيارات أوسع في السوق، على الرغم من أن “كلاتونز” قالت أن العقارات المُسعَّرة بطريقة جيدة وبشكل صحيح لا تزال تتحرك وتباع بسرعة.
من جهته يرى أيضاً دارمندرا شارما، الرئيس التنفيذي لشركة “الأركان للبناء”، بأن الطلب والعائد على الأصول السكنية الحديثة ما زالا ثابتين في السلطنة.
ويقول: “الإيجار قد إنخفض في المباني السكنية القديمة، ولكن المشاريع الجديدة التي تتمتع بوسائل الراحة الكاملة لا يتم خفض أسعار إيجاراتها”. مضيفاً بأن “الناس ليسوا قلقين حول الإنفاق على العقارات وغيرها من المرافق، على الرغم من أن أسعار النفط قد إنخفضت”.

التعرض العالي يقابله إستقرار مصرفي

فيما تواصل الاسعار في القطاع العقاري في سلطنة عًمان مسارها التصحيحي وإعادة التقويم من السوق الصاعدة في العام 2015، فسوف تستمر الجهات المعنية مراقبة صحة القطاع المصرفي في البلاد، والذي لديه تعرض كبير مباشر وغير مباشر للقطاع العقاري، وفقاً لأحدث تقرير عن الإستقرار المالي للبنك المركزي العُماني، الذي صدر في تموز (يوليو) الفائت.
“إن إجمالي تعرض العقارات للقطاع المصرفي يبلغ أكثر من 30٪ من إجمالي محفظة القروض، والتي تُعتبر كبيرة”، أشار التقرير. مضيفاً بأن “سوق عقارات ضعيفة يمكنها، بالتالي، تعريض القطاع المصرفي لمخاطر كبيرة”.
ويمتد هذا التعرض أيضاً إلى القطاع المالي المتوافق مع الشريعة الإسلامية في سلطنة عُمان، مع قول البنك المركزي العُماني أن إرتفاع مستوى الإقراض العقاري من قبل البنوك الإسلامية يبرر إعادة النظر في السياسات والممارسات الإئتمانية للقطاع.
يجب على البنوك وضع إستراتيجية لتنويع محافظها الإستثمارية بعيداً من الإعتماد على العقارات وذلك لحماية أنفسها ضد أي صدمات في أصول سوق العقارات، حسب البنك المركزي العُماني.
وفي حين أن البنك المركزي يحثّ على الحذر، فإنه قد شدّد أيضاً على القوة الكامنة في القطاع المالي، واصفاً مستويات الملاءة فيه بالقوية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن السقوف الكمية التي وضعها البنك المركزي العماني على قروض الرهن العقاري – بما في ذلك 80٪ نسبة القروض إلى القيمة وقبعة 50٪ على إجمالي الإقراض للأسر – من المتوقع أن تساعد على منع تكوّن فقاعات في أسعار الأصول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى