خدمات الإنترنت السريع: آفاق واعدة في المنطقة

يتواصل النشاط في قطاع الاتصالات الخليوية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحيوية ربما إفتقدتها قطاعات أخرى نتيجة تأثرها بقطاع النفط وتراجع إيراداته أو إرتباطها به. ويُجمع الخبراء على أن الفرص المتاحة في مجال الاتصالات واعدة في ظل الإقبال المتزايد من المشتركين على الإنترنت النقّال، ما يفرض على الشركات المُشغّلة مواكبة السوق بتطوير مستمر لشبكاتها وخدماتها، وبالتالي ضخّ إستثمارات إضافية لا تنحصر في الهاتف الخليوي بل تتعداه إلى شبكات الألياف الضوئية، مع التوجّه الى إعتماد الشبكات الفائقة السرعة، في حين توجد شبكات الجيل الرابع في 12 دولة.
وأظهرت تقارير أن مشغّلي الهاتف الخليوي في 19 دولة عربية، قدموا خدماتهم لنحو 414 مليون خط في نهاية الربع الأول من العام الماضي، إرتفاعاً من 413.6 مليون خط في نهاية 2014، بنمو 0.1 في المئة.
وقال مدير البحوث في “مجموعة المرشدين العرب”، محمد الشوا: “لمواجهة تحدّي الطلب، فإن شركات مُشغّلة تستثمر في خطوط الاتصال تحت البحار، ورصدت المجموعة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، نحو 53 مشروعاً قائماً أو مُرتَقباً لكابلات بحرية مقارنة بـ50 مشروعاً مشابهاً قبل سنة”.
وأوضح في حديث صحافي، أن التراجع في أسعار النفط لم ينعكس تماماً على قطاع الاتصالات، أو بالنسبة الى شركات كثيرة عاملة في القطاع. وأضاف: “على سبيل المثال لا الحصر، فشركة زين رفعت استثماراتها في بعض عملياتها خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2015، مقارنة بالفترة ذاتها من 2014، وكان هذا الإنفاق يستهدف توسيع شبكاتها في بعض البلدان حيث تعمل”. لكنه لفت إلى أن الاستثمار شهد تراجعاً ملحوظاً في بعض الدول التي تعاني غياب الاستقرار كالعراق وسوريا، حيث تتردد الشركات المُشغّلة في الدخول في إستثمارات جديدة.
وتابع: “عندما نتحدث عن تبنّي التقنيات الجديدة أو شرائها، فيُنتظر أن تتمكن الدول الخليجية ذات الدخل الأكبر من الحصول على مستويات أعلى من التكنولوجيا، لأن سكان هذه الدول يستطيعون الإنفاق على خدمات الاتصالات أكثر من سواهم. وتأتي الدول ذات الدخل المتوسط مثل الأردن وتونس ولبنان، في مراتب تلي دول الخليج من حيث إقتنائها التكنولوجيا الحديثة، بينما تتذيّل موريتانيا واليمن والدول المشابهة المراكز في جدول المقارنة”.
ورداً على سؤال لفت الشوا: “كان لبنان من بين الدول السبّاقة في اعتماد شبكات الجيل الرابع، ووقعت وزارة الاتصالات من ضمن خطة أطلقتها للعام 2020، اتفاقات للتطوير شبكات الجيل 4.5، كما وقعت مذكرات تفاهم للانتقال إلى الجيل الخامس بحلول العام 2018، ومع أنه يتخلّف عن بعض دول المنطقة في الترتيب، إلا أن لبنان بدأ أيضاً مشاريع لتركيب شبكة وطنية للألياف الضوئية”.
وأعرب عن اعتقاده بأن مرحلة ما بعد الحرب الدائرة في بعض البلدان العربية ستشهد إنتعاشاً للإستثمار في قطاع الاتصالات كما في القطاعات الأخرى، فهناك حاجة الى الاستثمار في البنى التحتية وتوسيعها لتخدم العدد المتنامي من مستخدمي التكنولوجيا. لكنه رأى أن غياب الاستقرار حالياً في الدول المضطربة ساهم أيضاً في تعزيز قطاع الاتصالات مع تنامي الطلب على الحلول الخاصة بالمراقبة وتشديد المعايير الأمنية، وهذا ليس حكراً على الدول التي تعاني اضطرابات، بل يشمل الدول المجاورة لها أيضاً. فلبنان والأردن مثلاً، في حاجة ماسة الى استخدام برمجيات مراقبة الحدود، كما أن تدفّق النازحين إلى هذه الدول يجعل من المهم استخدام برامج التعقب حتى تتمكن هذه الدول من تقديم مستويات جيدة من الخدمات للنازحين، وكل هذه التقنيات مرتبطة مباشرة بقطاع الاتصالات.
ولفتت رئيسة شركة “إريكسون الشرق الأوسط وأفريقيا”، رافية إبراهيم، إلى أن المنطقة يمكن أن تقسم إلى 3 أسواق رئيسية، وقالت: “تتمثل الأسواق المتقدمة في دول مجلس التعاون باستثناء اليمن، ونرى اتجاهاً مشتركاً بينها يتمثل في أن حركة بيانات الجيل الرابع تجاوزت تلك المسجلة للجيل الثالث، ونحن الآن في مرحلة استكشاف آفاق الجيل الخامس”. وأضافت: “تضم الأسواق التقدمية تركيا ولبنان والأردن ومصر، ونرى فيها تفضيلاً لشبكات الإنترنت اللاسلكي (واي فاي) على الإنترنت النقال العريض النطاق، وتستعد تركيا، على سبيل المثل، لإطلاق الجيل الرابع، وقد أطلقنا هذا الجيل في لبنان فعلاً (…) كما نشهد تفضيلاً لشبكات “واي فاي” على الإنترنت النقال العريض النطاق في الأسواق الناشئة، والتي تشمل العراق وإثيوبيا وباكستان مثلاً”.
وعن تأثير تراجع أسعار النفط في قطاع الاتصالات، أوضحت ابراهيم: “خطّطت دول الخليج منذ فترة طويلة لتنويع اقتصاداتها بهدف التعامل مع واقع أن النفط ليس من الموارد المتجددة، وبالتالي لا يمثل تدفقاً مستداماً للإيرادات، وتبحث دول التعاون مثل الإمارات والسعودية، في سبل دفع عجلة نمو الاقتصاد المعرفي، والذي تلعب تكنولوجيا الاتصالات فيه دوراً رئيسياً”. وشدّدت على أن “مستقبل المجتمع الشبكي يقوم بالكامل على الاتصال والربط البيني وتطور المدن الذكية. وهو يعتمد على قدرة شبكات الاتصالات على التعامل مع التقنيات المستقبلية، وتستثمر شركات الاتصالات في المنطقة في تطوير بناها التحتية والجيل التالي من شبكات الاتصال النقال تحسباً للزيادة في حركة الاتصالات النقالة وتنامي التنافسية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى