لماذا فشل أوباما في الشرق الأوسط؟

منتقدو سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما في الشرق الأوسط غالباً ما يشكون من أنه يفتقر إلى رؤية إستراتيجية. هذا الكلام خطأ إلى حد ما. لقد جاء أوباما إلى السلطة مع قناعة بأن الحد من الاستثمار السياسي والعسكري الهائل للولايات المتحدة في الشرق الأوسط هو مصلحة حيوية للأمن القومي الأميركي. إن إحتلال العراق وتجاوزات الحرب على الإرهاب تركا أميركا في وضع سيىء، وخصوصاً في أوقات الأزمات الإقتصادية. كما أن بصمة “الحجم المناسب” (Rightsizing) للولايات المتحدة في المنطقة، التي أطلقها أوباما، لم تعنِ الحد من الوجود المادي فحسب، بل أيضا ممارسة ضبط النفس ديبلوماسياً، والتراجع والطلب من حلفائها تحمل مسؤولية أكبر عن أمنهم. إلتزم أوباما باستمرار بهذه الإستراتيجية، محدداً أولوياتها بقسوة على طول الطريق ومقاوماً بحزم أي جهود لتغيير مسارها. وهذه لم تكن إستراتيجية محبوبة كثيراً في واشنطن أو في منطقة تعوّدت على ممارسة القوة الأميركية. لكنها كانت إستراتيجية واضحة ومتماسكة قادت أوباما إلى القيام بمبادرات كبيرة بالنسبة إلى المشاكل التي يعتبرها بأنها ترتفع إلى مستوى المصالح الأمنية القومية الأساسية: برنامج إيران للأسلحة النووية، والإرهاب، والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، والحرب في العراق.

غزو العراق في 2003: إعتبره أوباما كارثة
غزو العراق في 2003: إعتبره أوباما كارثة

واشنطن – باسم رحال

على الرغم من القوة التحليلية التي يتميّز ويتمتع بها الرئيس الأميركي باراك أوباما، فإن سياساته كثيراً ما تعثّر تنفيذها. لقد فشلت إدارته بإستمرار في الوفاء بالوعود التي أثارتها خطاباته المُلهِمة، وكافح لإيصال سياساته بشكل فعّال إلى شعوب الشرق الأوسط، وكان غير قادر على شرح النفاق الواضح. إن جهوده لكي يبقى عادلاً ومنصفاً وقراره بعدم التدخل قد أغضبا جميع الاطراف التي تريد دعم الولايات المتحدة غير المشروط وليس وسيطاً نزيها.
كافحت الإدارة الأميركية للتكيّف عندما فشلت سياساتها، من رفض إسرائيل تجميد البناء الإستيطاني، إلى الإنقلاب العسكري في مصر، إلى تفكك الجيش العراقي في مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). وقد فشلت أيضاً في كبح جماح أو طمأنة حلفاء أميركا، الذين بالتالي عملوا، من دون عقوبة، على تقويض العديد من مبادرات السياسة الخارجية الأميركية. وقد إزدهر وإنتعش سابقاً “الأوتوقراط” المستبدّون في الشرق الأوسط بفضل الضمانات الأمنية الأميركية والكراهية المشتركة لإيران والإسلاميين، ورفضوا أي شيء أميركي قد يدعم، مهما كان مبدئياً، المطالب الشعبية للمشاركة الديموقراطية، والتعامل الديبلوماسي مع طهران، أو المشاركة السياسية للحركات الاسلامية. كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان أكثر إتثاقاً مع الحزب الجمهوري، لم يكن يريد أن يفعل الكثير في محادثات السلام التي تقودها واشنطن مع الفلسطينيين أو التواصل مع إيران.
وكانت النتيجة النهائية هوّة تفصل بين النجاحات التحليلية لأوباما والفشل في تنفيذها وتشغيلها. ولكن، فإن الإدارة الأميركية مع ذلك حققت ما تريد في أكبر القضايا التي تشكّل المنطقة بشكل صحيح. لقد تجنّبت أي إلتزامات عسكرية كبيرة في سوريا، وسحبت القوات الأميركية من العراق، وحصلت على صفقة نووية مع إيران، وأيّدت الثورات العربية. بالنسبة إلى القضايا الرئيسية الأخرى، مثل دفع التحوّل الديموقراطي في مصر، والسعي الى تحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، كانت لديها أفكار صحيحة لكنها فشلت في تحقيقها. إن تغيير النظام الإقليمي الفاشل في الشرق الأوسط وتحجيم الوجود الأميركي لم يكن سهلاً، من المرجح أن يكتشف الرئيس(ة) المقبل(ة) إحتراماً جديداً لأوباما فيما هو (أو هي) يكافح الإنهيار المستمر في المنطقة.

رؤية غير مُحقّقة

عندما دخل البيت الأبيض، كان أوباما عازماً على إعادة التوازن إلى إلتزامات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وبدت المحاولات المتكررة للتوسط في السلام بين إسرائيل والفلسطينيين “دونكيشوتية” في مواجهة حكومة إسرائيلية معادية ونظام سياسي فلسطيني مُنقسم، ولكن، أي نجاح أو فشل سيفرج أخيراً عن واشنطن ويحررها من العملية التي إستهلكت كميات مذهلة من الوقت الديبلوماسي والإهتمام على مدى أكثر من عقدين. وبالمثل، فإن الاتفاق النووي مع ايران لن يحل فقط تحدياً للأمن القومي الأساسي من دون حرب ولكن أيضاً سيسمح أخيراً لواشنطن التمحور بعيداً من هذه المسألة وتركها لآخرين، داخل وخارج المنطقة، الذين كانوا يتابعونها لأكثر من عقد.
إن الفشل في العراق قد شكّل بعمق النظرة الدولية للإدارة الأميركية. لقد رأت إدارة أوباما بشكل صحيح أن غزو العراق كان سوء تقدير كارثياً الذي فتح الأبواب أمام معاناة إنسانية، وحرب أهلية، وأشكال جهادية جديدة خبيثة، وزيادة القوة الإقليمية الإيرانية. رأى أوباما أن زيادة القوات الأميركية في 2007 نجحت في الحد من العنف لكنها فشلت في حل الأزمة السياسية الجذرية. كان من الواضح في العام 2007 كما هو اليوم بأن النجاح العسكري لن يكون ذات قيمة من دون تسوية سياسية، وأنه سيكون هناك دائماً طلب نهم على المزيد من القوات، والمزيد من الأسلحة، وإلتزام أكثر. حتى لو كانت إدارة بوش لم تترك له إتفاق تمركز القوات الذي يسمح بالانسحاب النهائي لجميع القوات الاميركية، وحتى لو لم تكن الحكومة العراقية تريد سحب القوات، فإن أوباما لم تكن لديه أي مصلحة في الحفاظ على أعداد كبيرة من القوات الأميركية في العراق.
كان الانسحاب من العراق أولوية منذ البداية، وقد نُفّذ بعناية ونجاح وفقاً لشروطه. إن أي عدد من القوات الأميركية لن يستطيع إحداث تغيير دائم في العراق. لقد تجاهل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي توجيهات الولايات المتحدة عندما كانت عشرات الآلاف من القوات الأميركية في العراق، وكان سيستمر في مواصلة ترسيخ زعامته وسلطته الشخصية حتى لو بقيت قوات أميركية في البلاد. كما لم تكن هناك أي فرصة جدية للأميركيين لإجبار العراقيين في العام 2010 على قبول حكومة إياد علاوي، فرصة مُفترضة ضائعة. إن فشل العراق بعد ذلك، وتجدد الحرب الأهلية، ونمو “الدولة الإسلامية” لم تكن بسبب إنسحاب الولايات المتحدة ولكن بسبب حكم المالكي الطائفي والفاسد على دولة ممزقة. كان توقيت الإنسحاب جيداً: لو لم يسحب أوباما القوات الأميركية عندما فعل، فإن سقوط الموصل كان من المؤكد أن يؤدي إلى إعادة عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين للقتال مجدداً في الحرب العبثية نفسها للدفاع عن الدولة الفاشلة ذاتها.
بعيداً من حل الحروب القديمة، فقد قاوم أوباما الجهود الرامية إلى جر بلاده الى حروب جديدة. الفوضى في ليبيا في أعقاب الحملة العسكرية التى قادتها أميركا في العام 2011 أكدت أكثر غرائز وقناعات أوباما بأن التدخلات نادراً ما تعمل كما هو مخطط لها، وأنه لا يمكن لأي قدر من الإلتزام العسكري الأميركي بطريقة إيجابية حل الصراعات في المنطقة. لهذا السبب أبقى، لسنوات، الولايات المتحدة خارج المستنقع السوري، بإستثناء توفير الدعم السري للجماعات المتمردة، على الرغم من الضغط الهائل للقيام بخلاف ذلك — قرار حكيم جداً من المرجح أن لا ينساه ويغفره له مجتمع سياسة التدخل.

الأولوية الإيرانية

إن ديبلوماسية أوباما النووية مع إيران هي مثال حي لنجاح تصوّر وتنفيذ سياسة خارجية: تعيين وتحديد الأولويات، وتخصيص الموارد، وتحقيق النتائج. حافظ فريق أوباما على وحدة واهية لمجموعة ال5+1 (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا) للتوصل إلى إتفاق يلبّي الاحتياجات الأكثر حيوية لجميع الأطراف، مع قيود قوية على برنامج إيران النووي وتخفيف نظم العقوبات.
كانت القضية بالنسبة إلى صفقة إيران واضحة دائماً. إن سعي طهران للحصول على أسلحة نووية يشكل خطراً كبيراً على الأمن الأميركي، والإقليمي، والعالمي، ولكن لم يكن هناك أبداً خيار عسكري قابلاً للتطبيق لمراقبة الطموحات النووية للبلاد، سواء كان من طرف إسرائيل لكي تتصرف وحدها أو من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة. العقوبات قد تضر الاقتصاد الإيراني وتضغط على قيادتها، ولكن لا يمكنها أبداً من تلقاء نفسها إسقاط النظام أو إجباره على الاستسلام. إن الآمال في تغيير النظام من تحت ضربٌ من الخيال، حتى في ذروة إحتجاجات الحركة الخضراء في العام 2009.
وهذا الواقع ترك الدور للديبلوماسية فقط، مع أسئلة رئيسية تدور حول ما إذا كانت قوتان تشكك إحداها بالأخرى يمكنهما أن يتوصلا إلى إتفاق من شأنه أن يلبي مطالب الحلفاء المشاكسين والنقاد المحليين. لقد وجدت إدارة أوباما سبلاً للتخييط بإبر متعددة ووصلت الى إتفاق يلبي الإحتياجات الأساسية لكل جانب.
وقد أثار العديد من نقاد الصفقة مخاوف جدية حول قدرة نظامها لعمليات التفتيش ضمان الإمتثال وحول معقولية إعادة العقوبات في حال لم تمتثل إيران ونقضت بعض بنود الإتفاق. إن الاعتراض الأعمق، مع ذلك، إرتكز على الخوف من أن الصفقة هي مقدمة لقبول الهيمنة الإقليمية الإيرانية. وخشي هؤلاء النقاد أن الإتفاق النووي سوف يُضفي الشرعية على دور الهيمنة الإيرانية في المنطقة على حساب النظام التقليدي المدعوم من أميركا، وتمكين طموحات إيران الإقليمية من خلال تخفيف العقوبات والإنفتاح الديبلوماسي. لذا سعى المسؤولون الأميركيون إلى الحفاظ على التركيز الضيق على المجال النووي، وعلناً إلى إظهار عزم الولايات المتحدة على مواصلة مواجهة الطموحات الإيرانية في أماكن أخرى في المنطقة.
وهذا الجهد للحدّ من الجوانب التحويلية سياسياً من الصفقة ربما ينجح في المدى القصير. جميع اللاعبين، من السعوديين وإلإسرائيليين إلى الإيرانيين أنفسهم، من المرجح أن يصعّدوا سلوك المواجهة في ساحات مثل سوريا واليمن لكي يثبتوا للدوائر المحلية والدولية بأنهم لم يستسلموا. على المدى الطويل، مع ذلك، فإن الصفقة الناجحة من المرجح أن تبني في إستمرارها مشاركة في الفوائد وتبدأ بالتالي في إنشاء مصالح مشتركة. وهذا يمكن أن يمهّد الطريق نحو حملات أكثر فعالية في العراق وسوريا، على الرغم من حدودها الواضحة. ليست لدى أوباما أية أوهام بشأن طبيعة النظام الإيراني أو عمق الصراعات الإقليمية الجارية. إن الفكرة القائلة بأن الولايات المتحدة سوف تتحالف مع طهران هي مجرد خيال إخترع معظمها نقاد اليمين الأميركي. إن الموقف النهائي بالنسبة إلى أوباما، ليس في إعادة التوجيه نحو طهران بل بناء توازن قوى إقليمي — واحدٌ لا يتطلب نشراً دائماً لكميات هائلة من الموارد الأميركية.

جرأة الأمل

بالنسبة إلى أوباما، أثارت الإنتفاضات العربية إحتمالاً محيّراً حول تغيير جذري للهياكل السياسية السامة في المنطقة. في 19 أيار (مايو) 2011، ألقى واحداً من أفضل خطب إدارته عن الشرق الأوسط. فقد وضع الثورات العربية في إكتساح طويل للتاريخ وأعلن عن وقوف الولايات المتحدة مع المحتجّين الذين يطالبون بالتغيير- وهو موقف محيّر، في الواقع، بالنسبة إلى الطغاة الذين كانوا يعوّلون طويلاً على واشنطن كحليف أساسي. وقد بلغت الرؤية الاستراتيجية والوضوح الأخلاقي في هذا الخطاب درجة الكمال. لقد إعترف أوباما بتطلعات المواطنين العرب الذين يعانون في ظل الإستبداد في الوقت الذي كان يدفع كلاً من الأنظمة والمواطنين على حد سواء نحو الديموقراطية بدلاً من العنف. وكان مُحقاً في إحتضان الثورات والسعي إلى توجيهها إلى مؤسسات ديموقراطية. ورغم فشله في دعم الإنتفاضات بإستمرار في جميع أنحاء المنطقة أو في إدارة الحروب السياسية التي أشعلتها، فقد كان دائماً غير واضح ما كان يمكن للولايات المتحدة أن تفعل أكثر من ذلك.
في حين وقعت إنتفاضة تونس على هامش إهتمام واشنطن، فإن مصر ضربت قلب النظام الإقليمي الذى تقوده أميركا. إن ملايين العرب الذين خرجوا إلى الشوارع في الأشهر القليلة الأولى من العام 2011 نادراً ما إتفقوا على أهدافهم النهائية. ما كان يوحّدهم هي الرغبة الشديدة لإسقاط النظام السياسي القائم، الذي تتورط واشنطن فيه بشدة. مع ذلك، نظر أوباما إلى الإحتجاجات التي إجتاحت المنطقة من خلال عدسة الأمل الحذر، حيث أطّرها في إطار رؤية التغيير التدريجي والأخلاقي التي كانت تسري بوضوح عبر رؤيته السياسية المحلية. كان هذا الموقف يستحق التقدير والإعجاب من الناحية التاريخية، لا سيما في ضوء التحدي الذي أحدثته الاحتجاجات للأنظمة المدعومة من الولايات المتحدة.
بطبيعة الحال، كان إحتضان الإنتفاضات مقامرة، وقد أخذ أوباما مخاطر حقيقية في محاولته لتحقيق رؤية، على الأقل في المدى القصير، قد فشلت. إعترف أوباما أن الرئيس المصري حسني مبارك لا يمكنه الصمود والبقاء في منصبه وساعد في التوسط على إنتقال سلمي. وأيّد الإنتخابات والمؤسسات الديموقراطية في مصر، حتى حين فاز الإسلاميون بالأكثرية في إنتخابات 2011 و2012 وإنهار الحكم. إن المقامرة – بدعم إدراج جماعة “الإخوان المسلمين في نظام ديموقراطي – كانت يمكن أن تشكّل تحوّلاً. ولو أن الإخوان عرفوا الهزيمة في الانتخابات التالية وفقدوا شعبيتهم بدلاً من الإطاحة بهم في إنقلاب عسكري في تموز (يوليو) 2013، فإن مصر والشرق الأوسط كانا اليوم مكاناً أفضل بكثير. إن التحذيرات العامة للإدارة الأميركية حول الإحتجاجات المناهضة للإخوان ومخاطر الإنقلاب قد بررها النظام القمعي غير المستقر الذي أعقب ذلك.
مع ذلك، طبّقت إدارة أوباما رؤيتها ل”الربيع العربي” بشكل غير متّسق، وعندما أُجبرت على الإختيار، فإنها عادة ما إختارت أن تضحّي بالتحول النفعي لخدمة إستراتيجية أوسع قائمة على “التحجيم” أو “الحجم المناسب”. نادراً ما تحدثت علناً عن القمع الوحشي للإحتجاجات في البحرين خوفاً من إستعداء شركائها في الخليج. وسمحت للسعودية أخذ زمام المبادرة في المرحلة الانتقالية في اليمن، مع نتائج متوقعة معادية للديموقراطية. وصارعت لإيجاد التوازن الصحيح بين دعم زعماء ما بعد الثورة المصرية، سواء كانت عسكرية أو من “الإخوان المسلمين”، وإنتقدت أخطاءهم. وراقبت كيف إنهارت ليبيا بعد الحرب إلى الفوضى والعنف.
الواقع أن أوباما قرأ إمكانية تحوّل “الربيع العربي” بدقة وبشكل صحيح، لكنه لم يستطع معرفة كيفية توجيهه في الإتجاه الصحيح. ويرجع هذا الفشل جزئياً إلى إطلاق العنان للقوات البدائية وجزئياً إلى الدور الهدّام الذي مارسه حلفاء أميركا الذين عملوا بجد لإحباط أي تحرك نحو الديموقراطية. الشكوى بأن الإدارة الأميركية لم توفّر الموارد اللازمة لدعم التحوّلات السياسية في تونس ومصر هي على حد سواء حقيقية وإلى حد ما إلى جوار الحقيقة. إن مبلغ المال الذي كانت واشنطن مستعدة لتقديمه إلى المصريين لا يكفي للتأثير بصورة واضحة في حساباتهم، وخصوصاً عندما كان الحلفاء المفترضون للولايات المتحدة، مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، يخصصون مبالغ أكبر بكثير لتعزيز السياسات المُعارِضة. كان المصريون الذين شعروا بأنهم كانوا يقاتلون معركة وجودية حول هوية دولتهم لديهم القليل من الإهتمام لمشورة أوباما، وخصوصاً عندما كانت وسائل الإعلام المحلية تهاجم، وتهين، وتشوّه كل تحركاته.
مع ذلك، كانت المشاكل وراء التنفيذ. كان نهج أوباما بالنسبة إلى الإنتفاضات العربية على حد سواء مثالياً وغير متماسك. تعاطفت الإدارة مع تطلعات المحتجين وأملت في تشجيع التحوّلات الديموقراطية. لكنها كافحت لفهم حقيقة أن النظام القديم الذي يتعرض للهجوم كان النظام الاقليمي المدعوم من الولايات المتحدة، والذي يدافع عنه حلفاء أميركا المعنيين، قبل كل شيء، مع الحفاظ على إبقاء أنفسهم في السلطة. على الجانب الصحيح من التاريخ، حيث أمل أوباما وضع الولايات المتحدة، قد يكون ناشد القيم الأميركية، لكنه تحدّى غريزياً مصالح واشنطن. وعندما فشلت التحوّلات، التي إنتهت في التخندق السلطوي أو إنهيار الدولة، فلم يكن لدى الادارة الاميركية خيارات بديلة كثيرة خارج تخفيض وتحديد الخسائر والقبول على مضض بالحقائق الجديدة.

حروب، قوتِلت ولم تُخَض

أراد أوباما دائماً إخراج الولايات المتحدة من الحروب القائمة وتجنّب الإنجرار إلى صراعات جديدة. وقد نجح إلى حد كبير. ومن الصعب الحصول على فضلٍ عن أشياء لم تحدث، ولكن من السهل جداً تخيّل أميركا اليوم تشن حملات رئيسية لمكافحة التمرد في بلدان عربية متعددة. ومع وجود عدد قليل نسبياً من القوات الأميركية في الوقت الراهن في أدوار إستشارية والدعم في العراق، وعدد أقل في ليبيا وسوريا واليمن، فهذا إنجاز كبير في حيثياته.
قبل شن الحملة الجوية ضد “الدولة الإسلامية”، فقد نقض أوباما قراره بعدم التدخل العسكري مرة واحدة فقط، في ليبيا. إن التدخل الإنساني هناك كان، ولا يزال، يمكن الدفاع عنه. لو لم تتصرف الولايات المتحدة، فمن شبه المؤكد أن حمام دم كبيراً كان سيحدث وسيتبعه إلقاء العالم اللوم على الغرب لفشله في حماية المدنيين. لم يُظهِر الديكتاتور الليبي معمر القذافي مؤشرات حقيقية إلى إستعداده لتقديم تنازلات، وكان من المحتمل أن يكون على قيد الحياة في السلطة لمدة أطول، والقضاء على التمرد. وهذا كان من الممكن أن يسدّد ضربة ساحقة للإنتفاضات العربية الحيوية في حينه، الأمر الذي كان بدوره سيشجع قادة آخرين لتصعيد إستخدامهم للقوة العسكرية.
كان إستخدام واشنطن للقوة الجوية والمساعدات العسكرية غير المباشرة بالتالي له ما يبرره، فقد أنقذت الآلاف من الأرواح وسرّعت في سقوط الديكتاتور البغيض. إن إنهيار ليبيا لاحقاً، مع ذلك، وفّر الدعم الكافي للمشككين من التدخل ويجب ان يؤدي الى إعادة التفكير بطريقة أعمق في فضائل العمل العسكري في المنطقة. إن التحقيقات الحزبية في أحداث بنغازي في أيلول (سبتمبر) 2012 هي عرض جانبي مقارنة مع الدروس الأوسع للعواقب الكارثية غير المقصودة من التدخلات وحتى النبيلة منها. وقد أوحى التدخل للبعض داخل المعارضة السورية بتصعيد حملته المسلحة على أمل جذب عملية مماثلة تقودها الولايات المتحدة، مع نتائج مأسوية. وخاض مؤيدو التدخل معركة للتمييز بين حملة أميركا ونتائجها في وقت لاحق، تماماً كما فعلوا بعد تحوّل العراق إلى فشل ذريع، ولكن هذا تفكير ساذج.
وكان إستعداد إدارة أوباما لدعم الحملة السعودية في اليمن أكثر سخرية. قلّة في واشنطن تعتقد أن المنطق السعودي للحرب صحيح، وحتى بعضهم يعتقد بأن ليس لدى الحملة أي أمل في النجاح. في الواقع، كانت الولايات المتحدة تسترضي السعوديين في اليمن من أجل منعهم من القيام بدور المُفسد للمحادثات مع إيران، وبالتالي دفع الملايين من اليمنيين إلى معاناة لا طائل منها.
تهيمن على سياسة الشرق الأوسط اليوم حروب وتدخلات بالوكالة. إن تعطّل أو إنهيار الحكومات في مصر والعراق وليبيا وسوريا واليمن حوّلت هذه البلدان إلى ساحات مفتوحة للقوى الإقليمية لخوض صراعات سياسية. حشدت إيران شبكات وميليشيات شيعية، وعبّأت قطر، والمملكة العربية السعودية، وتركيا شبكات إسلامية سنية من مختلف الأنواع. وكانت الحروب بالوكالة الناتجة مدمّرة بشكل كبير، وفتحت الطريق أمام إستقلال وزيادة قوة الجهات الفاعلة من غير الدول، مثل “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة”. وأحجمت الولايات المتحدة بحكمة عن الإنضمام علناً إلى هذه اللعبة، ولكن هذا لم يُبقِ أمامها سوى خيارات محدودة في ساحات المعارك الجديدة، كما أنها فشلت في منع حلفائها أو خصومها من القيام بأسوأ الأعمال. ولم ينتصر أحد في الحروب بالوكالة، التي تسببت في معاناة بشرية هائلة، وتفاقم المشاكل الأساسية لفشل الدولة والتطرف.
إن القضية الحاسمة في ولاية أوباما من المرجح أن تكون سوريا، التي سيطارد حمام الدم فيها، والتطرف، وزعزعة الإستقرار الإقليمي … منطقة الشرق الأوسط لعقود مقبلة. وقد إنتُقدت سياسة رفض أوباما الإنخراط عسكرياً لدعم التمرد في سوريا بشكل واسع. ومن السهل فهم الغضب في وجه المذبحة التي يقوم بها النظام السوري والشرور اليومية ل”داعش” و”جبهة النصرة”. ولكن الواقع الصعب، الذي فهمه أوباما، هو أن أياً من المقترحات الشعبية للتدخل من شأنه أن يجعل الأمور أفضل. لقد كان من المحكوم على سوريا الإنحدار إلى حرب أهلية بشعة تقريباً منذ اللحظة التي إختار فيها الرئيس بشار الأسد اللجوء إلى القمع العسكري للبقاء في السلطة وإختار خصومه بالمقابل حمل السلاح وتحويل الإنتفاضة السلمية إلى تمرد. كان يمكن أن تكون القوات الأميركية أكثر أو أقل إنخراطاً في الحرب الأهلية التي تلت ذلك، ولكن لا يمكن لأي حجم من التدخل العسكري الأميركي أن يحل المشكلة. وحتى مجرد عمل عسكري واسع النطاق على الأرجح كان فشل، كما أثبت بشكل مؤلم الإحتلال غير المثمر للعراق.
أنصار التدخل في سوريا عادة يصرّون على أنهم لا يريدون جنوداً أميركيين على الأرض. ولكن إدارة أوباما كانت على علم تماماً بالضغوط من أجل التصعيد الذي قد يتبع حتى عملية محدودة، لأن الأفكار لتدخل أميركي محدود لم تكن منطقية ولا معنى لها. لم يكن الاسد في وارد أن يهرب في أول بادرة من قاذفات حلف شمال الأطلسي، وحدود القوة الجوية قد ظهرت بالحملة الجوية في العراق وسوريا ضد “الدولة الإسلامية”. إن إقامة منطقة حظر للطيران كانت تستطيع أن تعطّل إستخدام سلاح الجو من قبل الأسد، لكنها لن تستطيع حماية المتمردين من قذائف الهاون أو الإجراءات والعمليات الأرضية. إن توفير أسلحة مضادة للطائرات للمتمردين يمكنها أن تحدث تغييراً تكتيكياً ولكنها أيضاً قد تشكل خطراً على الطيران المدني. كان سيكون على الجيش الاميركي الدفاع عن أي مناطق آمنة تُعلَن، والتي لا يمكن أن يتم ذلك فقط من الجو.
إن تسليح المعارضة، وهو الإقتراح الأكثر شعبية وواحد تبنّته الولايات المتحدة بشكل متقطع، كان دائماً أقل إحتمالاً للنجاح. وكانت المعارضة السورية من البداية مجزّأة بشكل ميؤوس منه وأصبحت بشكل متزايد أكثر تطرفاً فيما كانت الحرب تتابع سيرها في كل إتجاه. بحلول أوائل العام 2012، كانت كميات هائلة من المال والسلاح تتدفق بالفعل إلى جماعات المعارضة من دول الخليج وتركيا، والعمليات السرية الأميركة تسير على ما يرام. ولكن كانت هناك مجموعات قليلة فعّالة ومقبولة فكرياً وإيديولوجياً التي يمكن للولايات المتحدة أن تسلّحها بشكل مريح. إن تسليح المعارضة لن يعطي لأميركا حق السيطرة على هذه المجموعات، وكان يمكن أن ينطوي ذلك حتماً على دعم أميركي للجهاديين المتطرفين. المتمردون يقومون بأعمال المتمردين، وفيما تحوّلت الإنتفاضة السورية إلى تمرد، أصبحت أكثر تطرفاً ووحشية على نحو متزايد.
إن رعاة الأسد الخارجيين يعادلون تقريباً أي دعم يأتي للمتمردين. ونتيجة لذلك، فإن زيادة المساعدة الخارجية للمتمردين السوريين قادت فقط إلى توازن أكثر تدميراً للقوة، مع تقلبات طفيفة في كل اتجاه داخل مأزق إستراتيجي واسع النطاق. كما أن معارضة قوية كانت دائماً تصبح أقل إستعداداً لتقديم تنازلات، كما كان الأسد القوي. بإختصار أقل من تحقيق نصر صريح من جانب واحد، لا يمكن لأي ميزان قوى أن يُجبر الأفرقاء على المفاوضات.
في مواجهة كل ذلك، كانت إدارة أوباما حكيمة لمقاومة المنحدر الزلق للتدخل وبدلاً من ذلك حاولت تطويق حلفائها، وتشكيل شروط للمفاوضات، والتخفيف من المعاناة الإنسانية. إن أسوأ خطأ، إحباط التهديد بشن غارات جوية وصاروخية في آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) 2013 ضد النظام السوري، أظهر مدى السهولة التي يمكن فيها الإنجرار: كان الخط الأحمر لأوباما بالنسبة إلى إستخدام الأسلحة الكيميائية في الغالب خطابياً لإعطاء مظهر من القوة والمتانة، ولكن عندما أعلنه، أصبح مُكلفاً التخلّي عنه. كان أوباما حكيماً ما يكفي للسير بعيداً ودفع تكاليف من سمعته لتراجعه – ولكن ذلك يفيدنا إلى أي مدى كان حدوث التفجير قريباً.

تطور الإسلام السياسي

إعتزم أوباما منذ وصوله إلى السلطة هزيمة تنظيم “القاعدة” مع بصمة أخف وزناً، من خلال هجمات طائرات من دون طيار، والشراكات مع حلفاء محليين، وزراعة جماعات إسلامية أكثر إعتدالاً. وقد فهم الفروق الدقيقة في السياسة الإسلامية الداخلية وإغتنم الفرصة لتقسيم التيار الرئيسي للإسلام وإبعاده من تنظيم “القاعدة” ووقف الدوامة نحو صدام الحضارات.
على مدى السنوات الأربع الأولى من إدارته، كان هذا النهج ناجحاً بشكل كبير. خسر تنظيم “القاعدة” الأرضية السياسية والتنظيمية في جميع أنحاء المنطقة، وبلغ الأمر ذروته في قتل أسامة بن لادن في أيار (مايو) 2011. الجماعات الرئيسية مثل جماعة “الإخوان المسلمين” والمنظمات التابعة لها دخلت العملية السياسية بعد الثورات العربية، حيث فازت في الإنتخابات في تونس ومصر. إن خطاب أوباما في حزيران (يونيو) 2009 في القاهرة، والذي رفض فيه فكرة بأن الغرب والإسلام مقيّدان في صراع لا مفر منه، أطلق إستراتيجيته ضد الاسلاميين المتطرفين العنيفين إلى بداية فعالة، كما فعل الإنسحاب من العراق والتنصل من وحشية الحرب الغليظة على الإرهاب. كان إستعداد أوباما للعمل مع “الإخوان المسلمين” بعد سقوط مبارك خروجاً عن عقود من السياسة الاميركية وأقوى إشارة أرسلها أوباما من أي وقت مضى إلى أن واشنطن تؤمن بالديموقراطية بغض النظر عمَّن يفوز. في أوائل العام 2012، أثبتت سياسات أوباما بالنسبة إلى الإسلامين بأنها ناجحة.
الإنقلاب العسكري في مصر والإضعاف اللاحق لجماعة “الإخوان المسلمين”، والدعم الإقليمي للجهاد السوري، وسوء الحكم الطائفي لنوري المالكي في العراق – التي كلها، إلى حد ما، عارضتها إدارة أوباما — كانت الأسباب الرئيسية لإنبعاث الحركة الجهادية في شكل “الدولة الإسلامية” (داعش). إن حملة مكافحة الإخوان المكثفة في مصر والخليج أفقدت فكرة المشاركة الديموقراطية مصداقيتها، الأمر الذي أراح الأنظمة العربية المعادية للديموقراطية، وأزالت الحماية ضد التطرف العنيف التي كانت منحتها جماعة “الإخوان المسلمين” منذ فترة طويلة. وقد إستفاد تنظيم “الدولة الإسلامية” من النكسات على المستوى الاقليمي لجماعة الإخوان، التي أدت إلى إزالة منافس فكري وتنظيمي أساسي. وكما توقع فريق أوباما، فإن تصاعد العنف وعدم الاستقرار والتطرف في مصر كانت نتيجة مباشرة لهذا التحوّل القمعي.
خلقت الحرب الأهلية في سوريا البيئة التي يمكن للجهادية أن تستعيد جاذبيتها بعد سنوات من الإنخفاض. إن تنظيم “الدولة الإسلامية” نفسه إنبعث من بقايا التمرد العراقي الذي لم يُهزَم بالكامل وإزدهر في ظل سوء حكم المالكي الطائفي. وقد إزدهر وسط تمرد سوري مجزّأ متعدد الأقطاب الذي يشمل عدداً لا يحصى من الجماعات المماثلة إيديولوجياً بتمويل من تركيا ودول الخليج. وعرضت دول ممزّقة أخرى فرصاً ثانوية للتوسع. وقد إستفاد “داعش” أيضاً، ويا للسخرية، من نجاح أوباما ضد تنظيم “القاعدة”؛ إن مقتل بن لادن خلق فراغا في المركز الذي دعا إلى منافس من المحيط.
وقد ركز المحللون إهتمامهم على الخصوصيات الإيديولوجية لتنظيم “الدولة الإسلامية”، الذي غالباً ما تصرف كما لو لم يكن هناك أي تمرد في التاريخ قد إستولى على أراضٍ وحكمها، مستخدماً العنف الحي القبيح كأداة للسلطة، وتلقينه لأعضائه. وتنبع قوة تنظيم “الدولة الإسلامية” من ضعف خصومه ومن قدرته على الإستفادة من فشل الثورات العربية. وقد إزدهرت المجموعة التكفيرية في مجالات الإستقطاب الديني وإنهيار الدولة: في العراق وسوريا، بالطبع، ولكن أيضاً في ليبيا الممزقة ومصر بعد الإنقلاب. وقد نهل هذا التنظيم من الروايات والشبكات الجهادية عينها التي غذّت سابقاً تمرد تنظيم “القاعدة”، وتكتيكاته تنطوي على نحو متزايد على أنواع الهجمات الإرهابية التي كانت مرتبطة سابقاً بتنظيم “القاعدة”. إنه يتغذى من إدراك حتمي ولكن يمكن أن ينهار بسرعة إذا بدأت النكسات تتراكم. ولكن حتى إنهيار “الدولة الإسلامية” لن يفعل شيئاً يُذكر للحد من التحدي الأوسع الذي تمثله الطائفية والجهادية، التي تزدهر في البيئة الإقليمية الحالية.

الحجم المناسب والحجم الخطأ

إن رفض إدارة أوباما التدخل في سوريا تحدّت توقعات قوة الولايات المتحدة، وأثارت مخاوف ضخمة بين حلفائها، وأخلّ بتوازن القوى الإقليمي المُتصوَّر، وولّد أنماطاً جديدة من التوافق والصراع. إن إستراتيجية أوباما ضد “الدولة الإسلامية” تمثل نظرته الأوسع في المنطقة. يعترف أوباما بالتهديد ولكنه لا يبالغ فيه، وهو يزن دائماً تكاليف العمل مقابل الفوائد. وهكذا، فقد إستجاب لطلبات الحكومة العراقية للحصول على المساعدة ضد “الدولة الإسلامية” مع قدر أكبر من المساعدات والغارات الجوية، وإعادة محدودة للمستشارين العسكريين، ولكن ليست هناك قفزة إلى الوراء.
مثل هذا التقييد سوف يثير بإستمرار مقاومة جميع الجهات الفاعلة، التي تشكّلت إستراتيجياتها من قبل النظام القديم. في عهد إدارة جورج دبليو بوش، واجهت إسرائيل ضغطاً قليلاً لتحقيق السلام مع الفلسطينيين، وظن الطغاة العرب إلى أن التعاون ضد الإرهاب وإيران من شأنه أن يصرف الدعوات إلى إجراء إصلاحات ديموقراطية. كما تمتع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بمحادثات منتظمة بواسطة الفيديو مع رئيس الولايات المتحدة ودعم عسكري أميركي لا ينضب. هناك قلّة، إن وجدت، من قادة المنطقة والنخب كانت حريصة على تعطيل النظام الإقليمي الذي يناسبهم بشكل جيد. إن مسرحيات القوة العامة الأخيرة من قبل إسرائيل ودول الخليج لاستخراج المزيد من الدعم من واشنطن تعكس عدم تأكدهم من مكانهما في النظام الجديد.
ويبقى أن نرى ما إذا كانت سياسات أوباما سوف تمثل لحظة التحوّل في نهج الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أو أنها مجرد إنحراف مؤقت. إن خليفة أوباما، سواء كان ديموقراطياً أو جمهورياً، من المرجح أن يحاول تصحيح إخفاقاته المزعومة بالنسبة إلى التدخلات. هناك كثيرون في مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية يودون أن يروا عودة للوجود العسكري الأميركي في المنطقة، خصوصاً في العراق وسوريا. وبالتالي فإن الرئيس المقبل من شبه المؤكد أنه سيُسرِع في النأي بنفسه عن أوباما، ليكتشف بعد حين أن واقع الهيكلية للمنطقة تبرّر رؤية أوباما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى