عملة “بتكوين” تتسلل إلى المنطقة

يراقب العديد من المستثمرين سوق العملات في شكل يومي، إذ يرتفع الدولار أمام سلة العملات تارة وينخفض طوراً. لكن العملات لا ترتكز فقط على تلك التي يجري التداول فيها في الأسواق العالمية والمحلية، إذ ساهم إرتفاع الاعتماد على الإنترنت في نشوء عملات الكترونية لا يمكن تداولها في الأسواق العادية نظراً إلى عدم وجودها فعلياً.
وتعتبر “بتكوين” (bitcoin) نوعاً من هذه العملات، وان كانت الأشهر بين أخواتها. وتعج السوق الالكترونية بهذه العملة التي بدأت تشهد إقبالاً في عالمنا العربي، بعد إبتكارها في 2009 على يد رجل يلقب نفسه باسم “ساتوشي ناكاموتو”، والذي تبين أخيراً أنه خبير الكومبيوتر الأوسترالي كريغ ستيفن رايت.
وكأي نوع من العملات الافتراضية، ينطوي التعامل بهذه العملة على أخطار كبيرة، إذ يُمكن لـ”بتكوين” ان تفقد 80 في المئة من قيمتها السوقية خلال ثوانٍ قليلة، الأمر الذي يشكل خطورة واضحة على المستثمرين في هذا القطاع. وتتميز هذه العملة بإستحالة تقفي أثرها، الأمر الذي يجعلها العملة الأنسب لتبييض الأموال وتمويل العمليات الإرهابية، وهذا ما دفع ببعض الحكومات إلى تجريم التعامل بها ومنعها من التداول، كتايلاند مثلاً التي كانت أول من منع التداول فيها قبل ان ترخي القيود القانونية عليها في وقت لاحق.
وفرضت وزارة الخزانة الأميركية قيوداً على التعامل بهذه العملة، خصوصاً أنها غير صادرة عن أي مصرف مركزي ما يعفيها من أي سلطة رقابية عليها ويخضعها فقط للقانون الأساسي في السوق، أي العرض والطلب. وهذا القانون يعد أحد الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تذبذب قيمتها الشرائية، إذ وصل سعر شراء الـ”بتكوين” الواحدة اليوم إلى نحو 400 دولار بعدما كان 116 دولاراً في 2011.
لبنان أيضاً لم يكن بعيداً من هذه القوانين، إذ أصدر المصرف المركزي في العام 2013 تعميماً حمل الرقم 900 نبه فيه إلى أخطار التداول بالعملة الافتراضية ومذكراً فيه بالقرار الأساسي الرقم 7548 الذي صدر في 2000 والمتعلق بحظر إصدار النقود الالكترونية من أي كان ويمنع التعامل بها في أي شكل من الأشكال. وحذر التعميم من الأخطار التي قد تنتج من التعامل ب”بتكوين” وأبرزها أنها “لا تخضع لأي تشريعات وتنظيمات” بالتالي لا وجود لآلية قانونية تؤمن استرجاع الأموال المشتراة، إضافة إلى أنها “تسهل النشاطات الإجرامية الخاصة بتمويل الإرهاب وتبييض الأموال”.
وعلى رغم هذا التعميم، لا يمكن إنكار وجود هذه العملة في لبنان لكن مصادر بيعها غير واضحة، وإن وجدت فهناك صعوبة في معرفة الأشخاص الذين يتعاملون بها، وفق مصادر السوق. ويقول محمود الجعفيل، وهو أحد الأشخاص الذين حاولوا شراء “بتكوين” لاستعمالها في سوق الألعاب الالكترونية، ان هناك صعوبة “حقيقية” في شراء هذه العملة، إذ حاول التواصل مع شركات على شبكة الانترنت تقول إنها تبيع هذه العملة، لكن أحداً لم يعطه جواباً شافياً، مشيراً إلى ان البدء بعملية “التعدين” يتطلب جهداً وخبرة تكنولوجية، إضافة إلى كلفة مالية قد يصعب على أي كان تحملها. وفي شرح لعملية “التعدين”، هي عملية “إستئجار” للكومبيوتر الشخصي لحل معادلات رياضية، وعند كل حل صحيح، يُكافأ المستخدم بمبلغ ضئيل من “بتكوين”. وتتطلب هذه العملية وقتاً طويلاً وأجهزة كومبيوتر متطورة. وللقيام بهذه المهمة، على المستخدم شراء المعدات اللازمة للعملية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى