دول الخليج تدرس إجراءات للتعامل مع تراجع أسعار النفط

يرخي هبوط سعر البرميل إلى نحو 40 دولاراً بظلال ثقيلة على اقتصادات الدول المنتجة للنفط، وأخذت دول الخليج تحديداً سلسلة إجراءات لضبط موازناتها وإنفاقها العام على إيقاع هذه التغيرات، آخذة في الاعتبار الحفاظ على مستويات مرتفعة لاحتياطاتها النقدية.
واعتبر تقرير أصدرته شركة “آسيا للإستثمار” أن المشكلة الأساس تكمن في الإنفاق الحكومي. وجاء فيه “منذ عقود ارتأت الحكومات توزيع عائدات النفط على الدعم والوظائف في القطاع العام، إلا أنّها إكتشفت حالياً عدم قدرتها على الإستمرار في هذا النهج من الإنفاق”. وإستند التقرير إلى إحصاءات لم يذكر مصدرها، تظهر أنّ الإنفاق الحكومي على الرواتب في السعودية وعُمان بلغ أكثر من 50 في المئة من موازنتيهما، في حين تنفق الكويت 73 في المئة على الرواتب والدعم معاً، وخصّصت دبي وقطر نسباً أقل للإنفاق على رواتب القطاع العام تماشياً مع المعايير الدولية على رغم الارتفاع السريع للأجور في هذا القطاع.
وقدم “صندوق النقد الدولي” دراساتٍ توصي بالوقف التدريجي للدعم وخفض عدد موظفي القطاع العام كحل لمعالجة هذه المشكلة، ولكن الخبير الاقتصادي في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، ستيفان هيرتوغ، قدم اقتراحاً يوصي الحكومات بدفع راتب شهري لكل مواطن في سن العمل بغض النظر عما إذا كان يعمل أم لا، في مقابل وقف الدعم والتوقف عن تقديم مزيد من فرص العمل الجديدة في القطاع العام، على أن يمول هذا الصرف ولو جزئياً من خلال المدخرات الناتجة من التقليص في الدعم، لافتاً إلى أن تقاعد موظفي الخدمة في القطاع العام من دون إيجاد بديلٍ لهم، سيؤدي إلى الادخار في فاتورة الأجور ويساهم في تطبيق هذا النموذج فعلياً.
ووفقاً لتقرير “آسيا للاستثمار” فإن هذا الاقتراح سيجعل المواطن المستفيد الوحيد من الدخل بحيثُ يتم تركيز الإنفاق على المواطنين، بعدما كان متاحاً أيضاً للمقيمين”. أما مقارنة بالسياسات الأخرى، فإنّ تشتّت سوق العمل سيتقلّص نظراً إلى عدم اعتماد الدخل على ما إذا كان المستفيد يعمل أم لا، في حين أنّ الحافز للبحث عن وظيفة في القطاع الخاص الذي من شأنه أن يكمل الراتب سيظل موجوداً. وأخيراً والأهم من ذلك، أنّ هذا الاقتراح يتيح للحكومات فرصةً للدخول في مسار الاستدامة المالية الطويلة المدى، حيثُ يجب تعيين الدخل بمعدل منخفض بما فيه الكفاية لضمان ذلك ولتجنب عزوف المواطنين عن العمل تماماً.
لكن من المحتمل تأجّج معارضة قوية في حال تم تنفيذ أي تدبير لمنع المواطنين الخليجيين من الحصول على وظائف في القطاع العام، حتى بعد قيام الحكومة بدفع راتب شهري لكل المواطنين في سن العمل. ومؤكد أن دول المنطقة تعمل جاهدة على ضمان الاستقرار الاجتماعي والأمني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى