إستراتيجية رسمية لإنقاذ إقتصاد لبنان

ليس خافياً ما يعانيه لبنان من مشكلات اقتصادية وإجتماعية ومالية، فيما أثبتت الأزمة في سوريا مدى تأثيرها في إستقرار لبنان السياسي والأمني وعلى أوضاعه الاقتصادية.
في ظل الوضع الراهن والشغور الرئاسي وعدم الاستقرار الأمني والسياسي، لن تسجّل المؤشرات الاقتصادية أي تحسّن خلال 2016 ولن تكون أفضل من الأعوام السابقة ما لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة للمحافظة على ما تبقى من عناصر الاقتصاد المحلي.
أمام هذا الواقع، تأتي الرؤية الاقتصادية لوزارة الاقتصاد والتجارة لسنة 2016 والتي تعد إستكمالاً لتلك التي تم وضعها خلال 2015 لإلقاء الضوء على أبرز التطورات الاقتصادية في لبنان خلال العام الماضي والاجراءات الواجب اتخاذها لإعادة تحريك عجلة الاقتصاد، علماً أن الخطة الاقتصادية للحكومة ككل تترجم عبر الموازنة العامة التي تعبّر عن سياسة الحكومة في شتى ميادين إدارة الشأن العام.
ووفق رؤية الوزارة التي حصلت عليها “أسواق العرب” لا بدّ من إستراتيجية لإنقاذ اقتصاد لبنان، وهي عملية معقّدة تضم جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إلاّ أنه سيكون من شأنها إحداث تغيّرات كميّة وتحولات هيكلية تستهدف الارتقاء بمستوى المعيشة لكل أفراد المجتمع والتحسّن المستمر لنوعية الحياة فيه بالاستخدام الأمثل للموارد والإمكانات المتاحة. ويكون ذلك عبر تعزيز النمو الاقتصادي المستدام والمتوازن وجعله يفوق النمو الديموغرافي ونمو الدين العام. إلاّ أنه لكي يتم ترجمة هذه الاستراتيجية فعلياً، ينبغي التخطيط وتوفير البيانات والمعلومات اللازمة ووضع السياسات الاقتصادية الملائمة والأهم توفير الأمن والاستقرار اللازمَين.
من هنا، تقوم الخطة الاقتصادية لوزارة الاقتصاد والتجارة على المحاور الأربعة الآتية:
– تصحيح الأوضاع المالية: يجب أن يتم التركيز على إعادة تقييم السياسة المالية للدولة عبر وضع أهداف واضحة تبنى عليها الموازنة ” Golden Rules” ترافقها إصلاحات هادفة إلى توفير التوازن المالي وتحقيق أهداف الخطة الاقتصادية.
– إعادة إحياء ملف إنضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية.
– تحسين مناخ الأعمال المشجّع على الاستثمار والتجارة وحركة الرساميل الوافدة عبر تحديث التشريعات والأنظمة ذات الصلة وتفعيلها، وتطبيق الاستراتيجية الوطنية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم وتفعيل الديبلوماسية الاقتصادية.
– تحفيز مبادرات القطاع الخاص والافادة من قدراته، علماً أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تشكل السبيل الوحيد المتاح حالياً في لبنان لتطوير اقتصاد ناجح وبيئة سليمة ونوعية حياة عالية ومجتمع متقدم من خلال:
– التمويل والنهوض بمشاريع البنية التحتية، خصوصاً في قطاعات الكهرباء والمياه والطاقة المتجددة والطرق والبيئة وغيرها من المجالات. توفير فرص عمل بأعداد كبيرة وبنوعية عالية ولكل طبقات المجتمع خصوصاً أن مشاريع البنى التحتية تعتبر من أفضل السبل لاستقطاب الكفايات اللبنانية. استقطاب الاستثمارات الخاصة اللبنانية والعربية والدولية فضلاً عن استقطاب الامكانات الفنية والادارية العالية التي يتمتع بها القطاع الخاص واستثمارها في تنفيذ مشاريع حيوية للاقتصاد اللبناني ولا سيما مشاريع البنى التحتية التي تساهم في تحسين مناخ الأعمال في البلاد وإعادة الثقة بالكيان الاقتصادي.
– معالجة تداعيات أزمة اللاجئين السوريين على لبنان، ومن المتفق عليه أن الخطوات الواجب اتخاذها في سياق معالجة التأثير السلبي للاجئين السوريين على الاقتصاد اللبناني يجب أن تتخذ على صعيد الحكومة وليس على صعيد وزارة وحدها، وهنا يفترض وضع آلية تعاون واضحة المعالم على الصعيد الداخلي من جهة ومع الدول المانحة والمنظمات الدولية من جهة أخرى.
واستنتجت الوزارة أنه في ظل الأزمة المستمرة في سوريا والأوضاع الاقليمية المحيطة بلبنان وانخفاض سعر النفط الذي يؤثر بدوره على حركة الاقتصاد في الخليج منبع التحويلات الى لبنان، أن الاقتصاد المحلي في حاجة ضرورية إلى إجراءات اقتصادية وسياسية أقل ما يُمكن قوله أنه سيسوء في غيابها الوضع الاقتصادي كثيراً.
– التسريع في انتخاب رئيس للجمهورية لإعادة إحياء المؤسسات والحياة التشريعية وإقرار قانون انتخاب جديد لكي يتم على أساسه انتخاب مجلس نواب جديد.
– إقرار قوانين اقتصادية كموازنة سنة 2016 على أن تكون مبنية على خطة اقتصادية، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتفعيل دور القطاع الخاص في القطاعات الاساسيّة كالكهرباء.
– إقرار قوانين إصلاحية في الإدارات العامة لمحاربة الفساد وزيادة الإنتاجية في جهاز الدولة الإداري.
– تحفيز مناخ العمل عبر تطبيق الاستراتيجية الوطنية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وسنّ وتحديث التشريعات اللازمة وتفعيل الديبلوماسية الاقتصادية. وهذه الإجراءات كفيلة بالمساعدة على تعزيز النمو ورفعه، لأنها توفر الثقة لدعائم الاقتصاد الأساسية أي الاستثمار والإستهلاك إلاّ أنها تتطلّب تضافر جهود كل الوزارات القطاعية كالزراعة والصناعة والعمل وغيرها من الوزارات المعنية لكي تترجم فعلياً على الأرض وتعود بالفائدة على الاقتصاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى