بعد طول إنتظار، ليبيا لديها سببٌ للإبتسام

كابي طبراني

منذ أكثر من خمس سنوات أشعل المعارضون المناهضون للحكومة في الجماهيرية الليبية السابقة سلسلة من الأحداث التي أدّت الى حرب اهلية ومقتل العقيد معمر القذافي في تشرين الاول (أكتوبر) 2011. ومنذ ذلك الحين، كان هناك أمل ضئيل للتفاؤل فيما البلاد تحاول جاهدة تشكيل حكومة مُوحّدة جديدة لإدارة شؤونها، وإعادة بناء بنيتها التحتية المُدمَّرة، وتحقيق السلام والأمن والإستقرار في ربوعها.
الواقع أن القوى المناهضة للقذافي قد توحّدت في شيء واحد – في إزدرائها للرجل الذي قمع شعبه بإستخدام كافة أجهزة الدولة للحفاظ على السلطة. ومع إبعاده، إنحدرت البلاد إلى سلسلة من الصراعات بين الميليشيات المتنافسة التي ترتبط بعلاقات إقليمية ودينية وقيادية وقبائلية، مع ولاء قليل أو غير موجود لحكومة مركزية – إن كان مقرها في طرابلس، بنغازي أو طبرق.
إذا كان هناك شيء يحبه الإرهابيون والمتطرفون، فإنه غياب حكومة مركزية وموحّدة. في الواقع، لقد إستخدم كلٌّ من تنظيمي “القاعدة” و”داعش” الشقاق داخل ليبيا كفرصة لكسب موطئ قدم. في حين كان أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي على إستعداد لمساعدة المتمردين على الإطاحة بالقذافي، فلم تكن لديهم رغبة كبيرة لدعم العمل الجاد الذي يحتاجه الليبيون لإعادة بناء البلاد وإخراجها من فوضى الصراع.
الآن، وأخيراً، يبدو أن هناك علامات أولى حقيقية تدعو إلى التفاؤل. في الخامس من نيسان (إبريل) الجاري أعلنت حكومة “الإنقاذ الوطني”، غير المعترف بها، ومقرها في طرابلس، أنها ستتنحى في أقل من أسبوع بعد وصول حكومة الوحدة الوطنية التي تدعمها الأمم المتحدة إلى العاصمة الليبية والمُكلفة بإعادة إعمار البلاد التي تسودها الفوضى؛ كما أعلن كلٌّ من البنك المركزي الليبي وشركة النفط الليبية بأنهما يؤيدان حكومة الوحدة الوطنية وسوف يعملان معها؛ وأفادت عشر مدن وبلدات في غرب ليبيا بأنها ترحّب وتدعم الحكومة الجديدة.
وقد وصل أعضاء حكومة الوحدة الوطنية، التي يرئسها فايز السراج، على متن سفينة من تونس في أوائل الشهر الجاري بعدما أغلقت حكومة “الإنقاذ الوطني” المجال الجوي في طرابلس لمنعهم من الوصول إلى المطار (قبل أن تعلن تأييدها لها في وقت لاحق).
في هذه الأثناء، كان السراج يعمل من قاعدة بحرية تخضع لحراسة مشددة في العاصمة. وكانت حكومة “الإنقاذ الوطني” تشكّلت بعدما إنتصر تحالفٌ من الجماعات المسلحة الذي يدعمها بمعركة السيطرة على طرابلس في العام 2014، حيث أعادت الحياة إلى البرلمان المنحل المعروف بإسم “المؤتمر الوطني العام” – وقد عمل هذا المجلس بشكل مستقل عن البرلمان المنافس والحكومة المدعومة من قبل تحالف من الفصائل المسلحة المنافسة، التي إنتقلت إلى شرق ليبيا وإتخذت من طبرق عاصمة مؤقتة.
بوضوح، يمكن أن تكون هناك حكومة شرعية واحدة فقط. الآن، وأخيراً، ليبيا لديها واحدة. ولكن هذه ليست سوى الخطوة الأولى – إن المهمة الحقيقية حالياً تكمن في إعادة بناء الأمة وتوحيدها، وتحسين حياة جميع الناس، والتأكد من أن ليبيا خالية من الإرهابيين والمتطرفين الذين يزدهرون وينتعشون في أجواء الإنقسام والدمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى