هل يؤدي خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي إلى إنهيار مركز لندن المالي؟

لندن – ميشال مظلوم

حي لندن المالي، المعروف بال”السيتي” (City) هو الجزء الأكثر تعرضاً في الإقتصاد البريطاني في حالة خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي. إن الفائض التجاري البريطاني في مجال الخدمات المالية يبلغ حوالي 60 مليار جنيه إسترليني (85 مليار دولار)، ثلثه تقريباً يأتي من الإتحاد.
إذا، في إستفتاء حزيران (يونيو) المقبل، صوّتت المملكة المتحدة للإنسحاب من هذا الإتحاد، فإن أكبر المخاوف من المرجح أن تكون حول الخسارة المُحتمَلة لحقوق جواز المرور – الذي يسمح للشركات التي مقرها في المملكة المتحدة للبيع في جميع أنحاء الاتحاد – وفقدان العمل المقوّم باليورو .
من ناحية أخرى، هناك قلة تتوقع أن الدور الدولي الأوسع ل”السيتي” قد يتعرّض للضرر من ذلك كثيراً. إن مزايا لغتها، ونظامها القانوني، ومنطقتها الزمنية، ومجموعة المهارات الموجودة فيها سوف تبقى، وأن الشركات الكبرى مثل تلك التي تمارس صرف العملات الأجنبية وتداول الأوراق المالية وإدارة الأصول والتأمين سوف تستمر قوية.
في حال جاء الإتحاد الأوروبي بقواعد جديدة قاسية مثل فرض ضريبة على المعاملات المالية، فإنه من المتصور أن دور حي المال اللندني الخارجي يمكن أن يتعزز – بعد كل شيء، لقد وُلدت سوق السندات المقوّمة باليورو بسبب قوانين الضرائب الأميركية الصعبة والمحظّرة.
لكن “لو” كبيرة، توحدت البنوك والشركات المالية الكبرى في نظرتها إلى أن الوضع الراهن هو الخيار الأفضل. فقد أعلن مصرف “إتش أس بي سي” أن حوالي 1000 من مصرفييه العالميين والعاملين في التسويق من أصل 5000 يمكن أن ينتقلوا إلى باريس في حال إنسحاب بريطانيا من الإتحاد، على الرغم من أن هذا لم يمنع البنك من التأكيد أن مقره العام سيبقى في لندن.
هذه هي إذاً مناسبة نادرة جداً، عندما تكاد مشاعر البنوك تميل مع تلك للناخب العادي البريطاني: من الحكمة التعامل مع شيء مألوف تعرفه، على الرغم من أنك لا تحبه، من التعامل مع شيء لا تعرفه قد يكون أسوأ.
في الوقت عينه، إستطلاعات الرأي، مثل الأسواق، سوف تكون متقلبة خلال الأشهر القليلة المقبلة والحملة الداعية للإنسحاب سوف تشهد بالتأكيد إرنفاع حصتها في الأيام القليلة الأخيرة.
ولكن مهما كان الناخب البريطاني مستاء من بروكسل، فإن مزاجاً من الحس السليم والحفاظ على الذات عادة ما يأتي إلى معظم الناس عندما يدخلون إلى مراكز الاقتراع. لهذا السبب، فإن عملية إنسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ليست سهلة.
مع ذلك، بعد حزيران (يونيو)، إذا كانت المملكة المتحدة، كما هو متوقع، لا تزال في الإتحاد الأوروبي، فإن هذا سيترك الاتحاد الأوروبي يواجه جبلاً من المشاكل الأخرى التي يبدو أنه عاجز عن حلها – أزمة الهجرة، نظام عملة محلي لا يعمل في هذه المنطقة الواسعة، وبيروقراطية غير خاضعة للمساءلة في بروكسل. الإستثناء البريطاني هو بوضوح مصدر إزعاج للدول ال27 الأخرى الأعضاء، ولكن حل هذه المشكلة وإزالتها ليست نهاية الطريق للإتحاد فسوف يكون على موعد مستمر مع عدد ضخم من المشاكل الأخرى لحلها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى