ملامح معركة بين شركات الطيران في الخليج

من المرجح أن تنشب معركة اقتصادية على فضاءات الخليج بعدما قررت إيران إستثمار 27 مليار دولار في أسطول طائرات قادر على منافسة شركات الطيران الكبرى في المنطقة.
وطلبت إيران الشهر الماضي شراء عشرات الطائرات الأوروبية القادرة على قطع المسافات الطويلة بعد رفع العقوبات المفروضة عليها. ويقول مسؤولون في قطاع الطيران ومحللون إن طهران تتحضر بذلك لتصبح نقطة ترانزيت محتملة على الأجل الطويل بين الشرق والغرب تنافس مراكز إقليمية أخرى مثل دبي.
وتجلى ذلك في إختيار طهران طائرات “آرباص A380″، وهي أكبر طائرة في العالم وتستخدمها شركات طيران خليجية أخرى بما يبعث رسالة تحذير سياسية إلى جيران إيران بألا يتجاهلوا خروج إيران من عزلتها.
ويشير الإستثمار الإيراني أيضاً إلى إستراتيجية ترمي للمشاركة في عولمة قطاع النقل مع المنافسين الخليجيين حتى وإن كانت التحديات الاجتماعية والاقتصادية لبناء مركز عالمي تبدو هائلة أمام إيران.
وأبرمت الجمهورية الإسلامية صفقة لشراء 118 طائرة إيرباص ووقعت عقوداً لتوسعة مطار طهران الرئيسي خلال زيارة الرئيس حسن روحاني إلى أوروبا بعد أقل من أسبوعين من رفع العقوبات عن بلاده في مقابل الحد من برنامجها النووي. ومن المتوقع ألا تتجه جميع الطائرات إلى «إيران إير» لكن طهران تقول إنها ستعطي الأولوية لناقلتها الوطنية.
ولن تؤتي طموحات المركز الإيراني ثمارها قريباً، إذ يجب أن تركز الناقلات الإيرانية أولاً على إعادة بناء شبكة محلية مزدحمة وتقديم خدمات الطعام للسياح الوافدين ورحلات سفر رجال الأعمال.
وقال برورش في مقابلة: “لن تصل الطائرات “A380″ قبل خمس سنوات. نحتاج قبل ذلك إلى أن نراقب عن كثب توسعة مطار الخميني (طهران الدولي)”.
وتعد شركة الخطوط الجوية التركية المنافس الحقيقي الوحيد حالياً للناقلات الخليجية. لكن تشكيلة طائرات المسافات القصيرة والطويلة التي طلبتها إيران تشير إلى أن طهران تريد نصيباً من الغنائم في المستقبل.
وقال بيتر هاربسون رئيس مركز “سي. إيه. بي. إيه” لبحوث الطيران، الذي عقد إجتماعاً للطيران في طهران الشهر الماضي: “من الواضح أن الهدف (الذي تتبناه إيران إير) يتمثل بالمشاركة في تشغيل الشبكة التي أدارتها الناقلات الخليجية بكفاءة كبيرة”.
وحتى قبل ذلك تواجه “إيران إير” تحدياً في خدمة سوقها المحلية مع تطلع الناقلات الأجنبية إلى فرص في البلد الذي يقطنه 80 مليون نسمة.
وتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) نمو السوق الإيرانية لما يزيد على ثلاثة أمثالها من 12 مليون مسافر سنوياً الآن، معظمهم على رحلات الطيران الداخلية، إلى 44 مليون مسافر بحلول 2034.
وقال ديك فورسبرج كبير الخبراء الاستراتيجيين في شركة أفولون لتأجير الطائرات خلال قمة “سي. إيه. بي. إيه إيران للطيران”: “بينما تقوم شركات الطيران هنا (في إيران) بإعادة بناء قدراتها فإن الناقلات الإقليمية تتطلع إلى جذب المسافرين عبر المطارات الخليجية”.
وأضاف أنه سيكون من الصعب جداً على شركات الطيران الإيرانية استرداد هؤلاء المسافرين “في الأمد القريب وربما حتى في الأمد المتوسط”.
وامتنعت طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية عن التعليق في شأن إيران، بينما قالت الاتحاد للطيران في أبوظبي إنها ترحب دائماً بالمنافسة.
وقال مسؤول في قطاع الطيران الخليجي إن من السابق لأوانه تقويم خطط إيران، لكنه أضاف “إيران سوق جديدة للجميع. ويوجد طلب كافٍ”.
وتابع أن إيران ستحتاج إلى استثمارات ضخمة وتحسن المناخ السياسي للحاق بركب منافسيها الخليجيين “الذين يسبقونها 25-30 عاماً”.
وفي ظل عدد المسافرين عبر مطار طهران البالغ ستة ملايين مسافر سنوياً يبدو هذا المطار قزماً أمام مطار دبي الذي يتعامل مع 78 مليون مسافر. وتخطط إيران لرفع الطاقة الاستيعابية لمطارها إلى 45 مليون مسافر وصولاً إلى المستوى المستهدف البالغ 70 مليوناً.
وإذا قامت “إيران إير” بأية محاولة لمحاكاة نموذج المراكز الذي تعتمد عليه الناقلات الخليجية في أنشطتها فإنها قد تضيف مطاراً رابعاً كبيراً إلى ثلاثة مطارات تعمل بالفعل، من بينها اثنان في الإمارات وواحد في قطر.
وتساءل بعض الخبراء بالفعل عن مدى قدرة المنطقة على استيعاب ثلاثة مراكز قريبة من بعضها وبصفة خاصة في حال حدوث تباطؤ، لكن ناقلات خليجية تقول إن حركة السفر لا تزال قوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى