إيران: فرصة الكويت الضائعة

أبو ظبي – عمار الحلاق

قد تكون إيران قد عادت إلى الأعمال التجارية بعد سنوات من العقوبات. إن البلاد هي لاعب رئيسي: يبلغ حجم إقتصادها 400 مليار دولار، وهو ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد المملكة العربية السعودية، مع ثاني أكبر عدد من السكان بعد مصر. إذا تم رفع العقوبات ونجحت الحكومة في جذب رؤوس الأموال لتجديد قطاع النفط والغاز المتدهور، فإن البنك الدولي يقدر بأن النمو قد يرتفع من 1.9 في المئة في السنة المالية 2015 حتي 5،8 في المئة في العام 2016 و6.7 في المئة في العام 2017 . ومن شأن هذه العملية أن تخلق فرصاً كثيفة للتجارة والإستثمار.
من الذي يمكنه أن يستفيد من هذا التغيير؟ شركاء طهران التجاريون الرئيسيون الحاليون الصين والهند وتركيا، هي البلدان المرشحة المحتملة لكي تكون بمثابة قنوات لتسهيل تدفق التجارة ورأس المال، ولكن يمكن لمجلس التعاون الخليجي أيضا قيادة العملية. إن إمدادات نفط إضافية ستُبقي الأسعار منخفضة، ولكن الزيادة في النشاط غير النفطي يمكن أن تساعد المنطقة التي من المتوقع أن يتباطأ نمو ناتجها المحلي الإجمالي إلى أقل من ثلاثة في المئة في العام 2016. وعلى الرغم من العلاقات المعقّدة تاريخياً، فإن بعض البلدان على شاطىء الخليج الغربي حافظ على قنوات إتصال قوية مع إيران. إن رفع العقوبات قد يؤدي الى زيادة في التدفقات التجارية والاستثمارية التي من شأنها أن تشكل دفعة قوية لمنطقة تعاني بشدة من ضعف الاقتصاد العالمي وإنخفاض أسعار النفط.
الكويت، على سبيل المثال، يمكن أن تلعب دوراً محورياً في إعادة ربط إيران إلى العالم، على الأقل على الورق. يتمتع هذا البلد بعلاقات متينة مع الإقتصادات الغربية، وقد نجح في تشغيل قطاعه النفطي منذ العام 1975، والذي راكم لديه كميات كبيرة من رأس المال الذي هو على إستعداد لإستثماره. في السنين العشر الماضية، جنت الكويت 520 مليار من الفائض في الحساب الجاري، أي ما يعادل 130 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لإيران في العام 2014. ومع ذلك، هذا المزيج من العوامل – القرب الجغرافي والعلاقات الجيدة مع الغرب، ورأس المال – ليست فريدة من نوعها للكويت. الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر يمكن أن تدّعي ميزات مشابهة. سمة واحدة تجعل الكويت فريدة من نوعها هو الإندماج الناجح للأقلية الشيعية الكبيرة، التي تشير التقديرات إلى أن عددها حوالي ثلث عدد سكان البلاد الأصليين البالغ 1.3 مليون نسمة. ليست هناك دولة أخرى في العالم إستطاعت دمج المجموعتين (السنة والشيعة) بهذا النجاح: الشيعة في الكويت يتمتعون بفرص إقتصادية مماثلة لبقية المواطنين السنة للوصول إلى الأدوار الرئيسية في القطاعين العام والخاص. وفقاً لخبير شؤون الشرق الاوسط إبراهيم المراشي، إزدهرت العائلات التجارية الشيعية بدعم من الأسرة الحاكمة في الكويت، حيث أنشات مؤسسات مالية خاصة – إرتبط البنك الأهلي الكويتي عند ولادته بالعائلات الشيعية في البلاد – وحافظت على روابط وصلات تجارية ومالية مع إيران. لذا لكي تستطيع الكويت الإستفادة من عودة إيران الى الإقتصاد العالمي، ينبغي على الشيعة الكويتيين إعادة تنشيط شبكات تجارتهم النائمة التي تم بناؤها على مدى أجيال لتحديد فرص الإستثمار في الوقت الذي يوفرون الوساطة التجارية والشبكات المالية لشركائهم الإيرانيين.
ولكن هذا لن يحدث. هذه الشبكات التي كانت موجودة منذ أكثر من ثلاثة قرون تكاد تكون غير موجودة الآن. أولاً لقد تضررت – على الرغم من أنها لم تنقطع – خلال الحرب بين إيران والعراق، عندما إنحازت الكويت إلى العراق. ولكن تخريب المنشآت النفطية الذي أقدم عليه الشيعة الكويتيون في أواخر ثمانينات القرن الفائت هو الذي أعطى الضربة القاضية للعلاقة الإيرانية – الكويتية. لقد خلقت الهجمات ضجة في البلاد، مع طلب البعض بمنع الشيعة من العمل في صناعة النفط. لقد كان على المجتمع الشيعي أن يتخذ تدابير جذرية لتفادي أي شك في إلتزامه وولائه للكويت. وقد قطع صلاته مع إيران، وهو وضع لم يتغير منذ ذلك الحين. في العام 2014 إستوردت إيران سلعاً بقيمة 162 مليون دولار من الكويت، أي ما يعادل 0.2 في المئة من وارداتها. ولم يتم تسجيل أي صادرات من إيران الى الكويت من قبل صندوق النقد الدولي. وقد رحبت الحكومة الكويتية رسمياً بنتائج المفاوضات النووية إلا أن هذا الوضع من غير المرجح أن يتطور إلى شراكة إقتصادية ذات صلة.
ومن المفارقات أن دولة الإمارات العربية المتحدة، أحد البلدان الذي إتخذ مواقف أكثر صرامة وحدّة ضد إيران، ستستفيد أكثر من غيرها. على الرغم من النزاعات الإقليمية منذ فترة طويلة التي أدت إلى مواقف غير ودية من حكام أبو ظبي بالنسبة إلى أي تقارب مع إيران، إضافة إلى ضغط الولايات المتحدة على الإمارات التي أوقفت كل العلاقات التجارية والشبكات المالية مع طهران، فإن كان تدفق الاستثمار والتجارة سينمو بسبب إنضمام إيران إلى الأسواق الدولية، فإن التأثير سيكون ضئيلاً للغاية في الكويت، في حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستجني الفوائد من عمليات الوساطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى