الإختيار الصحيح للجنة “نوبل”

مع منح جائزة “نوبل” للسلام ل”رباعية الحوار الوطني” في تونس، فقد إحتفظت لجنة “نوبل” السويدية بقدرتها على مفاجأتنا جميعاً بتركيزها على القضايا الكبرى التي تبني السلام في المدى الطويل. بدلاً من النظر إلى المنظمات والأفراد الذين سرقوا الأضواء وإنتزعوا عناوين الصحف ونشرات الأخبار أخيراً، فقد كرّمت العمل الذي خلق قصة النجاح الوحيدة في العالم العربي بعد العام 2011، عندما عبرت تونس وإجتازت أخطر أزماتها في العام 2013 بمؤازرة أربع منظمات وطنية: الإتحاد العام التونسي للشغل” وأمينه العام حسين عباسي، و”الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية” ورئيسته وداد بوشماوي، و”الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين” وعميدها محمد الفاضل محفوظ، و”الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان” ورئيسها عبد الستار بن موسى.
وأوضحت اللجنة أنها إختارت رباعية الحوار التونسية بسبب المبادئ الكبرى الكامنة وراء عملها، عندما ساعدت تونس على تشكيل حكومة دستورية تكفل الحقوق الأساسية لجميع السكان، بغض النظر عن الجنس أو المعتقد السياسي أو المعتقد الديني. لقد أكّدت رئيسة لجنة جائزة “نوبل”، كاسي كولمان فايف، على الرؤية الأوسع للجنة عندما قالت أنها تأمل أن تكون هذه الجائزة مصدر إلهام لجميع أولئك الذين يسعون إلى تعزيز السلام والديموقراطية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبقية العالم.
إرتكبت لجنة جائزة “نوبل” بعض الأخطاء وإتخذت بعض القرارات المثيرة للجدل في الماضي. مع ذلك، فإنها لا تزال الجائزة الوحيدة التي تهمّ وتعني شيئاً كبيراً في عالمنا اليوم. الواقع أنه كان من الغرابة إختيارها الإتحاد الأوروبي في العام 2012 أو رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما، بعد أشهر فقط على وصوله إلى البيت الأبيض، في العام 2009. ومع ذلك، فإن إختيار محمد يونس في العام 2006 أو آل غور في العام 2007 كانا تذكيراً للعالم بأن السلام لا يقوم فقط على الإستقرار السياسي أو العسكري، ولكنه يتطلب أيضاً كوكباً مستقراً وشعوباً مزدهرة.
هذا العام، كان هناك الكثير من التكهنات التي ركّزت على المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل بسبب دورها في تغيير الموقف الأوروبي تجاه تدفق اللاجئين السوريين؛ وعلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف لنجاحهما في التوصل إلى الإتفاق النووي الإيراني؛ وعلى البابا فرانسيس لإستيراده وحقنه الديناميكية الروحانية في الخطاب العام. ومن الملهم والمهم أن نلاحظ أن زعماء العالم هؤلاء قد أفسحوا المجال وفتحوا الطريق أمام مجموعة من المهنيين العرب الذين وضعوا بلادهم أولاً وفوق كل إعتبار … ليت زعماء لبنان يتعلّمون ويقتدون.

كابي طبراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى